اختتام قمة الكويت ببيان توافقي بعد خلافات عربية.. وملف المصالحة الفلسطينية بيد وزراء الخارجية

سورية وقطر طلبتا تضمين مقترحات قمة الدوحة.. ومصر رفضت القبول بقرارات قمة غير مكتملة حضرها الرئيس الإيراني

TT

اختتمت القمة الاقتصادية العربية الأولى الاقتصادية، والتي ألقى العدوان على غزة بظلاله على أعمالها، ببيان توافقي لا قرارات، بعد أن برزت خلافات في اللحظة الأخيرة رغم أجواء المصالحة التي سادت أول من أمس، بعد مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، لمصالحة عربية، وأعترف الأمين العام للجامعة العربية أن الوضع العربي «لا يزال ليس على ما يرام». وكشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» ما دار في الجلسة المغلقة لاجتماع وزراء الخارجية العرب، والذي سبق الجلسة الختامية التي حضرها القادة، حيث برزت اختلافات حادة بين الدول العربية، حيث أصرت كل من سورية وقطر على الإشارة إلى قرارات «قمة غزة» الطارئة التي عقدت في العاصمة القطرية الدوحة، الجمعة الماضية، وكذلك الدعوة إلى تجميد العلاقات مع إسرائيل، وقالت المصادر إنه عندما رفض وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط هذا التضمين بصراحة، وقال أمام الوزراء العرب إنه لا يمكن القبول بقرارات قمة عربية غير مكتملة و يحضرها رئيس إيراني، تدخل وزير الخارجية السوري للرد والمطالبة بتعليق المبادرة العربية للسلام.

غير أن رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم، رد بالقول إن دعوة الرئيس الإيراني أتت، كما دعي رؤساء غيره، في إشارة إلى ضيوف القمة الاقتصادية العربية، قبل أن يتدخل وزير الخارجية السوري وليد المعلم، للمطالبة بتعليق المبادرة العربية للسلام، وتجميد العلاقات العربية الإسرائيلية، فيما كان رئيس الوزراء القطري يصر، بدوره، على تضمين مقترحات قمة الدوحة، «وإلا لن نصل إلى اتفاق»، وهو الأمر الذي تسبب في نهاية الأمر، وفقا للمصادر التي حضرت الاجتماع الوزاري، في إنهاء الاجتماع قبل نهايته، خوفا من انقسام أكبر في الجسم العربي، خصوصا بعد أن بدأ التوتر يظهر جليا على الاجتماع الوزاري، نتيجة المشادات التي حدثت بين عدد من الوزراء.

وتقول المصادر إنه بعد أن أنهيت الجلسة المغلقة لاجتماع وزراء الخارجية، تحولت الأنظار إلى الاتصالات التي جرت بين القادة ورؤساء الوفود، للخروج ببيان توافقي، بدلا من قرارات كانت القمة ستخرج بها، مما أخر الجلسة الختامية بانتظار ما تسفر عنه هذه اللقاءات الثنائية والجماعية، والتي استقرت في نهاية الأمر بإصدار هذا البيان الذي خرجت به القمة.

وهنا أكدت مصادر دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط» أن اجتماع وزراء الخارجية «لم يتلقف مبادرة الملك عبد الله بن عبد العزيز التصالحية جيدا، وهو ما فاجأ حضور اجتماع وزراء الخارجية، باعتبار أن بعض الدول العربية كانت تصر على عدم الخروج بقرارات تؤيد التوجه العام لقمة الكويت، والمضي في درب المصالحة عبر التوافق على الإجماع العربي، في المحاور الرئيسية، التي كان من المفترض أن تخرج بها قرارات القمة».

وبحسب المصادر الدبلوماسية، فإن الاتصالات التي أعقبت اجتماع وزراء الخارجية، الذي انتهى قبل إقرار قرارات القمة، تمخضت عن الخروج ببيان توافقي لا يؤدي إلى فشل القمة، نتيجة توجه بعض الدول، وهو ما أفضى في النهاية إلى الخروج بالبيان الذي أشار بصراحة إلى تكليف القادة لوزراء الخارجية والأمين العام لجامعة الدول العربية بـ«متابعة التشاور حول الدفع بالجهود العربية، لتحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية، وتنقية الأجواء العربية بالبناء على مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، وما تم تحقيقه في قمة الكويت في هذا المجال».

وقالت المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط» إن حالة التفاؤل التي أعقبت المبادرة السعودية بالمصالحة العربية، كانت أرضية خصبة رأتها عدد من الدول العربية، للدفع بمصالحة فلسطينية - فلسطينية، تحدد أطرها في هذه القمة، «إلا أن عودة التوتر إلى الأجواء العربية نتيجة تعنت بعض الدول، ألقت بظلالها على تلك المحاولات، وترك الأمر إلى انتظار ما ستذهب إليه المشاورات التي سيقوم بها وزراء الخارجية العرب».

وقرأ الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، بيانا مقتضبا في اختتام القمة، بخصوص الوضع في قطاع غزة، جاء فيه أن القمة تحيي صمود الشعب الفلسطيني وبسالته في وجه العدوان الإسرائيلي الهمجي. ووفقا للبيان أدانت القمة العربية العدوان الإسرائيلي، وطالبت بانسحاب قوات الاحتلال من غزة فورا، ورفع الحصار، وتثبيت وقف إطلاق النار، وتحميل إسرائيل مسؤولية الجرائم التي ارتكبتها بحق الشعب الفلسطيني، والقيام بما يلزم لملاحقة المسؤولين عنها قضائيا أمام المحافل الدولية.

وقد أشاد وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري، بخطاب خادم الحرمين الشريفين، ووصفه بالخطاب التاريخي، من حيث الاستعداد، والرؤية لتجاوز كل الخلافات العربية. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن خطاب الملك عبد الله بن عبد العزيز إنساني وقومي، ويعالج الكثير من حالة الاحتقان التي سادت في المنطقة طوال الأشهر الماضية.

إلا أن وزير الخارجية العراقي اعتبر أن المصالحة التي تحققت في الكويت تحتاج إلى أن تترجم على مستويات أخرى وزارية، وعلى مستوى كل المسؤولين بين الدول التي تصالحت، وكذلك انعكاس ذلك على الفصائل الفلسطينية.

وأضاف زيباري: «حتى نكون صرحاء لا بد من الاعتراف بوجود بعض الخلافات البنيوية في النظام العربي، بمعنى: لماذا هناك إخوة كبار وصغار؟ فالمطلوب أن يكون الجميع إخوة. وكذلك عدم التقليل من جهد أي دولة، وانتهاء بما يسمى بأن هناك دولا لها حق الفيتو».

وردا على سؤال حول مشكلة قرار غزة في البيان الختامي، قال إن المشكلة الأساسية حدثت عندما طلب الإشارة إلى بيان غزة في قمة الدوحة، وإضافة فقرة تقر بأن تلك القمة عقدت وأسهمت في حل موضوع غزة، ورفضت هذه الفقرة لأسباب، منها أن قمة الدوحة شارك فيها من غير العرب، وأن النصاب لم يكتمل لعقدها رسميا، وأنه شارك فيها جزء من الفلسطينيين دون الرئاسة الفلسطينية. وأضاف الوزير: «لهذا اتفق على صدور بيان حول غزة يحظى بإجماع الآراء»، دون الدخول في التفاصيل.