خالد عبد ربه لـ«الشرق الأوسط»: قتلوا بناتي أمام عيني وعجزت عن مساعدتهن

جيش الاحتلال أعدم «خيالا» حاول مساعدتنا على إسعافهن

TT

ظن بأن التهدئة لمدة ثلاث ساعات التي أعلنتها إسرائيل بعد أسبوعين من الحرب على غزة، وأتت على البشر والشجر وحتى الطير والحجر، ستوفر الأمن والسلام له ولأسرته التي تعيش شرق عزبة عبد ربه شمال قطاع غزة.

وقال خالد عبد ربه، 32 عاماً، الذي حوصر وأفراد أسرته لمدة خمسة عشر يوماً، في منزله، لـ «الشرق الأوسط»: «قررنا، زوجتي وانا وأطفالي الثلاثة، منذ أن أعلنت إسرائيل التهدئة لمدة ثلاث ساعات الخروج من المنزل خاصة ان المواد الغذائية قد نفدت، كذلك الماء، اضافة الى انعدام وسائل الاتصال بالمحيط الخارجي. هممن بالخروج يسبقنا اطفالنا إلا أن جنود الاحتلال استقبلونا بالرصاص الحي ونحن نتخطى عتبات باب المنزل فقتلوا اثنتين من بناتي الثلاث بينما أصيبت الثالثة بجروح خطيرة». واضاف «لم نستطع أنا وزوجتي مواصلة الخروج من المنزل وراء بناتنا حتى لتقديم المساعدة لهن وهن يمتن أمام اعيننا بسبب اطلاق النار الكثيف.. ولكن والدتي المسنة، 65 عاماً، لم تحتمل المشهد فانطلقت تقودنا الى خارج المنزل رافعة الراية البيضاء مقتنعة بان شيخوختها تحول دون استهدافي وزوجتي من الاحتلال. ولكن ما ان اقتربت هي من البنات الثلاث الملقيات على الأرض غارقات بدمائهن حتى اطلق الجنود عليها النار فأصابوها في قدميها لتقع هي ايضا غارقة في دمائها الى جانب البنات الثلاث».

وتابع حديثه لـ«الشرق الأوسط» وعلامات الحزن والأسى في عينيه وبحديث متقطع من هول ما شاهده «لم نستطع انا وزوجتي أن نرى أطفالنا وأمي يموتون أمام اعيننا ولا نقدم لهم المساعدة، فاقتربنا منهم غير آبهين برصاص الاحتلال وبقناعة إما أن نموت جميعاً أو نسعف أطفالنا وأمي.. فحملت ابنتي الشهيدتين على كتفي فيما حملت زوجتي ابنتي المصابة والدماء تنزف منها». وعن أمه قال: « تحاملت على نفسها وقررت السير معنا رغم إصابتها في قدميها، لمسافة كيلومتر تقريباً. كنا نسير ونحن نتعثر بجثث ومصابين في الشوارع» واضاف «كان المشهد مرعبا وازداد سوءا مع مشاهد الدمار والخراب الذي أصاب البيوت والمنازل والمباني بالمنطقة»، واصفاً المشهد بـ «تسونامي». وتابع القول «ما أن وصلنا دوار زمو عند مدخل العزبة في اتجاه بلدة جباليا حتى رآنا خيال على متن فرسه فوقف مصدوماً من مشهدنا ونزل على الفور لتقديم المساعدة لنا وليجعل من فرسه سيارة اسعاف بعد ان عجزت سيارات الإسعاف عن الوصول للمكان لأن قوات الاحتلال تستهدف كل ما هو متحرك في المنطقة بما فيها الطواقم الطبية. حمل جثة ابنتي الأولى على فرسه، لم يمهله جنود الاحتلال بل عاجلوه وهو يهم بتحميل جثة البنت الثانية برصاصة في رقبته واردوه قتيلاً.

وقال عبد ربه: «تابعنا السير نحو كيلومتر آخر حتى وصلنا إلى إحدى سيارات الإسعاف التي كانت في المكان، ونقلتنا إلى مستشفى كمال عدوان شمال القطاع»، مؤكداً أن ابنته الثالثة في حالة موت سريري.

وأشار إلى أنه عاد ليطمئن على المنزل المكون من أربعة طوابق عقب وقف إطلاق النار بعد اثنين وعشرين يوماً من القصف والتدمير، فوجده ركاما، وقال: «لم يكف اليهود قتل بناتي بدم بارد أمام عيني فدمروا مأوانا بعد أن تركناه قائماً على حاله».