قمة الدوحة تتعثر بالنصاب وقطر تنفي «شرخ» عربي.. وموسى يعلن: الصورة سيئة جداً

الهاشمي فاجأ المسؤولين بإعلان مشاركته بعد قرار بغداد عدم المشاركة

عمرو موسى خلال مباحثاته مع الأمين العام للأمم المتحدة في القاهرة أمس قبل مغادرته إلى الكويت (أ.ف.ب)
TT

تعثرت قمة الدوحة الطارئة أمس بعدما وقف عدد الدول الي وافقت على حضورها عند 14 دولة، فيما النصاب القانوني 15 دولة. وكانت مصادر قد أعلنت اكتمال النصاب القانوني لعقد القمة، لكن الجامعة العربية أكدت لاحقا أنه حتى مساء امس، كانت الدول التي وافقت على حضور القمة 14، من اصل 22 دولة عضو في الجامعة العربية. وزاد الأمر تعقيدا الالتباسات في مشاركة دول من بينها المغرب والعراق، فبعدما أعلن المغرب ليل اول من أمس موافقته على حضور قمة الدوحة، أكد مصدر في وزارة الخارجية المغربية لـ«الشرق الأوسط» ان قرار المغرب لم يتخذ بعد، فيما لا تزال العراق غير مؤكد قرارها. وقالت مصادر دبلوماسية عربية مشاركة في اجتماعات الكويت امس لـ«الشرق الأوسط» ان هناك حالة استقطاب سياسي عربي حاد، وان الاتصالات التليفونية لم تتوقف بين الوفود العربية، كما ان الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، دخل امس في اتصالات تليفونية محمومة مع المسؤولين العرب حول قمة الدوحة. واوضحت المصادر العربية، ان مساعي كثيفة بذلت ليل امس لتأمين النصاب القانوني، وأنه عندما ظهر ان موقف بعد الدول غير واضح، قال دبلوماسيون مؤيدون لعقد القمة الطارئة في الدوحة، انه يمكن ان يتم عقد القمة بمن حضر، بغض النظر عن مسألة النصاب القانوني، غير ان هذه الانباء لم تتأكد من جانب قطر، أو من جانب الجامعة العربية. وكانت قطر قد أعلنت أنها نجحت في جمع النصاب الكافي لعقد القمة العربية الطارئة. ونسبت وكالة الانباء القطرية الى رئيس الوزراء الشيخ حمد بن جاسم قوله ان قطر تلقت أسماء الوفد العراقي الى القمة العربية، وبذلك يزيد الى 15 عدد الدول العربية اللازمة لعقد قمة عربية رسمية، وهي بانتظار ابلاغ بغداد للجامعة العربية بذلك كتابة. ونسبت وكالة الانباء القطرية الى الشيخ حمد قوله «ان هناك اجتهادا عربيا نأمل ان يؤدي الى الهدف المهم، وهو الوصول الى حل للوضع في قطاع غزة». وأضاف أن قطر تلقت تجاوبا ايجابيا من بعض الدول التي كانت تنتظر اكتمال النصاب قبل اتخاذ القرار بشأن المشاركة. وقال الشيخ حمد ان بلاده ستحضر قمة الكويت على أعلى مستوى بغض النظر عن عقد القمة الطارئة بشأن غزة في الدوحة أم لا. ونفى الشيخ حمد بن جاسم أن يكون هناك «شرخ عربي» بشأن انعقاد القمة العربية الطارئة في الدوحة. وقال في تصريحات للصحافيين على هامش اجتماع اللجنة المكلفة بحث أزمة دارفور في الدوحة : «نتمنى أن تعقد القمة.. فقد اكتمل العدد وقد بعث العراق بأسماء الوفد المشارك، وننتظر أن يبعثوا خطياً إلى الجامعة العربية.. ووصلتنا ردود إيجابية من الدول التي تنتظر أن يكتمل النصاب لتحضر». وبشأن الدول التي امتنعت عن حضور القمة، أجاب قال: «إننا نحترم وجهات نظرها، وكل وجهات النظر العربية الأخرى.. إنني