3 نقابات تعلن عن إضراب في القطاعات الوزارية والمجالس البلدية بالمغرب

اعتبرت الحوار الاجتماعي مع الحكومة فاشلا

TT

تخوض 3 اتحادات عمالية نقابية مغربية، هي الفيدرالية الديمقراطية للشغل، والمنظمة الديمقراطية للشغل، والاتحاد النقابي للموظفين، إضرابا وطنيا يوم الجمعة 23 من الشهر الحالي، والثلاثاء 10 فبراير (شباط) المقبل، بالقطاعات الوزارية والمجالس البلدية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية، احتجاجا على ما اعتبرته فشلا للحوار الاجتماعي الأخير مع الحكومة. وقال عبد الرحيم الهندوف، نائب الأمين العام للاتحاد النقابي للموظفين التابع للاتحاد المغربي للشغل (اتحاد عمالي معارض)، لـ «الشرق الأوسط»، إن نتيجة جولات الحوار الاجتماعي مع الحكومة، التي دامت أكثر من شهرين، أسفرت في رأيه، عن نتيجة هزيلة لا ترقى إلى تطلعات الطبقة العاملة في المغرب. وأضاف الهندوف أن الحكومة تمسكت بموقفها، بخصوص الأجور التي حصرتها فقط في نسبة زيادة لا تتجاوز 10 في المائة، موزعة على مراحل إلى غاية 2010، علما بأن آخر زيادة يعود تاريخها إلى سنة 2003، ارتفعت خلالها مؤشرات تكاليف المعيشة حوالي 16 في المائة، باعتراف الدولة نفسها. واعتبر الهندوف الزيادة المعلن عنها من لدن الحكومة بأنها غير كافية، معبرا عن اعتقاده بأن مؤشرات المعيشة في المغرب قد تصل سنة 2010 إلى نسبة 20 في المائة، مشيرا إلى أن الاتحاد النقابي للموظفين طالب الحكومة بإعادة النظر في نظام الترقية، غير أن الحكومة لم تتجاوب مع هذا المطلب، «ما أفرغ الحوار الاجتماعي من محتواه»، على حد تعبيره.

وأوضح الهندوف أن هناك مطالب لا تكتسي طابعا ماديا، ولم تتجاوب معها الحكومة، ومنها ما يتعلق بالفصل 288 من القانون الجنائي الذي يستعمل ضد النقابيين، ويجرهم إلى المحاكم بشبهة التحريض عن التوقف على العمل، في حالة الإعلان عن إضراب ما.

ومن جهته، أكد عبد الواحد بنشريفة، عضو المكتب المركزي للفيدرالية الديمقراطية للشغل (اتحاد عمالي مقرب من حزب الاتحاد الاشتراكي المشارك في الحكومة)، أن هذا الإضراب جاء بمثابة رد فعل على رفض الحكومة على الاقتراحات المقدمة إليها من لدن الاتحادات العمالية، وخاصة ما يرتبط بالمقاربة الرسمية للملف الاجتماعي في شموليته، مضيفا أنها تمس بمصلحة المواطنين، في ضوء تقهقر قدرتهم الشرائية بسبب الزيادات المتوالية التي مست كل المواد الأساسية للتغذية. ونفى بنشريفة أن تكون هناك أي خلفية سياسية أو تأثير حزبي وراء الدعوة إلى الإضراب، مشددا على أن دور النقابة هو تأطير العمال المنضوين تحت لوائها، والدفاع عن مصالحهم بشكل منظم ومسؤول.

وأوضح عبد السلام بنبراهيم، نائب الأمين العام للمنظمة الديمقراطية للشغل (اتحاد عمالي مقرب من الحزب الاشتراكي المعارض)، أن هذا الإضراب الاحتجاجي يرتبط بطريقة وثيقة مع مطالب العمال، خاصة في المطالبة «بزيادة حقيقية في الأجور تتناسب وارتفاع الأسعار، لضمان حد أدنى من القدرة الشرائية للمواطنين».

