خادم الحرمين: التصدي للفتوى له شروطه ويجب عدم فتح الباب على مصراعيه للإفتاء لغير العلماء العارفين بشرع الله

استقبل المشاركين في المؤتمر العالمي للفتوى وضوابطها

خادم الحرمين الشريفين لدى استقباله مفتي عام السعودية والمشاركين في المؤتمر العالمي للفتوى وضوابطها في الرياض أمس (واس)
TT

أكد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ضرورة تأهيل العلماء والمفتين، وشدد على أن التصدي للفتوى «له شروطه التي يجب أن تتوفر في أهلها»، وداعيا وسائل الإعلام «ألا تفتح الباب على مصراعيه للإفتاء لغير العلماء الثقاة العارفين بشرع الله وواقع أمتهم» مبينا أن «دور العلماء يعد أساسيا في توعية الأمة ومحاربة الفكر الضال».

جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال استقباله مساء أمس في قصره بالرياض الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء رئيس المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي، والدكتور عبد الله التركي أمين عام الرابطة، والمشاركين في المؤتمر العالمي للفتوى وضوابطها الذي عقده المجمع الفقهي الإسلامي في رابطة العالم الإسلامي، والذي عقد تحت رعايته، واختتم أعماله أول من أمس في مكة المكرمة، تسلم الملك عبد الله خلال اللقاء نسخة من البيان الختامي الصادر عن المؤتمر، وفيما يلي نص الكلمة:

«بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أيها الإخوة العلماء: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

أرحب بكم بين إخوتكم في المملكة العربية السعودية وقد تابعنا وقائع مؤتمركم الذي أقامته رابطة العالم الإسلامي ولا شك ـ إن شاء الله ـ أن ما صدر عنه من نتائج التي ركزت على أهمية الفتوى وأهمية دور المفتين في الأمة الإسلامية ستجد بإذن الله اهتماماً في مؤتمر القمة الإسلامي القادم.

إن تأهيل العلماء والمفتين مطلب ضروري، فالتصدي للفتوى له شروطه التي يجب أن تتوفر في أهلها متمنياً من وسائل الإعلام ألا تفتح الباب على مصراعيه للإفتاء لغير العلماء الثقاة العارفين بشرع الله وواقع أمتهم ولا شك أن دوركم أساسي في توعية الأمة ومحاربة الفكر الضال، هذا وأسأل الله لنا جميعاً التوفيق والسداد، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».

وكان الدكتور عبد الله التركي أمين عام رابطة العالم الإسلامي أوضح في كلمته التي عبر فيها عن شكر الجميع لخادم الحرمين الشريفين على استقباله لهم، وأن المملكة العربية السعودية منذ نشأتها وهي حريصة كل الحرص على إقامة الحق والعدل وتطبيق الشريعة الإسلامية والتقيد بأحكام الله في مختلف أعمالها وبخاصة في مجال الفتوى، مؤكداً أن هذا المؤتمر كانت له مكانة متميزة لأنه تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين .

وبين أن جميع المشاركين في المؤتمر يقدرون لخادم الحرمين الشريفين مواقفه العظيمة وبخاصة موقفه في مؤتمر القمة العربية الاقتصادية في الكويت، مشيراً إلى أن الكلمة العظيمة التي ألقاها خلال المؤتمر تنسجم تماماً مع روح الشريعة الإسلامية ومع توجه المملكة العربية السعودية ومع اهتمام قادتها بقضايا الأمة.

ولمح إلى أن أساس الإصلاح كما يوجه به خادم الحرمين الشريفين دائماً هو «التقيد بهذا الدين وتطبيق الشريعة الإسلامية والاحتكام إليها وأن تسير الأمة الإسلامية والعرب وهم في مقدمة هذه الأمة على وسطية الدين»، مفيداً أن العلماء والمشاركين في المؤتمر ركزوا في أبحاثهم على أن تسير الفتاوى على الوسطية والابتعاد عن الإثارة وعما يحدث النزاع والخلاف وعن كل الفتاوى والآراء الشاذة التي قد تؤثر على بعض شباب المسلمين.

وتطرق إلى مبادرات خادم الحرمين الشريفين بجمع كلمة المسلمين في مؤتمر القمة الإسلامي الاستثنائي في مكة المكرمة وجمع الفصائل الفلسطينية في مكة وحرصه على وحدة كلمتها وكذلك مبادرته بالدعوة للحوار حيث عقد مؤتمر الحوار في مكة المكرمة وجمع مختلف المهتمين بقضية الحوار في العالم الإسلامي ثم التقى المسلمون مع غيرهم في مدريد وبعد ذلك دعا أيضا في نيويورك للاهتمام بهذه القضية، وبين أن «وقوف الملك عبد الله مع الإخوة في فلسطين سواء فيما يتعلق بالوقفة الإنسانية العظيمة وما قدمه من مساعدات أو مواقفه السياسية المعروفة قديماً وحديثاً في هذه القضية هي محل اهتمام العلماء الذين يمثلون معظم البلاد الإسلامية والأقليات المسلمة»، مفيداً أن مشاعرهم ودعواتهم كلها تتجه إلى الله سبحانه وتعالى أن ينصر خادم الحرمين الشريفين ويعينه على أداء هذه المهمات العظيمة وأن يجمع كلمة المسلمين على الحق».