متأكد أنها نابعة عن حرص.. ودعوتنا لعقد القمة (إذا تمت) أيضا نابعة عن حرص، ولا نعتقد أن هناك شرخا عربيا، ولكن هناك اجتهادا عربيا نأمل أن يؤدي لحل هذه القضية». كما أوضح الشيخ حمد أنه إذا تم اجتماع الدوحة، فليس فيه إنقاص لقمة الكويت الاقتصادية التي ستحضرها قطر على أعلى مستوى. وقال: «نحن نقدر الكويت، والقمة في الكويت ونعطيها كل الأهمية والاحترام». وأضاف: «الحدث في غزة يستدعي قمة منفصلة لأن هناك دماء تسفك وظروفا صعبة يعيشها الاخوة في فلسطين.. ونريد أن يشعر العالم بأن الاجتماع ليس على هامش قمة تعقد ولكن يعقد لأهمية الحدث الحاصل». وتتطرق الشيخ حمد الى العلاقة بين بلاده والسعودية ومصر، حيث قال إنها «علاقة أخوة وتفاهم، ومتأكد من أنهم حريصون على الاجتماع، والعاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز له مواقف عربية واضحة، وكذلك الرئيس المصري حسني مبارك، ومصر لها تاريخ في النضال العربي، ولا نشكك في موقف أي طرف عربي. قد تكون هناك وجهة نظر مختلفة لكنها تصب في المصلحة العامة». وحول دعوة الفصائل الفلسطينية لحضور القمة، قال: «لم ندع أحداً ونتحدث عن دعوة الدول العربية الممثلة في الجامعة العربية». واختتم حديثه قائلا: «المهم الآن هل ستعقد القمة؟ هذا ما نسعى لحسمه».

واذا عقدت القمة من دون اكتمال النصاب، فلن ترعى الجامعة العربية هذا الاجتماع، ولن تعتبر قراراته سارية. وقال وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط في مؤتمر صحافي إن الدول التي لم توافق على القمة هي المغرب وتونس ومصر والسعودية والأردن والعراق والبحرين والكويت. وكان موسى قد أعلن فور وصوله إلى الكويت ان المشاورات ما زالت جارية على المستوى العربي. واشار الى انه قام باتصالات مكثفة مع كل وزراء الخارجية العرب، وان النصاب لم يكتمل حتى هذه الساعة (ظهر امس)، وان عدد الدول التى أرسلت موافقة خطية لعقد القمة الطارئة في قطر وصل الى 14 دولة، فيما نصاب انعقاد القمة يتطلب موافقة 15 دولة عربية. وأوضح موسى انه يواصل المشاورات مع الحكومة الكويتية حتى يتم حسم مسألة انعقاد قمة الدوحة. واضاف موسى: «من المنطق أنه لا يمكن عقد قمة إلا بعد تحديد الموعد وإعداد الاوراق، وما ستنتهي اليه القمة». ورداً على سؤال حول ما اذا كانت الكويت تستضيف القمة الطارئة بدلا من قطر، اوضح موسى بأنه سيجري اتصالات في هذا الشأن. وعن اجتماع وزراء الخارجية العرب بالكويت والذي كان مقررا غدا، اوضح «اذا لم يتم صباح الجمعة في حال انعقاد قمة قطر، فسوف يعقد مساء الجمعة للإعداد للقمة الاقتصادية، والتي سوف تتعرض ايضا للأوضاع بغزة». ووصف موسى الوضع العربي المنقسم «بين قمتين» بأنه يثير بلبلة لدى الرأي العام العربي. ورداً على سؤال لـ«الشرق الاوسط» عن تأثير هذه الجهود العربية المشتتة على العلاقات العربية، قال موسى: «هناك اضطرابات وتشتيت للجهد العربي اضافة الى حالة الانقسام». وتابع: «الصورة (في العالم العربي) سيئة جدا»، مضيفا ان «الانقسام العربي يجب علاجه وليس تعميقه، ونرى انه يجب ان يكون هناك توافق