قمة دولية لغزة في شرم الشيخ اليوم.. ومبارك يرفض أي مراقبين أجانب

مصر تعتبر الاتفاق الأميركي ـ الإسرائيلي لا يعنيها.. وعرض أوروبي لمراقبة بحرية تمنع تهريب الأسلحة

حاخامات يهود خلال تظاهرة حاشدة خرجت في لندن تنديدا بالعدوان على غزة (تصوير: حاتم عويضة)
TT

أكدت ألمانيا أمس، انعقاد قمة حول غزة اليوم في شرم الشيخ في مصر، وقال متحدث باسم المستشارة الألمانية، انجيلا ميركل، إن «الأخيرة ستشارك فيها».

وفي القاهرة قالت مصادر مطلعة، إن «لقاءات متعددة ومكثفة لمسؤولين أوروبيين، ومن الأمم المتحدة، والجانب الفلسطيني، مع الرئيس المصري حسني مبارك، من المقرر لها أن يشهدها منتجع شرم الشيخ، على البحر الأحمر اليوم، للدعوة لوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة»، مشيرة إلى أن تلك «اللقاءات سيشارك فيها كل من الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، ورئيس وزراء بريطانيا، غوردن براون، ورئيس وزراء أسبانيا، خوسيه ثاباتيرو، ورئيس وزراء تركيا، رجب طيب أردوغان، ورئيس وزراء ايطاليا، سيلفيو بيرلسكوني، والأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، إضافة للرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن)». لكن مصادر أوروبية قالت إن «مصر دعت قادة أجانب وخصوصا من أوروبا، ولكن من دون الإسرائيليين والفلسطينيين، إلى المشاركة في قمة حول غزة». وأعلن الإليزيه أمس أن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي سيترأس مع الرئيس مبارك القمة الدولية، في حين أفادت وكالة أنباء الشرق الأوسط بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت اتصل بالرئيس المصري حسني مبارك أمس السبت، وأكد تجاوب إسرائيل مع الدعوة التي وجهها لوقف إطلاق النار في غزة. وبينما أعلن الرئيس مبارك أمس في القاهرة، أن «مصر لن تقبل أبدا أي تواجد أجنبي لمراقبين على أرضها»، مشددا على أن «ذلك خط أحمر لم - ولن - أسمح بتجاوزه». قال رئيس الوزراء البريطاني، غوردون براون أمس، إن «بريطانيا وفرنسا وألمانيا، عرضت إرسال سفن حربية إلى الشرق الأوسط، للمراقبة ولمنع تهريب السلاح إلى غزة، من أجل المساعدة في الوصول إلى وقف لإطلاق النار».

وأضاف أن «الدول الثلاث أرسلت رسالة مشتركة إلى الحكومتين الإسرائيلية والمصرية، تلخص العرض الخاص بتقديم المساعدة البحرية. وهذه الدول راغبة أيضا في المساعدة في مراقبة المعابر الحدودية».

وقال براون للصحافيين في مكتبه، بداونينج ستريت، «سنبذل قصارى جهدنا في منع تهريب الأسلحة التي كانت أساس بعض المشكلات التي سببت هذا الصراع». وأشار إلى أن «بريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي الأخرى، مستعدة لزيادة المعونة الإنسانية بصورة كبيرة، إذا تم الاتفاق على وقف لإطلاق النار».

وجدد الرئيس مبارك دعوته لإسرائيل أمس، «لإنهاء عملياتها العسكرية في قطاع غزة على الفور، وسحب كل القوات الإسرائيلية تماما من القطاع»، قائلا إن «بلاده تعمل على تأمين حدودها مع إسرائيل وقطاع (غزة)، ولن تقبل أبدا بأي تواجد أجنبي لمراقبين على أرضها»، لأن هذا «خط أحمر لم ولن أسمح بتجاوزه».

وقال مبارك في كلمة متلفزة أمس، إن «العدوان الإسرائيلي يمثل تصعيدا خطيرا في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، وعبر ما شهدته القضية الفلسطينية من مراحل وتطورات، خلال الستين عاما الماضية، لقد رعت مصر هذه القضية منذ عام 1948، وقدمت من أجلها ما لم يقدمه أحد آخر من تضحيات، انطلقت من أرض مصر (منظمة التحرير الفلسطينية)، ودعمناها بالمال والسلاح، تمسكا بأن يصاحب السلام المصري الإسرائيلي، اتفاق للحكم الذاتي للفلسطينيين، وصولا لإقامة دولتهم المستقلة، كنا مع أبو عمار (رئيس السلطة الفلسطينية، الراحل، ياسر عرفات)، في نضاله من أجل شعبه، وأخرجناه من حصاره في لبنان، كنا معه في (مؤتمر مدريد)، ووضعنا أسسا ومبادئ السلام العادل، دعمناه كرئيس للسلطة الوطنية الفلسطينية، فور تشكيلها، أعادته مصر إلى غزة، وقمت بمرافقته - شخصيا - حتى (رفح)، في أول عودة له، وللقيادات الفلسطينية للأراضي المحتلة من عام 1967، رفضنا تشجيعه على قبول تسوية ظالمة في (كامب ديفيد) عام 2000، كنا معه ومع الشعب الفلسطيني في الانتفاضة الأولى والثانية، ومع أبو مازن في جهوده من أجل الدولة الفلسطينية المستقلة، ولم نحاول يوما إملاء مواقف بعينها على الفلسطينيين».