كما ألقى الدكتور مصطفى تيسيرتش رئيس العلماء والمفتي العام في البوسنة والهرسك كلمة الوفود المشاركة في المؤتمر عبر فيها عن تشرف الجميع بلقاء خادم الحرمين الشريفين وبرعايته للمؤتمر، وقال «يا خادم الحرمين الشريفين إن هذا مكان مناسب وهذا وقت مناسب وهؤلاء العلماء الذين أمامكم جاؤوا إليكم ليقولوا لكم إن المملكة العربية السعودية تقود منذ تأسيسها مسيرة الدفاع عن الإسلام وتقدم الخدمات الجليلة للإسلام والمسلمين في شتى الميادين مثل رعاية الحجاج وتشجيع العلم والعلماء والإسهام في حل مشكلات الأمة ورفع الحيف والظلم عن أبنائها». وأضاف «إن كلمتكم التاريخية الاستثنائية إلى زعماء الأمة في الكويت ما هي إلا صوت صادق لكل مسلم ومسلمة بل لكل إنسان عاقل محب للخير والسلام».

واستشهد المفتي بقول الإمام الشافعي «من سمع بإذنه فكان حاكياً ومن يسمع بقلبه فصار داعياً ومن وعظ بفعله كان هادياً». وقال «أتمنى أن زعماء الأمة قد سمعوا كلمتكم في الكويت وليس فقط بآذانهم بل بقلوبهم وكذلك فهموا وعظكم بالفعل لأنكم لهم وللمسلمين جميعاً هادٍ في هذا الوقت».

وأوضح مفتي البوسنة والهرسك أن «احتضان المملكة العربية السعودية لمؤتمر الفتوى وضوابطها يؤكد ثبات المسيرة التي يقودها خادم الحرمين الشريفين على صعيد تقوية دعائم الأمة الإسلامية وذلك في العمل على تخليصها من شتى أسباب الضعف والتخلف ومنها الفوضى التي نجدها في ميدان الفتوى وفي مد يدها الصادقة إلى المنصفين من قادة العالم وزعاماته الدينية للتعاون معا على النهوض بالبشرية وإنقاذها من الوقوع في هاوية المادية المقيتة».

ودعا علماء الأمة الغيورين على دينهم وأمتهم أن يرقوا إلى مستوى المسؤولية التي حملهم إياها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن جعلهم ورثة الأنبياء فعليهم قبل كل شيء أن يكونوا ناصحين مخلصين لأنفسهم ومن ثم لأولياء الأمور ولعامة المسلمين وأن يأخذوا الشباب المغرر بهم بالحكمة والروية والصبر فيفتحوا لهم صدورهم ويبينوا لهم ما التبس عليهم من أمور دينهم. بينما أوضح الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ مفتي عام المملكة في كلمته أن العلماء الذين يمثلون سائر أقطار الدنيا، قدموا للسلام على خادم الحرمين الشريفين وشكره على استضافته للمؤتمر ورعايته له، وكذلك لشكره على سياسته الحكيمة المتوازنة التي تسعى دائماً لجمع كلمة الأمة وتوحيد صفها ولم شملها وتحذيرها من الفرقة والاختلاف.

وأكد أن مواقف خادم الحرمين الشريفين مع الإخوة الفلسطينيين قبل هذه المحنة وبعدها تدل على الحرص على الخير والسعي فيما يجمع كلمة الأمة، وقال «لقد ضمدتم الجراح وبذلتم هذه المساعدة العظيمة وسعيتم في إيصال الخدمات الطبية وغيرها إليهم وهذا موقف تشكرون عليه».

ووصف كلمة خادم الحرمين الشريفين التي ألقاها في القمة العربية الاقتصادية في الكويت بأنها «خالدة وعظيمة ذات نفع عظيم ومعان عظيمة سامية دالة ولله الحمد على الإخلاص إن شاء الله والتوجه السليم»، معتبراً «سعي الملك عبد الله للإصلاح والتوفيق خطوة طيبة».

وبين الشيخ عبد العزيز آل الشيخ أن مؤتمر الفتوى وضوابطها الذي عقد بمكة المكرمة كان مؤتمراً مهماً لعالمنا الإسلامي ليبين للأمة حقيقة الفتوى وأهميتها ومنع من ليس أهلا لها، مشيرا إلى أن «كثيرا من الفتاوى السيئة المخالفة أضرت بعالمنا وشبابنا وأنه لا بد من ضبط هذه الفتاوى وعدم إطلاق العنان لها»، ورأى أن الميثاق الذي انبثق عن المؤتمر ميثاق عظيم ومتوازن.

حضر الاستقبال الأمير متعب بن عبد العزيز وزير الشؤون البلدية والقروية، والدكتور صالح بن حميد رئيس مجلس الشورى، وإبراهيم الطاسان رئيس الشؤون الخاصة لخادم الحرمين الشريفين.