في الرأي». وحول ما إذا كانت قطر تريد إحراج كل من مصر والسعودية من خلال دعوتها لقمة طارئة في الدوحة، قال موسى: «إن التعبيرات والاجتهادات كثيرة والأفضل ألا أدخل في هذا الآن». وردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول ما قدمته قطر للجامعة من أوراق حول الإعداد لقمتها، أوضح موسى أنه لم يصله شيء محدد، ولكن قمة قطر في حالة انعقادها سوف تركز على الوضع بغزة والعالم العربي. وذكر ان قمة الكويت تحظى باهتمام، وان الاعداد لها يسير وفق الاجتماعات المقررة اليوم وغدا. وكان موسى قد وصل الى مطار الكويت في تمام الساعة السادسة بتوقيت الكويت. وكان في استقباله مندوب الكويت لدى الجامعة، وكذلك سفيرها في القاهرة. ولوحظ انشغال موسى بتلقي الاتصالات طوال الفترة التي امضاها بالمطار، حوالي نصف ساعة تقريباً. وعلمت «الشرق الاوسط» ان الدول التي وافقت على دعوة قطر حتى مساء امس هى: الصومال ـ جزر القمر ـ قطر ـ سورية ـ لبنان ـ موريتانيا ـ اليمن ـ السودان ـ الجزائر ـ ليبيا ـ الامارات ـ سلطنة عمان ـ فلسطين). وأشارت المعلومات إلى ان المغرب كان قد قدم موافقته على القمة ثم قام بسحبها، وتجري محاولات مع العراق للدفع بالموافقة إلا ان هذه المحاولات لم تسفر بعد عن اعلان موافقة العراق الرسمية. ومن المعروف ان وسائل الاعلام تناقلت انباء عن اكتمال نصاب القمة قبل سحب المغرب لموافقته، وكذلك اثناء محاولة حصول قطر على موافقة من العراق. وتتحدث الأروقة السياسية في مواقع انعقاد الاجتماعات التمهيدية للقمة الاقتصادية عن جهود واتصالات لقطر لإكمال نصاب عقد القمة، فيما تحدث البعض عن نوايا طيبة تجاه الدول المصرة على القمة، بينها ان كل دولة تحاول من جانبها الضغط لوقف اطلاق النار في غزة، وهناك من يرى ان وجهة النظر التي ترى انعقاد القمة التشاورية بالكويت لا تفي بالغرض، وانه من المفروض عقد القمة مبكرا للعمل على ايقاف العدوان الاسرائيلي. ويشير البعض إلى انه لا فائدة من انعقاد قمة في وقت متأخر لأن وقف اطلاق النار قد تبادر به اسرائيل خلال الاسبوع المقبل قبل إعدادها للانتخابات الاسرائيلية، والتي ستكون بعد ثلاثة اسابيع. وكانت مصادر دبلوماسية قد اوضحت بأن قطر سوف تعقد القمة بالدول 15 فقط دون توجيه الدعوة لكل من خالد مشعل وتركيا وحماس، وان القمة لا تحتاج لأوراق او اي إعداد. الى ذلك، شهدت الاوساط السياسية العراقية إرباكاً امس بسبب تضارب الانباء حول مشاركة العراق في قمة الدوحة. وعند الاتصال بعدد من المسؤولين العراقيين رفيعي المستوى للاستفسار عن مشاركة العراق، كان الجواب «لا نعلم بعد». وبعد التصور الاولي بان هذا الجواب ياتي ضمن المراوغة وعدم إعطاء تصريح صحافي، ظهر لاحقاً بأن المسؤولين الرفيعي المستوى لم يعلموا القرار النهائي الرسمي للعراق بعد تضارب أحدثه قرار الهاشمي الذهاب الى الدوحة على الرغم من اتخاذ الحكومة العراقية قرار عدم المشاركة في القمة العربية. واوضح مسؤول عراقي طلب من «الشرق الاوسط» عدم الكشف عن هويته، بسبب حساسية الموضوع، ان الحكومة العراقية قررت عدم