الرئيس اللبناني سيقول في الكويت ما قاله في الدوحة: المبادرة العربية موضع إجماع لبناني

مصادر لـ«الشرق الأوسط» : سليمان لن يتخلى عن دوره كرئيس توافقي رغم الحملات

TT

يستعد الرئيس اللبناني ميشال سليمان للمشاركة في القمة الاقتصادية العربية التي ستقام في الكويت غدا حاملا المواقف نفسها التي حملها في مؤتمر الدوحة رغم كل «الضجيج» المثار في لبنان حول الموقف الرسمي من الوضع في غزة، والتباين المعلن بين فريقي الاكثرية والأقلية البرلمانية اللذين يتشاركان الحكومة ويختلفان في كل ما عدا ذلك.

ولا يبدو سليمان متأثرا بالعاصفة التي ثارت في لبنان قبيل سفره الى الدوحة، والتي ترجمت في التظاهرة التي أقامتها قوى «8 آذار» قرب السفارة الاميركية والتي هوجم فيها سليمان واتهم فيها بالـ«أمركة»، وووجه بالترحم على أيام سلفه الرئيس اميل لحود، بالاضافة الى ما كتبته وبثته وسائل اعلام معروفة الانتماء. فهي كلها بنظر سليمان «زوبعة في فنجان». ولذلك فهو – كما تقول مصادر مطلعة على مواقفه لـ«الشرق الاوسط» – لا يلتفت الى الحملة التي شنت عليه، والتي يفترض أن تنتهي بعد انتفاء مبرراتها، ولا الى الحملة المؤيدة التي ظهرت مفاعيلها في مواقف قيادات «14 آذار» حرصا من الرئيس على موقعه رئيسا توافقيا يكون الحكم بين الطرفين.

ويدرك سليمان ـ كما تقول المصادر ـ إن الوضع اللبناني مركب ومعقد، وان التركيبة الداخلية محكومة بطرفين، لهما امتداداتهما وتحالفاتهما الداخلية والخارجية، وبالتالي هو يحرص على البقاء على مسافة واحدة من الأطراف، وإن أزعج هذا بعض الأطراف عندما يمتنع عن القيام بما يريدونه منه أن يقوم به. وهو يرفض القيام بأي شيء من شأنه الإضرار بصورته كرئيس توافقي يجمع حوله اللبنانيين على اختلاف ميولهم وتوجهاتهم السياسية، لا أن يقف مع طرف دون آخر، وهو لن يحيد عن سياسته الوفاقية التي اعتمدها منذ كان قائدا للجيش.

ولهذا ينظر الرئيس الى أن ما جرى هو «موقف تم التعبير عنه وانتهى عند هذه الحدود». فهو ذهب الى الدوحة وكان موقفه هناك واضحا وكانت كلمته «مدروسة بالحرف والنقطة والفاصلة»، وتشير المصادر الى أن سليمان اعترض على الفقرة العاشرة من مقررات «قمة غزة» المتعلقة بتعليق المبادرة العربية «لأن المبادرة العربية هي موضع اجماع لبناني كما كانت موضع اجماع عربي، وتنص على منع التوطين (الفلسطيني في لبنان) وفيها مصلحة للبنان وضمانة له».

وأوضحت المصادر أن الرئيس اللبناني سيحمل معه الموقف نفسه الى قمة الكويت دونما التفات الى البلبلة الداخلية التي جرت، وأنه مستمر في التعبير عن اقتناعاته ومواقفه السياسية الواضحة.

وفيما يحزم سليمان حقائبه الى الكويت، كانت ترددات المواقف التي تعرضت له واضحة في مواقف القيادات اللبنانية. وفيما سارع رئيس مجلس النواب نبيه بري الى انتقاد التعرض لسليمان، مؤكدا «وطنيته ومناقبيته»، صمتت قيادات الأقلية البرلمانية الاخرى، فيما كانت قيادات الاكثرية تندد بالتعرض له.

ورأى نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري (14 آذار) ان «موقف رئيس الجمهورية ميشال سليمان في لقاء الدوحة أثار مرة جديدة الفخر في نفوس اللبنانيين، وأعاد اليهم شعورا بالكرامة افتقدوه سنوات طويلة، وخصوصا في العهد السابق الذي يحن اليه البعض اليوم، ويهتفون في التظاهرات مطالبين بالعودة اليه لا سمح الله».

وقال مكاري ان «الموقف اللبناني في لقاء الدوحة، في ما يتعلق بالمبادرة العربية للسلام، وتمايزه الواضح عن الموقف السوري، كرس عودة لبنان، مع الرئيس سليمان دولة مستقلة، تملك قرارها ولا تتبع أحدا، ولا تتلقى كلمة السر من أحد، بل تختار مسارها من دون ان يكون هذا المسار محكوما بالتلازم مع أي مسار آخر». وأضاف: «لقد كسر الرئيس سليمان ما كان يعتبره البعض من المحرمات، وانهى بوضوح نغمة التناغم مع سورية في السياسة الخارجية». ولاحظ ان «الرئيس سليمان تصرف بحكمة في ما يتعلق بلقاء الدوحة، رغم ضجيج الهتافات الصادرة ضده من تظاهر عوكر، فحضر بتحفظ عن الشكل، وتحفظ عن المضمون رغم حضوره، فأبعد لبنان عن لعبة المحاور مرتين: الاولى بعدم مقاطعته في الشكل، والثانية بعدم مشاركته في المضمون». وتوقع «ان يثير موقف الرئيس سليمان غضب أعداء لبنان والطامعين به، وان تتصاعد الحملة الاعلامية والسياسية ضده، استكمالا لحفلة عوكر»، وأضاف: «الأرجح أن التصويب على الرئيس سيتم من الآن فصاعدا بمختلف العيارات السياسية، لكن أداءه الى اليوم أثبت انه لا يخضع للضغط والابتزاز، ونأمل ان يبقى على هذا النحو، محصنا بارتياح اللبنانيين الى نهجه المستقل عن الصراعات الداخلية، ولكن المنحاز الى سيادة لبنان واستقلالية قراره».

واستنكر رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع «حملة الضغوط التي تعرض لها رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان»، معتبرا انها «تصرف غير مقبول في ظل القرار اللبناني الموّحد الذي يتم التداول به داخل مجلس الوزراء وليس في الشارع، ولاسيما أن جميع القوى السياسية ممثلة فيه». ولفت الى أن «هذه الطريقة بالتعامل مع رئيس البلاد هي أبعد ما يكون عن روح التوافق وعن كل ما تمّ الاتفاق عليه في الدوحة، معرباً عن دعمه لموقف الحكومة اللبنانية والدول العربية الداعي لوقف فوري لإطلاق النار في غزة، مجدداً أسفه لكلّ ما يجري فيها».

واستغرب النائب عاطف مجدلاني «الحملة المنظمة التي استهدفت رئيس الجمهورية في الايام الاخيرة والتي عكست بوضوح استمرار سياسة فرض الرأي ورفض الديمقراطية والتمايز في المواقف وتخوين الرأي الآخر». وحيى الرئيس سليم الحص الرئيس اللبناني «على مشاركته الفعالة في مؤتمر القمة العربية في الدوحة». وأشاد بـ«النتائج التي أسفر عنها هذا المؤتمر، مع ان المؤتمر جاء متأخرا وكان من المفترض ان تعقد قمة عربية فورا بعد نشوب العدوان على غزة. ثم اننا نؤمن بأن أية قمة عربية يجب ان تطلق حركة متابعة لتنفيذ مقرراتها فلا تكتفي بإعلانها».