وتابع الرئيس المصري قائلا: «لقد احتضنت مصر شعب فلسطين وقضيته، بمواقف واضحة، ودور يسعى إليها لاعتبارات عديدة، تمارسه بشرف وتجرد منزه عن الغرض، وتتحمل على طريقه الكثير من العناء والمصاعب، ومزايدات تأتي ممن لم يقدموا شيئا لشعب فلسطين وقضيته، ولا يستطيعون، لقد تواصلت جهودنا لتحقيق الوفاق الوطني الفلسطيني، دعونا لأن يكون قرار أبناء فلسطين بأيديهم، بعيدا عن التدخلات الخارجية وضغوطها وإغراءاتها، ودعونا لأن تقف المقاومة الفلسطينية وراء المفاوض الفلسطيني، تشد أزره في الدفاع عن قضيتهم، وسعيهم لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، قلنا لمن يقسمون الصف العربي، بين (دول الاعتدال) و (دول الممانعة)، ماذا فعل الممانعون لشعب فلسطين وقضيته؟ وماذا فعلوا لتحرير الأراضي العربية الرازحة تحت الاحتلال؟». وأضاف: «لقد تحسبت مصر من وقوع هذا العدوان (الإسرائيلي) الراهن، وبذلت جهودا متواصلة كي تحول دون وقوعه، سعيا - دون كلل - لتمديد التهدئة، أبلغنا الأخوة الفلسطينيين بأن رفض التمديد سيمنح إسرائيل الذريعة للعدوان، وقمنا - في ذات الوقت - بتحذير إسرائيل من الاعتداء على غزة، وطالبنا قادتها بممارسة أقصى درجات ضبط النفس».

وقال: «عندما وقع العدوان على (غزة)، كان موقفنا أن فظائعه - المدانة والمرفوضة- لا تحتاج لبيانات الشجب والاستنكار، بقدر ما تحتاج لتحرك عملي عاجل يوقف العدوان ويحقن الدماء، رأينا أن التحرك العملي هو الأكثر جدوى لوقف العدوان، تحرك يحتوي تداعياته على أهالي (غزة)، بعيدا عن الخطب الرنانة والشعارات الفارغة، واجتماعات تكتفي ببيانات الإدانة والمزايدة، وتبادل الاتهامات، تدفعها محاولات للعب الأدوار وبسط النفوذ، تؤدى لتعميق الخلافات العربية، وتمعن في شق الصف العربي».

وأضاف أن مصر بذلت «جهودا مضنية – ولا تزال - لوقف العدوان واحتواء تداعياته الإنسانية على الأهل في (غزة)، فتحنا معبر (رفح) منذ اليوم الأول للعدوان، أدخلنا من هذا المعبر ما يزيد على (1000) طن من مساعدات الإغاثة والأطقم الطبية، وما يقرب من (400) جريح فلسطيني للعلاج بمستشفياتنا، قمنا بدفع ما يزيد على (2000) طن من المساعدات الإنسانية من معبر (العوجة)، وضغطنا على إسرائيل لفتح باقي المعابر، أمام مساعدات الغذاء والدواء والوقود».

وتابع قائلا عن المبادرة المصرية لوقف النار: «طرحنا المبادرة الوحيدة للخروج من الأزمة، وسعينا لإنجاحها باتصالات لم تتوقف، مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، والأطراف الدولية الفاعلة، طرحت مصر هذه المبادرة في غياب أية مبادرات أخرى لوقف نزيف الدماء، وفى مواجهة مماطلة مجلس الأمن الدولي في النهوض بمسؤوليته. وبرغم اعتماد قرار المجلس (1860) بعد يومين من طرح المبادرة المصرية، فإن العلميات العسكرية الإسرائيلية لا تزال متواصلة بقطاع (غزة) المحتل».

وأوضح مبارك قائلا: «لقد استمر التحرك المصري ـ في سباق مع الزمن ـ لوقف إطلاق النار، وشهد حلقات متتالية من المفاوضات المكثفة والصعبة مع الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، كما شهد تمسك كلا الجانبين بمواقف، لا يحتملها نزيف الدم المتواصل في (غزة)، إن مصر - في سعيها لوقف العدوان - تعمل على تأمين حدودها مع إسرائيل وقطاع (غزة)، ولن تقبل أبدا أي تواجد أجنبي لمراقبين على أرضها، وأقول إن ذلك خط أحمر لم - ولن - أسمح بتجاوزه».