المشاركة «كي لا يحسب العراق على معسكر بدل من معسكر اخر، وعدم التأثير على قمة الكويت المهمة والتي نريد نجاحها، كما اننا اكدنا على ضرورة مناقشة الوضع في غزة على هامش القمة الاقتصادية في الكويت». وافادت مصادر عراقية مطلعة بانه بعد اتخاذ الحكومة العراقية عدم المشاركة، «اتصل نائب الرئيس العراقي بمسؤولين في قطر وعبر عن رغبته في المشاركة في القمة وتمثيل العراق». وتعثر الاتصال بمكتب نائب الرئيس العراقي لتأكيد الخبر ولكن افاد بيان من مكتبه حصلت «الشرق الاوسط» على نسخة منه جاء فيه: «يغادر الأستاذ طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية الخميس الى العاصمة القطرية الدوحة ليرأس وفد العراق في مؤتمر القمة العربية الطارئة والتي ستخصص لبحث الاوضاع في قطاع غزة». واضاف البيان ان الهاشمي «اكد في تصريحات صحافية يوم (اول من امس) امس ضرورة عقد قمة عربية طارئة لمناقشة العدوان الاسرائيلي الغاشم على غزة واتخاذ موقف عربي حازم بشأنه، كما اجرى عدة اتصالات مع ممثلي الامم المتحدة والولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا من اجل التدخل لوضع حل عاجل وسريع يوقف العدوان الاسرائيلي المتواصل عليها».

وبسبب التضارب في الموقفين تقرر عقد اجتماع طارئ للمجلس التنفيذي يضم الرئيس العراقي جلال طالباني ونائبيه طارق الهاشمي وعادل عبد المهدي مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بحث مشاركة العراق في القمة، ما جعل اعلان العراق موقفا رسميا من القمة الطارئة معلقاً حتى مساء امس. ورداً على سؤال «الشرق الاوسط» حول ما اذا كانت دولة معينة تضغط على العراق لعدم المشاركة في القمة، قال مصدر عراقي مسؤول: «نحن حريصون على موقف عربي جامع والقرار جاء ضمن رغبتنا بعدم المشاركة على حساب معسكر أو اخر». واضاف: «المشاركة اصبحت قضية مسيسة داخلياً وهناك اطراف تريد استغلال الموقف لتظهر امام الناخبين بصورة معينة، ونحن على وشك انتخابات محلية مهمة». وتابع: «الضغوط هي ضغوط داخلية ومسيسة، ولكن من الضروري اتخاذ قرار يمثل الدولة العراقية ككل». الى ذلك، قال مصدر اردني مطلع إن الأردن سيحضر القمة العربية الطارئة في الدوحة اذا اكتمل النصاب في الجامعة العربية بإعلان ثلثي الدول الاعضاء حضور القمة، مشيرا الى ان التوجه العام لدى الدولة الاردنية حضور القمة اذا عقدت واكتمل النصابُ ولكن بمستوى يمثل أقل من راس الدولة. وتوقع المصدر ان يحضر القمة رئيس الوزراء او وزير الخارجية او اي وزير يكلف بترؤس الوفد الاردني. واوضح ان وزير الخارجية الاردني صلاح البشير غادر الى الكويت لحضور اجتماع وزراء الخارجية والمشاركة في القمة الاقتصادية التي ستعقد بالكويت. وكان وزير الدولة لشؤون الاعلام والاتصال ناصر جودة قد قال حول اجتماعات القمة العربية: «ان الاردن دائما مع الإجماع العربي والعمل العربي المشترك ووحدة الصف العربي، ولذا فانه مع الإجماع العربي في موضوع القمة ومع كل الجهود العربية والدولية الرامية الى وقف هذا العدوان الاسرائيلي الغاشم على غزة وحماية الشعب الفلسطيني.