غوانتانامو: عمر خضر يعترف بإلقاء قنبلة يدوية على طريقة الأفلام الأميركية

شريط فيديو في قاعة المحكمة يوضح إجادته صناعة المتفجرات * توقعات بتعليق المحاكمات عقب تنصيب أوباما

عمر خضر الكندي نجل ممول القاعدة في قاعة محكمة غوانتانامو العسكرية امس بريشة الرسامة جانيت هاميل («الشرق الاوسط»)
TT

قال عميل لوكالة الاستخبارات العسكرية الاميركية خلال جلسة للجنة المراجعات العسكرية بغوانتانامو مساء اول من امس، ان عمر خضر الكندي اعترف اثناء التحقيقات معه بالقاء قنبلة يدوية عند اقتراب دورية اميركية في خوست بافغانستان في عام 2002 على طريقة الافلام السينمائية. واضاف الضابط الاميركي ان خضر كان في الـ15 من العمر عندما رمى القنبلة بعد مقتل ثلاثة من زملائه في قصف اميركي على مجمع افغاني في خوست، واصيب خضر في القصف بعمى جزئي من الشظايا قبل ان يرمي القنبلة من خلف ظهره. وتم التعرف على الشاهد وهو المحقق الأميركي برقم 11، وقال: كانت المرة الاولى التي يرمي فيها قنبلة يدوية. واستجوب مسؤولو البنتاغون عمر خضر المولود في تورنتو، حوالي اثنتي عشرة مرة منذ وصوله الى هذا السجن قبل ست سنوات وبعض جلسات التحقيق استمرت نحو خمس ساعات. ويتهم البنتاغون عمر خضر بالقاء القنبلة التي قتلت الرقيب الاميركي كريس شبير بالقرب من مدينة خوست في افغانستان 27 يوليو (تموز) 2002.

ووصف العميل السري الاميركي، الشاب الكندي الذي يبلغ من العمر الآن، 22 عاما، بانه تم العثور عليه تحت الانقاض بثلاثة اصابات خطيرة بالرصاص بعد معركة استمرت اربع ساعات. واوضح ان خضر في بداية التحقيقات عبر عن فخره بقتل جندي أميركي، لكنه ادرك لاحقا أن الأميركيين هم الذين أنقذوا حياته. الا ان ممثلي الدفاع قالوا ان اعترافات خضر جاءت تحت الاكراه.

ويريد المحامون خلال محاكمة خضر أن يمنع القاضي الكولونيل باتريك باريش استخدام الافادات كدليل ضده باعتبار ان عمره كان وقتها 15 عاما عندما أسر أثناء معركة في مجمع يشتبه في انه تابع للقاعدة في أفغانستان، وهو متهم بالقاء قنبلة يدوية قتلت السارجنت بالجيش الأميركي كريستوفر سبير أثناء المعركة. وجلس خضر اثناء المحاكمة على طرف الصف الاول امام القاضي باريش وكان يرتدي جلبابا ابيض مثل معتقلي المعسكر الرابع، ويبدو خضر الان مختلفا عن الصورة المألوفة عندما كان في الـ 15 من العمر.

ورغم جدية المحاكمات في جلسات الاستماع سواء في محكمة المتهمين الخمسة بتفجيرات 11 سبتمبر (ايلول) 2001 أو قاعة المحكمة التي تستضيف عمر خضر الكندي، الا ان هناك تكهنات قوية داخل قاعة غوانتانامو بتعليق المحاكمات العسكرية عقب ساعات من تنصيب اوباما. وقال احد كبار المحامين، هناك تلميحات من القاضي ستيف هانلي ان المحاكمات العسكرية ستعلق بعد تنصيب الرئيس اوباما». إلا ان مفاجأة الادعاء في المحكمة العسكرية في غوانتانامو تمثلت في شريط فيديو عرض في قاعة المحكمة مدته 27 دقيقة وهو جزء من الافادة التي قدمها العميل السري روبرت فاولر الضابط في المباحث الاميركية لمدة تسع سنوات، والذي استجوب خضر 6 مرات في قاعدة باغرام الاميركية في افغانستان قبل نقله الى غوانتانامو، ويكشف شريط الفيديو مشاركة عمر خضر تحت اشراف ابو هيثم اليمني في صناعة القنابل والعبوات الناسفة في مضيفة بخوست، وفي الشريط يبدو شخص اسمه ابو يمن واخر اسمه عبد الله، وهم يحفرون في طريق جانبي قبل زرع العبوات الناسفة، ويعلق شخص في الشريط بقوله: «تمت العملية بحمد من الله ونعمه»، وقد عثرت القوات الاميركية على شريط الفيديو عند مداهمتها لاحد المنازل في خوست.

