حرب غزة ستترك تداعياتها على الانتخابات النيابية في لبنان وتوظيفها حتمي من الفريقين

نائب من «8 آذار»: العصبيات ستتحكم * نائب من «14 آذار»: المعارضة خسرت أوراقها

TT

وضع العدوان الاسرائيلي على غزة الملف الانتخابي اللبناني على الرفّ موقتاً. هذا في الظاهر. لكن الحملات على خلفية هذا العدوان بدأت تصب في خانة التجاذب الانتخابي. ويرى بعض المراقبين ان انتصار المقاومة في غزة سينعكس لمصلحة أطراف «8 آذار» الذين سيلعبون ورقة الاسلاميين، وتحديدا «الجماعة الإسلامية» المتحالفة مع حركة «حماس»، بينما سيعني انكسارها مسارعة فريق «14 آذار» إلى توظيف هذه الهزيمة في صناديق الاقتراع في السابع من (يونيو) حزيران المقبل.

النائب في قوى «14 آذار» سمير فرنجية قال لـ«الشرق الاوسط»: يصعب تحديد تداعيات العدوان على غزة في المعنى المباشر. الا ان ما حصل ضرب صورة المحور السوري ـ الايراني بأكمله. والاكيد ان حزب الله هو اول من سيدفع ثمن هذا العدوان، كونه الطرف الاقوى في الحلف الصاعد في المنطقة، الا انه لم يتحرك لمساعدة حماس على اعتبار انها تملك امكانات المواجهة، الامر الذي تبين عكسه. كما ان ايران وسورية لم تتدخلا. وفي ما يخص الوضع السوري الذي كان يمسك ورقة المفاوضات بيد وورقة المقاومة بيده الثانية، الواضح ان النظام السوري خسر الورقتين. ذلك ان مسألة التسوية أصبحت أكبر وأشمل من المفاوضات الثنائية، اضافة الى ان حزب الله رفض فتح الجبهة اللبنانية. واذا نظرنا الى وضع (زعيم التيار الوطني الحر) ميشال عون الذي أخذ خيارا بأن يكون القائد المسيحي للمقاومة، يتبين لنا ان التلفزيون الناطق باسمه لم ينقل صور الاطفال الذين سقطوا في غزة جراء العدوان». ويضيف: «الأهم انه، على عكس ما يحاول حزب الله فعله اعلاميا، فهو في الواقع يطبقه عمليا، كما حصل في مسألة تحييد لبنان عن صراعات المنطقة. اضطر حزب الله الى ان يؤكد انه متمسك بالقرار 1701، وايضا انه ملتزم الاستراتيجية الدفاعية. وعلى أساس هذه المعطيات سيجري الرأي العام خياراته». أما عن «الحملات المبرمجة» والقائلة بأن نتائج الانتخابات سترتبط بما بعد غزة، فيقول فرنجية: «هي قتال استباقي، بمعنى انهم يحاولون صرف الانظار عن هزيمتهم في طروحاتهم. الاستراتيجية الدفاعية ليست خلف نصر الله وإنما أمامه، بدليل انه لم يحرك شيئا في الدفاع عن حماس. كما ثبت ان لرئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان دورا محوريا في الساحة اللبنانية خلال هذه المرحلة. وهذا الدور سينتج كتلة وسطية. لهذا السبب هاجموه بشراسة. فالضغط على سليمان كان قويا جدا. الا ان قوى 8 آذار تطلق النار في جميع الاتجاهات ما يدل على ارتباكها حيال الاستحقاق الانتخابي». نائب بعلبك في كتلة «الوفاء للمقاومة» الدكتور إسماعيل سكرية يقول: «شئنا ام أبينا، فإن ما يحصل في غزة له ترجمته على أي استحقاق في لبنان. وأحد أوجه هذا العدوان ينفذ الى صراع المحورين الرئيسين في المنطقة، أي محور الممانعة ومحور الاعتدال. وسيتم توظيف النتائج السياسية للعدوان من جانب كل فريق. بمعنى ان صمود حماس وبقاءها في موقعها بعد انتهاء العدوان سيضخ بعضا من النفس المعنوي لمن هو في خط واحد وإياها من القوى السياسية اللبنانية. كذلك سيأخذ الفريق الآخر النتائج ويترجمها وفق خطه السياسي. وبالتالي سنشهد توظيفا انتخابيا ينطلق من التباين في النظرة الى ما يجري وفي تفسير الاحداث والنتائج. لكن يجب ان لا نغفل ان التهاب الحدث ومفاعيله العاطفية هي معطيات تؤثر في المرحلة الراهنة، ليبقى السؤال: ماذا سيحصل بعد خمسة أشهر لدى الدخول الفعلي في مرحلة الانتخابات؟ حينها ستطغى حسابات الساحة الداخلية اللبنانية. وسيغلب صراع العصبيات المناطقية والطائفية. عندما نتحدث عن العصبيات نعرف ان القضايا الكبرى تنحسر الى الخطوط الخلفية للمعركة الانتخابية». أما عن احتمال تأجيل الانتخابات فيقول سكرية: «لا نعرف كيف ستتطور الأحداث؟ يجب أن نترك هامشا صغيراً لأي احتمال من هذا النوع. نحن لا نعيش ظرفا طبيعيا في المنطقة لنعرف الى اين ستقودنا الأحداث الراهنة».

يقول نائب كتلة «المستقبل» الدكتور محمد الحجار لـ«الشرق الأوسط»: «أتصور أن لبنان ينال نصيبه من كل الأمور التي تحصل على الساحة الإقليمية. ذلك أن محاولاتنا لفصله عن تداعيات ما يحيط به لم تنجح. من هنا فإن الحديث عن التداعيات لا يجافي الحقيقة. الخوف في الدرجة الاولى من احتمال عدم حصول الانتخابات اذا تطور الوضع في غزة بشكل دراماتيكي وامتد الصراع الى المحيط الاقليمي. حينها سيكون التصويب على عدم اجراء الانتخابات في موعدها، لا سيما اذا رصدنا ما يتردد من معلومات عن تشرذم داخل المعارضة نتيجة الخلافات على توزيع الحصص الانتخابية». ويضيف: «لكن في المبدأ، معلوم ان فريق 8 آذار يسعى إلى الحصول على الاكثرية النيابية. ولن يوفر ورقة غزة ليقول ان قوى الاعتدال لا تستطيع ان تقود العرب الى السلام، لا بل انها متواطئة في العدوان على غزة. واستغلال هذا النوع من الأضاليل لإحداث انقلاب في الرأي العام لن ينجح. لأننا ومنذ اللحظة الاولى للعدوان كنا نمارس قناعاتنا ووقفنا في صف واحد مع كل التوجهات الصادقة لدعم أهالي غزة، سواء عبر المواقف السياسية الداعية الى وحدة الموقف الفلسطيني تحديدا، ووحدة الموقف العربي عموما. وكذلك على الصعيد الميداني، فقد حرصنا على توفير كل المساعدات الممكنة للمساهمة في التخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني تحت وطأة العدوان. وهذا ما سيراه الناخب عندما تفتح صناديق الانتخابات، لا سيما ان فريق 8 آذار وصل الى قناعات كنا ولا نزال نعمل على تحقيقها لتحييد لبنان وسط العواصف الاقليمية من دون ان يعني ذلك استقالة لبنان من دوره في الصراع العربي الاسرائيلي ولكن من ضمن استراتيجية ورؤية عربية مشتركة».