المالكي يطالب مجددا بتغيير الدستور لـ«حماية وحدة العراق»

استطلاعات رأي يجريها جهاز تابع لرئاسة الوزراء تثير تساؤلات

TT

دعا رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي مجددا أمس إلى «تغيير الدستور»، مؤكدا أن «العراق بحاجة إلى بناء وتغيير في القوانين والدستور الذي لا بد أن يكون قادرا على حماية وحدته». ويسود التوتر منذ أشهر بين بغداد وسلطات إقليم كردستان بسبب خلافات حول عدد من القضايا المهمة مثل مجالس الإسناد وقانون النفط والغاز والصلاحيات ضمن الفيدرالية التي يؤكدها الدستور، وخصوصا التقاطع بين سلطات المركز والإقليم.

وتابع المالكي في اجتماع انتخابي الطابع مع وجهاء وشيوخ عشائر النجف «ندعو إلى أن تكون المحافظات متعاونة مع الحكومة الاتحادية لكي لا تحصل ثغرة يتسلل منها من يريدون الإضرار بالعراق، فوجود الدولة الاتحادية المركزية القوية القادرة على حفظ وحدة البلاد لا يضر المحافظات التي ستحظى بالمزيد من الدعم والأموال»، حسبما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية.

وكان رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني حذر الاثنين الماضي من أن استقرار العراق «لن يكون عبر معاداة الأكراد»، مؤكدا في الوقت ذاته أنه لا يدعو إلى «الانفصال». وقال الزعيم الكردي خلال اجتماعه في أربيل (350 كلم شمال بغداد) مع مجموعة من وجهاء وشيوخ عشائر عربية في محافظة نينوى «يجب أن يفهم الجميع أنه بمعاداة الأكراد لن يستقر الوضع». لكنه استدرك مؤكدا «نحن لا ندعو إلى انفصال أي جزء من العراق.. نريد وحدة البلد وتعزيز الوحدة الوطنية لكن بأساليب ديمقراطية اختيارية».

ودار سجال حاد بين القيادات الكردية والمالكي الشهر الماضي حول مجالس الإسناد التي يتوجس منها الأكراد، معتبرين أنها تستهدفهم. ويعتبر خصوم رئيس الوزراء أنه يعمد إلى تشكيل مجالس الإسناد هذه لتوسيع قاعدته الشعبية قبل انتخابات المحافظات التي ستجرى في 31 يناير (كانون الثاني) الحالي. ويضاعف المالكي تحركاته منذ مدة والتنقل بين المحافظات وخصوصا الجنوبية منها، داعيا الناخبين إلى المشاركة بكثافة لاختيار «الأكثر نزاهة وكفاءة» بين المرشحين. إلى ذلك تثير استطلاعات للرأي نشرها أخيرا جهاز مرتبط برئاسة مجلس الوزراء العراقي تساؤلات في الشارع العراقي بعدما جاءت بنتائج تبدو مسايرة لرؤية رئيس الوزراء وحزبه «الدعوة» لطائفة من القضايا الخلافية الساخنة في الساحة العراقية.

هذا الجهاز هو المركز الوطني للإعلام الذي خرج في الثلاثة أيام الأخيرة بثلاثة استطلاعات متتالية تتطابق نتيجة كل منها مع طروحات المالكي. فالاثنين الماضي نشرت نتائج استطلاع تؤكد أن غالبية الناخبين في الانتخابات المحلية المقرر إجراؤها في 31 يناير (كانون الثاني) الحالي تؤيد القوى العلمانية على القوى الدينية والقومية. وجاء الإعلان عن هذا الاستطلاع في وقت ظهرت فيه مؤشرات على توجه حزب رئيس الوزراء إلى الميول العلمانية، والنأي عن الأحزاب الإسلامية. وقال علي هادي محمد المشرف العام على المركز الوطني للإعلام في مؤتمر صحافي إن «الاستطلاع الذي شمل جميع القوميات والأديان يؤكد حصول التيار العلماني على 42% مقارنة بالتيار الديني 31%». وأمس نشرت نتائج استطلاعين آخرين أجراهما المركز أحدهما حول انتخابات مجالس المحافظات والآخر حول الأقاليم. وجاء في الأول أن التوقعات «ترجح قائمة (ائتلاف دولة القانون)» بزعامة المالكي للحصول على أغلبية مقاعد مجالس المحافظات في انتخابات 31 يناير الحالي. وحسب الاستطلاع حصلت القائمة على 23 في المائة، وحلت قائمة «العراقية» بزعامة إياد علاوي رئيس الوزراء الأسبق ثانية بحصولها على 6،12% ثم قائمة «شهيد المحراب» التابعة للمجلس الإسلامي العراقي الأعلى بزعامة عبد العزيز الحكيم (4،11%) فقائمة «تيار الإصلاح» التابعة لرئيس الوزراء السابق إبراهيم الجعفري (3،11 %). ويشير الاستطلاع إلى أن جبهة التوافق، كبرى الكتل البرلمانية للعرب السنة، «ستحصل على 5،4 في المائة، في حين سينال (المشروع الوطني العراقي) التابع لصالح المطلك 6،3 في المائة». وحسب المركز، شمل الاستطلاع 4500 شخص في جميع المحافظات، وعددها 18، مع هامش خطأ بنسبة ثلاثة في المائة.

وخلص الاستطلاع الآخر إلى أن غالبية العراقيين يرفضون تشكيل الأقاليم في البلاد، وخصوصا في الجنوب. وأفادت نتائج الاستطلاع، الذي قال المركز إنه شمل جميع القوميات والأديان، بأن «72 في المائة من العراقيين يرفضون مبدأ تشكيل الأقاليم في البلاد. كما يرفض ثمانون في المائة مبدأ تشكيل إقليم في الجنوب من ثلاث أو تسع محافظات».

يشار إلى أن الزعيم الشيعي عبد العزيز الحكيم رئيس المجلس الأعلى الإسلامي، من أبرز المطالبين بتشكيل إقليم الوسط والجنوب فيما يعارض المالكي ذلك. ويسمح الدستور بتشكيل إقليم من محافظة أو أكثر وفقا لآلية محددة. وفي المقابل، أظهر الاستطلاع أن 78 في المائة من سكان محافظات كردستان الثلاث «يؤيدون الفيدرالية».

إلى ذلك، اعترف علي الدباغ، الناطق باسم الحكومة، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، بأن رئاسة الوزراء، هي التي تنفق على هذا المركز، وبسبب استخدام هذا المركز لصالح الحكومة، فإنه واجه الكثير من النقد والمسائلة.

مصادر في المركز تحدثت إليها «الشرق الأوسط» أوضحت أن الاستطلاعات «تتم بأخذ عينات وترويج استمارات خاصة ويعمل عليها عدد من الخبراء والمتخصصين في هذا المجال، إضافة إلى أن العاملين في هذا المجال يجوبون جميع مناطق العراق لاستطلاع آرائهم ومعرفة توجهاتهم حول أي قضية يمكن أن تكون مادة لاستطلاع الرأي، وأن هناك مشرفا ميدانيا لتطبيق عملية الاستفتاء».