وأشار بنبراهيم إلى أن من بين المطالب الملحة، القيام بترقية استثنائية لفئات الموظفين، قصد فك الحصار عنهم، نتيجة نظام «الكوطة» السابق، وذلك برفع الحصص المعمول بها من 25 في المائة إلى 33 في المائة، وإعادة النظر في مراسيم (إجراءات) الترقي والتنقيط والتقييم، وكذا مراجعة التوقيت المستمر، وصيانة الحقوق والحريات النقابية، وإعمال مقتضيات مدونة (قانون) الشغل على علاتها، حسب تعبيره. وألح بنبراهيم على أهمية الزيادة في منح جمعيات الأعمال الاجتماعية، وأجور المتقاعدين، والرفع من الحد الأدنى للمعاش ليوازي الحد الأدنى للأجر وهو 3000 درهم.

وعبر المكتب الوطني للنقابة الوطنية الشعبية للمأجورين (اتحاد عمالي مقرب من حزب الحركة الشعبية المعارض) عن مساندته للإضراب الوطني المقرر يومي 23 يناير الجاري و10 فبراير المقبل.

وحث المكتب جميع العمال والموظفين المنضوين تحت لوائه، على المساهمة في تعبئة الفئات العاملة بمختلف القطاعات للانخراط الواسع في هذه الحركة الاحتجاجية، دفاعا عن لائحة من المطالب. ومن بين هذه المطالب، كما وردت في بيان صحافي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه أمس، هناك الزيادة في الأجور، واحترام الحريات النقابية، وإصلاح منظومة الأجور بتقليص الفوارق بين الأجور العليا والدنيا، والزيادة في جميع التعويضات، والتعجيل بإصدار قانون للنقابات على غرار قانون الأحزاب، ووضع قانون تنظيمي للإضراب للحد من الاقتطاعات التعسفية من الأجور، وتفعيل المجلس الاقتصادي والاجتماعي.

وحسب مصدر مقرب من محمد عبو، وزير تحديث القطاعات العامة، فإن النقابات الداعية إلى الإضراب لم تراع، في نظره، ما أسماه «الجهود الاستثنائية» التي بذلتها الحكومة المغربية، سواء في الجولة الأولى أو الجولة الثانية من مسلسل الحوار الاجتماعي.

وذكر المصدر ذاته، أن الحكومة خصصت 16 مليار درهم (الدولار يساوي حوالي 8 دراهم)، كموازنة لتحسين دخل الموظفين، عن طريق الزيادة في الأجور، وتخفيض الضريبة على الدخل، والزيادة في التعويضات العائلية والمعاشات المدنية والعسكرية، ومراجعة الحصص، فيما يتعلق بالترقية في أسلاك الوظيفة من 22 إلى 25 في المائة، فضلا عن دعم المواد الأساسية بواسطة صندوق المقاصة، الذي رصد له أكثر من 40 مليار درهم. وأضاف المصدر أن الحكومة استجابت لبعض المطالب، وعلى رأسها التعويض عن العمل في المناطق النائية والصعبة في القرى، وذلك في قطاعات الصحة والتعليم والعدل، بموازنة مالية بلغت 350 مليون درهم لفائدة 60 ألف موظف، وسارعت إلى تسوية وضعية الموظفين في السلالم (الدرجات) الإدارية من 1 إلى 4 ابتداء من سنة 2008، عوض 2009 التي كانت مقررة من قبل على مدى 3 سنوات.

وأبرز المصدر أن المسافة الزمنية المخصصة لإجراءات تحسين الدخل كانت ممتدة من سنة 2008 إلى غاية 2012، وتم تقليصها إلى 2011، وخلص إلى القول بأن منظومة الأجور تشوبها اختلالات كثيرة باعتراف الحكومة نفسها، «وهي جادة في التعامل مع الموضوع من خلال إنجاز دراسة سوف تكون جاهزة في سنة 2010، لعرضها على أنظار الاتحادات العمالية والمهنية».