وأضاف: «تأسيسا على ما دعت إليه المبادرة المصرية، وما تم في إطارها من مشاورات، فإنني أطالب إسرائيل اليوم، بوقف عملياتها العسكرية على الفور، أطالب قادتها بوقف فوري غير مشروط لإطلاق النار، وأطالبهم بالانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية خارج القطاع، إنني أدعو مخلصا لمواقف مسؤولة من إسرائيل والفصائل الفلسطينية، تستجيب لنداء العقل والضمير، وتضع نهاية لما يسقط كل يوم من الشهداء والضحايا، وتنهى معاناة أهلنا في غزة وآلامهم».

وأكد أن «مصر سوف تواصل جهودها - فور وقف إطلاق النار - من أجل استعادة التهدئة في غزة، وإعادة فتح المعابر ورفع الحصار عن أهاليها، وسوف يظل معبر رفح مفتوحا أمام مساعدات الإغاثة المصرية والعربية والدولية، وأمام الحالات الإنسانية، إلى حين التوصل لترتيبات إعادة تشغيله، وفق اتفاق المعابر لعام 2005، بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل والإتحاد الأوروبي».

وأضاف أن «مصر عازمة على مواصلة جهودها لتحقيق الوفاق الوطني الفلسطيني، بما ينهي الانقسام الراهن، ويضع حدا لتداعياته على شعب فلسطين وقضيته العادلة، وسوف تدعو مصر لمؤتمر عالمي للدول والمؤسسات الدولية المانحة، من أجل حشد الموارد اللازمة لإعادة إعمار غزة، وتعويض ما لحق ببنيتها الأساسية، ومنشآتها من تدمير وخسائر فادحة، وأن مصر سوف تمضي في الوقوف بجوار الشعب الفلسطيني، ولا تلتفت للمزايدات والمهاترات والصغائر، وتحفظ الهوية العربية، والشأن العربي من محاولات الاختراق، وتسعى كعهدها لما يجمع العرب ولا يفرقهم».

من جانب آخر قال وزير الخارجية المصري، أحمد أبو الغيط أمس إن «مصر ليس لديها التزام بالاتفاق الأميركي الإسرائيلي، المتعلق بوقف تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة»، موضحا بقوله «لا يلزمنا أي أتفاق أميركي إسرائيلي على الأرض المصرية، يعملون ويفعلون ما يرغبون في أعالي البحار، أو في أي منطقة في أفريقيا، أما فيما يتعلق بالأرض المصرية فلا يلزمنا شيء، إلا الأمن القومي المصري، والقدرة المصرية على حماية حدودنا، وهذا جهد ذاتي، مصر تتبناه وسوف نتمسك به».

وأضاف أبو الغيط، خلال مؤتمر صحافي مع وزير خارجية التشيك، كارل شواريزنبرج، الذي تتولى بلاده رئاسة الإتحاد الأوروبي حاليا، خلال زيارته لمصر، أنه «عندما تحدثت الوزيرة الأمريكية، كوندوليزا رايس، الأسبوع الماضي، قائلة إنهم يعدون لمذكرة تفاهم، قلنا لها، لا نعلم عن هذه المذكرة شيئا، ولا تعنينا في شيء». وأضاف: «ليس لدينا التزام بهذه المذكرة على الإطلاق، وهذا أمر إسرائيلي-أميركي، يفعلون فيه ما يفعلون، وحقيقة الأمر أن هذه المذكرة تسعى لفرض السيطرة في أعالي البحار في أنحاء البشرية، وهذا أمر يتعلق بهم وبإسرائيل».

وعن المطالبين لمصر بقطع علاقتها بإسرائيل، أوضح أبو الغيط: «قيل لنا فلتسحبوا السفراء، ولتقطعوا العلاقات، وقلنا: وما الحل والحال إذا ما توقف القتال والعدوان، هل سنذهب إلى إسرائيل لنقول لهم فلنعود إلى العلاقات، أم ستبقى الأمور في هذا الانقطاع، بما له من تأثيرات ضارة على مصالح الشعب الفلسطيني، لأن مصر والأردن هما النافذة على الشعب الفلسطيني، لكي يستطيع أن يتنفس».

وحول العقبات التي تحول دون إعلان وقف إطلاق النار، قال أبو الغيط إن «التعنت الإسرائيلي هو العقبة، لأن إسرائيل بالغة التعنت، ولأن إسرائيل شربت من خمر العنف والقوة، وتتصور أن كل شيء يمكن إتمامه بالعنف والقتل»، وأضاف أن «إرهاب الشرق الأوسط عن طريق القوة، لن يرهب العرب ولن يرهب الفلسطينيين».