بان كي مون بعد جولة تفقدية: ما رأيته ينفطر له القلب.. ولا بد من محاكمة المسؤولين

تعهد في أول زيارة لمسؤول دولي لغزة.. بالعمل مع حكومة فلسطينية تضم حماس

اسرة فلسطينية تعود الى انقاض منزلها في مخيم جباليا شمال غزة امس ( إ ب أ)
TT

أعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن صدمته من حجم الدمار الذي حل بقطاع غزة خلال العدوان الإسرائيلي الذي دام 22 يوماً، وأسفر عن مقتل اكثر من 1412 فلسطينياً، منهم أكثر من 400 من الأطفال و110 من النساء، وجرح ما يزيد عن 5300 شخص. وقال إنه يجب محاسبة ومحاكمة المسؤولين عن استهداف المدنين ومقرات الأمم المتحدة.

وفي الوقت ذاته، أدان مون اطلاق الصواريخ من قطاع غزة على جنوب اسرائيل، ووصف ذلك بأنه «غير مقبول مطلقاً». ودعا لبذل «جهد دولي هائل» لحل الصراع في الشرق الاوسط وإقامة دولة فلسطينية تعيش جنبا الى جنب بسلام مع اسرائيل. وقال انه «مصمم اكثر من اي وقت مضى على تحقيق ذلك». وكان مون يتحدث في مؤتمر صحافي عقده، بعد عصر امس، في مقر «الأونروا» الذي تعرض للقصف الإسرائيلي خلال العدوان الذي اسفر عن مقتل شخصين واصابة 40 آخرين، عقب جولته في مواقع الدمار التي خلفته الحملة العسكرية الاسرائيلية على مدى ثلاثة اسابيع، استخدمت فيها اسرائيل الغارات الجوية والقصف المدفعي من الدبابات ودمرت آلاف المنازل. وقال إنه زار العديدَ من المواقع في القطاع، وان ما رآه «ينفطر له القلب»، مشدداً على ضرورة محاسبة المسؤولين عن استهداف هذه المواقع. وكان كي مون قد وصل الى غزة امس في اول زيارة لمسؤول دولي منذ سيطرة حركة حماس على القطاع في 14 يونيو (حزيران) 2007. وارتدى بان كي مون سترة واقية من الرصاص بألوان الامم المتحدة الزرقاء تواكبه قافلة من سيارات عدة دخلت غزة عبر معبر ايريز (بيت حانون) الفاصل بين شمال قطاع غزة واسرائيل. ولم يلتق خلال زيارته أيا من مسؤولي حركة حماس. يُشار الى ان توني بلير رئيس الوزراء البريطاني السابق ومبعوث اللجنة الرباعية (الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الاوروبي والامم المتحدة) حاول في العام الماضي زيارة غزة إلا انه ألغى الزيارة في اللحظة الاخيرة متعذرا باسباب امنية وخطورة على حياته وفقاً للتوصيات الامنية الاسرائيلية. وأكد مون تضامنه مع الشعب الفلسطيني بغزة. وقال إن الأمم المتحدة ستعمل ما في وسعها لمساعدتهم في المجالات الإنسانية، كما تعهد بالعمل مع حكومة فلسطينية موحدة بالضفة الغربية وقطاع غزة، وهو ثاني مسؤول دولي يعلن عن هذا الموقف بعد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، داعيا في هذا السياق إلى تحقيق المصالحة والوحدة الداخلية الفلسطينية، مؤكدا أن الوحدة الوطنية الفلسطينية هي المطلب لكي تفتح المعابر. وطالب حماس وجميع الفصائل بالوحدة، وبإجراء تحقيق كامل في قصف إسرائيل منشآت للأمم المتحدة في غزة، ويجب أن يحاسب المسؤولون عن ذلك.

يذكر ان اسرائيل قصفت المركز الرئيسي لوكالة الغوث الدولية (الاونروا) في 15 يناير (كانون الثاني) الجاري. وتعرضت اربعة مبان اخرى تابعة للامم المتحدة؛ بينها مدرستان لجأ اليهما السكان هرباً من القتال لقصف اسرائيلي اثناء القتال، لا سيما مدرسة الفاخورة شمال غزة والذي أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 46 فلسطينياً وجرح العشرات. والى جانب المدارس، قصفت اسرائيل قوافل التموين والاغاثة وقتلت عدداً من العاملين فيها من بينهم طبيبان. وقال «لا استطيع وصف ما اشعر به بعد ان رأيت موقع مقر الامم المتحدة المدمر.. وحتى هذا الصباح لا يزال المبنى يحترق». واضاف «لقد احتججت عدة مرات، واليوم انا احتج مرة اخرى بأقسى العبارات وادين ذلك. وطلبت اجراء تحقيق كامل ومحاسبة المسؤولين». واتهم اسرائيل باستخدام القوة المفرطة. وقال كي مون: «أتيت إلى غزة لأرى بنفسي الدمارَ ولأقدم دعمَ الأمم المتحدة لأهل غزة»، واصفاً الوضع بأنه يمزق القلب. وقال من أمام مبنى الامم المتحدة الذي لا يزال يتصاعد منه الدخان «هذا هجوم مشين وغير مقبول على الامم المتحدة». واضاف «يجب اجراء تحقيق كامل وتقديم تفسير تام لضمان عدم تكرار هذا العمل مطلقا. ويجب اجراء محاسبة عبر نظام قضائي ملائم». وأوضح: «لا استطيع التعبير عن مشاعري بعدما رأيت موقع مبنى الامم المتحدة الذي تعرض للقصف». وتابع القول: «أتيت إلى غزة بعد ثلاثة أسابيع من القتال لأرى الدمار، وأقول لكم إن المجتمع الدولي متضامن معكم».

وإستنكر مون القوة التي استخدمتها القوات الإسرائيلية في غزة، والهجمات الصاروخية من هنا هي أيضاً أمر مرفوض. واضاف «يجب أن يكون هناك مساءلة وتحقيق دولي في قتل المدنيين الابرياء وأنا قلق من تأثيرات هذه الحرب على الأطفال». ووعد مون بإن تبذل الامم المتحدة أقصى جهودها للمساعدة لإعادة الأمور إلى طبيعتها.