وفي الشريط اناشيد جهادية كموسيقى تصويرية وشخص يعلق ضاحكا وهو يستخدم مروحة يدوية: «نحن الان امام جهاد الحر وجهاد الميدان». ويقول العميل فاولر ان خضر اعترف في التحقيقات انه تدرب في معسكر ابو مصعب السوري خارج كابل الذي كانت تربطه علاقات جيدة بوالده احمد سعيد خضر ممول القاعدة الذي قتل في الشريط الحدودي قبل عدة اعوام. واضاف ان عمر خضر تعرف على قيادات القاعدة مثل الظواهري وابو حفص المصري وسيف العدل، وابوخباب المصري الذي كان يدير معسكر تدريب في دورنتا، وابو ابراهيم الذي كان يدير معسكر في جلال اباد، وابي الليث الليبي وابو زبيدة مشيرا الى ان خضر ذكر ان علاقات والده بابن لادن كانت جيدة، وتعرف خضر على قيادات القاعدة اثناء التحقيقات عبر الصور. الا ان محامي عمر خضر اكد لـ«الشرق الاوسط» عقب انتهاء الجلسة المسائية بالمحكمة العسكرية ان شريط الفيديو لا يمثل ادلة خطيرة ويمكن تفنيدها لان موكله كان صبيا في الـ 15 من العمر تحت اشراف ابو هيثم اليمني. وهذا الشريط عرض من قبل في برنامج 60 دقيقة. ورغم حدة المناقشات داخل المحاكم العسكرية بغوانتانامو، الا ان العديد من المشاركين ان الرئيس المنتخب باراك أوباما سيعلق الاجراءات بعد وقت قصير من توليه منصبه (امس). وكان أوباما قال انه سيغلق معسكر الاعتقال الذي أصبح رمزا للانتهاك والاحتجاز بدون توجيه اتهام وانه يعتقد ان المحاكمات يجب أن تنقل الى محاكم أميركية عادية». وقال الفريق الانتقالي لأوباما انه سيصدر امر اغلاق سجن غوانتانامو في الاسبوع الاول من رئاسته لكن المعتقل لن يغلق فعليا قبل ان يحسم المسؤولون الاميركيون عددا من القضايا القانونية والى ان يبتوا في امر 248 سجينا في غوانتانامو.

وقال لاري موريس الكولونيل بالجيش ورئيس هيئة الادعاء في محاكمات غوانتانامو «لا نعرف ما الذي سيحدث لذا يجب أن نكون مستعدين لرفع الدعوى». ويتوقع محامو خضر أن تدعم شهادة ضابط اخر اسمه كورستي زعمهم بأن خضر عذب وأجبر على الادلاء بشهادات تورطه في باغرام ولاحقا في غوانتانامو. واستجوب كورستي الاسير الكندي عمر خضر عشرات المرات قبل ارساله الى غوانتانامو في عام 2002. وقام باستجوابه مرة واحدة على الاقل عندما كان خضر في فراش العلاج من رصاص أطلقه جنود أميركيون على ظهره. وكان من المقرر ان يمثل خضر، أمام المحكمة يوم 26 يناير (كانون الثاني) الجاري، بتهمة القتل بزعم انه القى قنبلة يدوية قتلت جنديا اميركيا في معركة في افغانستان عام 2002. وصرح الكولونيل كوبلر بأن اعادة صياغة الاتهام تلغي كل الاجراءات السابقة وتلغي موعد محاكمة خضر. وكانت مسؤولة وزارة الدفاع الاميركية التي تشرف على المحاكمات التي تجرى لمعتقلين في السجن الحربي الاميركي في خليج غوانتانامو بكوبا قامت باسقاط كل التهم الموجهة لهم ثم اعادة صياغتها من جديد في خطوة قال محامو الدفاع العسكريون انها قد تصعب على الرئيس الاميركي المنتخب باراك أوباما اي محاولة لوقف المحاكمات المثيرة للجدل. وقامت سوزان كروفورد التي عينتها ادارة بوش لمراجعة المحاكمات في معتقل غوانتانامو في هدوء باسقاط التهم يوم 17 ديسمبر (كانون الاول) في المحاكمات المنتظرة ثم أعادت صياغة التهم في الثاني من يناير (كانون الثاني). الا ان الكولونيل لورانس موريس كبير ممثلي الادعاء قال ان هذا اجراء فني يهدف الى تحديث مجموعات المحلفين التي عينت لاول مرة قبل سنوات». وذكر محامو الدفاع العسكريون انهم اخطروا بذلك فقط يوم الاثنين الماضي. وقال الكولونيل كوبلر «من الواضح جدا ان المسؤولين عن عملية اللجان العسكرية يبذلون كل ما بوسعهم ليصعبوا كثيرا على أوباما الوفاء بما وعد به بوقف اجراءات اللجان العسكرية المخزية في غوانتانامو».

