أوباما.. صار رئيسا وسكن في بيت بناه سود ولا بد أن يخدمه بيض

دبلن تكرم مهندسها مصمم البيت الأبيض والسود الذين بنوه منسيون

TT

في خطاب تنصيبه، الذي ألقاه من أمام الكابيتول هيل، قال الرئيس باراك اوباما ان والده، الطالب الذي جاء قبل خمسين سنة الى اميركا من كينيا ليدرس في جامعة هاواي، حيث قابل والدته البيضاء، قد يكون تعرض لتفرقة عنصرية. وها هو ابنه الآن رئيسا لأميركا.

كان يمكن ان يقول اوباما ايضا، ان السود هم الذين بنوا البيت الابيض، وها هو وزوجته اليوم يسكنان فيه. في عام 1792، بدأ بناء البيت الابيض. واستغرق اتمام البناء اكثر من عشر سنوات. وبينما بناه سود، وضع تصميمه بيض، وكان جورج واشنطن هو الرئيس في ذلك الوقت. وبيير لايفانت، المهندس الفرنسي، هو الذي وضع تخطيط العاصمة الجديدة. تعمد المهندس وضع البيت الابيض بعيدا عن الكونغرس، تأكيدا لفصل السلطات. وفي ذلك الوقت، كانت العاصمة في فيلادلفيا (قبل تنصيبه بيومين، استقل منها اوباما القطار الى واشنطن). وعرف المهندس الفرنسي مهندسا ايرلنديا هو جيمس هوبان، واتفقا على ان يصمم الايرلندي البيت الابيض. لكن تصميم المهندس الايرلندي لم يعجب الرئيس واشنطن، الذي قال انه صغير وواطئ، ويبدو مثل بناء مكتبي. فاقترح زيادة حجمه، واضافة اعمدة وشرفات تجعله لائقا لسكن رؤساء الجمهورية في المستقبل. وبعد ان وافق الرئيس واشنطن على التصميم المعدل، بدأ البناء. قال كتاب «بيت الرئيس»، الذي كتبه المؤرخ الاميركي وليام سيل، ان الايرلندي كان صاحب فكرة استخدام اكبر عدد من السود، ومن ولاية نورث ساوث كارولينا، حيث كان انتقل اليها، وصمم مبني الولاية في عاصمتها كولمبيا.

قال الايرلندي للفرنسي، «زنوج الجنوب افضل من زنوج الشمال. ومعتادون على العمل الشاق. وواشنطن مدينة جنوبية على اي حال، وصيفها حار وطويل». في وقت لاحق اضطر الايرلندي للانتقال الى واشنطن ليشرف على البناء، وهناك توفي ودفن. في السنة الماضية، احتفلت دبلن، عاصمة ايرلندا، بمرور مائتين وخمسين سنة على ميلاده. ووضعت نصبا له، وكتبت عليه، «دبلن ولدته، وواشنطن خلدته». واشتركت في الاحتفالات جمعية البيت الابيض التاريخية، وجمعية دبلن الملكية، وجمعية جيمس هوبان (اسمه). جرى الاحتفال في مبني لاينستر العريق، الذي يعتقد ان المهندس صمم البيت الابيض عليه، والذي هو الآن مبنى برلمان ايرلندا. لكن حتى الآن، لم تخلد جمعية البيت الابيض، ولا اي جمعية اخرى السود الذين بنوا البيت الابيض. ربما لان كل اسمائهم ومواطنهم لم تسجل في ذلك الوقت. لكن هناك بعض الاسماء، كتبها المهندس الايرلندي تحت عنوان، «نجارين لبيت الرئيس 25-5-1795: توم، بيتر، بنجامين، هاري، دانيال». لم يقل المهندس ان الثلاثة الاوائل كانوا من عبيده.

ويقال ان جملة عبيد المهندس كانوا اكثر من خمسين. ترك بعضهم في ولاية ساوث كارولينا، واحضر بعضهم معه الى واشنطن.

في وقت لاحق، انضم الى العمال سود من ولاية فرجينيا القريبة من واشنطن، وكانت تعترف رسميا بامتلاك وتجارة الرقيق. وعندما كلف الكونغرس المهندس الفرنسي لايفانت بتصميم العاصمة، وكلف المهندس الايرلندي بالتصميم، اقترح الاثنان احضار عمال من اوروبا. لكنهما في وقت لاحق، فضلا «الزنوج»، وقالا في مذكرة الى الكونغرس ان «الزنوج رقيق ومجانا». ولان بعض السود لم يكونوا رقيقا، خاصة الذين عاشوا في ولايات الشمال، فضل المهندسان عدم الاعتماد عليهم توفيرا للنفقات وحتى لا يدفعوا لهم اجورا.

عمل السود في كل مجالات البناء: طوب، حجارة، اخشاب، مسامير، نجارة، سمكرة، الخ... لكن، كان اصعب من البناء، قطع واحضار قطع الحجارة الضخمة من ولاية فرجينيا. اليوم، في مدينة اكويا، يوجد نصب يوضح ان حجارة من هناك نقلت لبناء البيت الابيض. لكن، بدون الاشارة الى السود.

قطعوا الحجارة بمناشير عملاقة، لكنها كانت بدائية بالمقارنة مع مناشير اليوم. ووجدت اسماء بعض الذين كانوا يديرون المناشير في اوراق قديمة تابعة للاميركي كولن وليامسون الذي كان مسؤولا عن المناشير.

اسماء غير كاملة، جيسي، شارلز، لينو، بيل، جيم، الخ... الآن، بعد ان صار اوباما رئيسا، يتوقع ان تهتم جمعية البيت الابيض التذكارية التي تسجل وتحفظ وثائق البيت الابيض القديمة باسماء هؤلاء الرقيق. ولا بد ان يبدأ باحثون واكاديميون دراسة الموضوع لالقاء مزيد من الضوء عليه. واخيرا قال دوغلاس برنكلي، مؤرخ اميركي، «الآن، انقلبت الموازين صار اسود رئيسا، وسكن في بيت بناه سود، ولا بد ان يخدمه بيض».

رئيس أميركي .. واحد

* الرئيس الأميركي الوحيد الذي فاز بالرئاسة الأميركية وهو ليس أبيض، هو باراك أوباما أول رئيس أسود؟

* الرئيس الأميركي الوحيد الذي دخل البيت الأبيض عازباً وبقي عازباً طوال فترة رئاسته، كان الرئيس الخامس عشر جايمس بوكانون.

* الرئيس الأميركي الوحيد الذي لم تكن اللغة الإنجليزية هي لغته الأساسية كان الرئيس الثامن مارتن فان بورن، وكانت لغته الأولى الهولندية، وجاء بعد أن كان الرؤساء السبعة قبله من أصول إنجليزية.

* الرئيس الأميركي الوحيد الذي كانت ديانته مختلفة عن باقي الرؤساء، هو جون كينيدي الذي كان كاثوليكياً كون والده أيرلندياً كاثوليكياً.