وكان الرئيس الاميركي المنتخب قد قال ان سجناء غوانتانامو يجب ان يحاكموا امام محاكم مدنية او عسكرية عادية. لكنه لم يقل ما اذا كان سيوقف القضايا المنظورة بالفعل في هذه المحاكمات الخاصة. لكن باتريك باريش القاضي الذي ينظر قضية عمر خضر وهو كولونيل في الجيش قال في مذكرة للمحامين ان الاتهام سيوجه من جديد للمواطن الكندي.

وبحثت المحكمة إمكانية إعادة صياغة الاتهامات الموجهة للخمسة خاصة ان الإدعاء العسكري سحب القضية الشهر الماضي واعاد تكييف الاتهامات، واكد المراقبون أن هذه مسألة إجرائية بحتة. وخلال جلسة سابقة الشهر الماضي أقر ثلاثة متهمين «بأنهم مذنبون» في القضية وهم خالد شيخ محمد وعلي بن عبد العزيز علي ووليد بن عطاش قبل ان يتراجعوا بسبب عدم السماح لرمزي بن الشيبة ومصطفى الحوساوي بالقيام بالامر نفسه بسبب حالتهم النفسية. وقد تمسك أربعة من المتهمين بالدفاع عن أنفسهم أما علي بن عبد العزيز الشهير بعمار البلوشي فطلب مزيدا من الوقت لاتخاذ قرار نهائي بشان محاميه. وكان الإدعاء العسكري قد اكد أن خالد شيخ محمد اعترف بأنه العقل المدبر للهجمات التي استهدفت برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك ومبنى وزارة الدفاع الاميركية بواشنطن وأسفرت عن مقتل 2973 شخصا. اما رمزي بن الشيبة فيعتقد أنه كان الوسيط بين منفذي الهجمات وتنظيم القاعدة، كما ان مسؤولين بالاستخبارات الاميركية قالوا إنه كان من المقرر أن يكون أحد مختطفي الطائرات إلا انه فشل في الحصول على تأشيرة دخول للولايات المتحدة. ويقول مراقبون إن هذا الإجراء من وزارة الدفاع الاميركية أضفى مزيدا من الغموض على المحاكمة. وقال محامو الدفاع العسكريون ان الخطوة لها تأثير اعادة بدء المحاكمة وستحتاج استدعاءات جديدة ـ التلاوة الرسمية للاتهامات والتقدم بطلبات الاستئناف ـ قبل أن يكون من الممكن القيام بأي شيء اخر، وسيكون على القضاة الذين ستعرض عليهم قضايا هذا الاسبوع أن يقرروا ماهية القواعد وهي قضية مستمرة منذ انعقاد أول محاكمة بغوانتانامو في أغسطس (اب) 2004. على الجانب الاخر من المحاكمات اعرب عدد من ممثلي عوائل ضحايا هجمات سبتمبر عن غضبهم الشديد من طول المحاكمات، وقال جيمي ريتشي ضابط مطافئ متقاعد انه حمل جثمان ابنه من حطام مركز التجارة العالمي ويريد اليوم ان تاخذ العدالة مجراها، ولايهمه ان نقل الرئيس اوباما المحاكمات الى قاعة اخرى داخل الاراضي الاميركية، ولكنه يرد اليوم تنفيذ العقوبة في هؤلاء الارهابيين.

وضمن نحو 780 سجينا احتجزوا في غوانتانامو تمت ادانة ثلاثة منهم حتى الان وهم دافيد هيكس واليمنيان البهلول وسليم حمدان. وقال الضابط المتقاعد دونالد ارياس الذي فقد شقيقه ادم في الهجمات، ان الرئيس اوباما عليه ان يراجع موقفه من غوانتانامو، وان تستمر المحاكمات وتاخذ العدالة مجراها بتنفيذ الاحكام في هؤلاء، فيما اعرب والد احد الضحايا عن غضبه الشديد من خالد شيخ محمد الذي يريد ان يتواصل مع ابنته المريضة في ايران وقال بحدة «من يرجع لي ابني».