إجراءات «صارمة» منعا للتزوير في انتخابات مجالس المحافظات

نساء العراق قد يكسبن مقاعد.. لا حقوقا

TT

اتخذت المفوضية العليا للانتخابات تدابير جديدة و«إجراءات صارمة»، بغية منع التزوير في انتخابات مجالس المحافظات، المقرر إجراؤها في 31 يناير (كانون الثاني) الحالي، فيما أكد الجيش الأميركي وضع تدابير أمنية واسعة النطاق في مراكز الاقتراع. وقالت حمدية الحسيني، عضو مجلس المفوضين، إنه «في الانتخابات السابقة، كان الناخب يذهب إلى مراكز الاقتراع، فيجد اسمه في عشرة منها؛ مما سمح له بالتصويت مرتين أو ثلاث مرات». وأضافت في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية «أما الآن، فإن المفوضية وضعت السجل على أساس أن يجد الناخب اسمه في مكتب اقتراع واحد، لتفادي التزوير». وأكدت أن «المفوضية اتخذت كذلك إجراءات صارمة في عملية العد والفرز، بحيث تتم مقارنة عدد الذين أدلوا بأصواتهم بعدد أوراق الاقتراع. لقد كان الناخب سابقا يدلي بصوته في ورقة الاقتراع، من دون معرفة أعداد الذين دخلوا المكتب، وأعداد الذين أخذت أوراقهم». وتابعت «وبالتالي، تشترط المفوضية على كل ناخب التوقيع أمام اسمه، على أن يتم احتساب التواقيع ومقارنتها بعدد أوراق الاقتراع». وأكدت حمدية الحسيني أن المفوضية «قررت إلغاء نتائج مركز الاقتراع، إذا زاد عدد الأوراق على أكثر من خمسة في المائة عن عدد التواقيع. في السابق، لم يكن لدينا مثل هذا الإجراء»، مشيرة إلى «تأمين الحماية لصناديق الاقتراع، حتى لا يتم التدخل، كما فعلت الميليشيات سابقا». وقالت «لدينا لجنة بمشاركة الوزارات الأمنية، مهمتها حماية نتائج الانتخابات، وتوفير الأمن لمراكز التصويت، وحماية نقل صناديق الاقتراع من المركز إلى العد والفرز في بغداد»، مشيرة إلى أن «عملية الفرز ستكون بحضور المراقبين ووكلاء المرشحين والموظفين التابعين للمفوضية».

يشار إلى أن الانتخابات السابقة كانت وفق نظام التمثيل النسبي، والقائمة المغلقة. أما الآن، فإن القائمة مفتوحة. وأضافت حمدية الحسيني «كانت قوات الأمن تتدخل سابقا أثناء عملية نقل النتائج، لتحطيم الصناديق إذا شعرت أن التصويت لم يكن لصالح أحزاب معينة. الخطة الأمنية ستكون كاملة لحماية الانتخابات ونتائجها، وضمان عدم تدخل الشرطة».

وأوضحت المسؤولة «في السابق، كان العسكر يصوتون في اليوم ذاته؛ مما سمح لهم بالتصويت المتكرر، وفي أكثر من مركز. وللحد من الطعن في الانتخابات، تقرر أن تكون هناك عملية تصويت خاص، بحيث يدلي العسكر والمرضى في المستشفيات والسجناء المحكومون بأقل من خمس سنوات بأصواتهم في 28 يناير (كانون الثاني)».

ويبلغ عدد المراكز الانتخابية حوالي 6500 مركز في العراق، بينها 85 مركزا للتصويت الخاص، وداخل كل منها مكاتب عدة للاقتراع. كما زادت المفوضية من أعداد المراقبين الانتخابيين بدعم من الأمم المتحدة، وقامت بتدريب حوالي 40 ألف مراقب من منظمات المجتمع المدني. ويبلغ عدد المراقبين أكثر من 51 ألفا، يمثلون 523 منظمة من المجتمع المدني.

إلى ذلك ورغم أن النساء يشكلن أكثر من ربع المرشحين، البالغ عددهم 14431، لانتخابات مجالس المحافظات، فإنهن يشكون من أن حصتهن هذه، لا تضمن لهن نفوذا يذكر، فيما تغيب ملصقاتهن الدعائية عن الكثير من أحياء المدن، بما فيها بغداد، بسبب الخوف، في معظم الأحوال، من استهدافهن.

وتقول الطالبة الجامعية فاطمة عماد، إنها لا ترى وجوها نسائية على الملصقات المعلقة في حيها ببغداد. ونقلت عنها وكالة «رويترز» في تقرير عنها قولها: «حتى وإن كنت أريد أن أختار امرأة.. أين هؤلاء النساء؟ أنا لا أري أي ملصق لأي مرشحة».

ويضمن قانون الانتخابات تمثيل النساء حيث إن على كل حزب يفوز بمقاعد، أن يخصص مقعدا لمرشحة من بين كل ثلاثة مقاعد يفوز بها. لكن في بلد كان ذات يوم من أكثر البلدان تقدما على صعيد حقوق المرأة في الشرق الأوسط، وحيث يعتزم مرشحون سود خوض الانتخابات للمرة الأولى، تقول مرشحات إن حصتهن من المقاعد لا تمنحهن نفوذا يذكر، وسط هيمنة أحزاب دينية محافظة على النظام، منذ أطاحت القوات التي قادتها الولايات المتحدة بصدام حسين عام 2003.

وقالت ليزا نيسان، وهي مرشحة عن الحزب الوطني الأشوري: «أخاف أن تظهر صوري بسبب التهديدات الموجودة. مجتمعنا ما زال مجتمعا ذكوريا متخلفا». وتابعت ليزا، وهي أيضا من كوادر منظمة نسوية، إنها تملك خبرة في مجال السياسة، حيث فازت بمقعد في مجلس بلدي قبل بضعة أعوام، لكنها استقالت بسبب التهديدات المستمرة. وقالت إنها وافقت على خوض انتخابات مجالس المحافظات هذا العام، لأن الحزب كان بحاجة ماسة إلى أسماء نساء، حتى يفي بالحصة المطلوبة منه. وهي لا تسمح بوضع صورتها على ملصقات الحملة الانتخابية.

وقالت بشرى العبيدي أستاذة القانون بجامعة بغداد، والناشطة في مجال الدفاع عن حقوق المرأة، إن الأحزاب الدينية المهيمنة على الساحة توزع المقاعد المخصصة بموجب الحصة على نساء يتم اختيارهن بعناية، لضمان أن لا يجادلن من أجل حقوق المرأة. وأضافت: «وضع المرأة في هذه الأحزاب ليس دعوة إلى النهوض والتقدم، بقدر ما هو دعوة إلى تقييد المرأة نفسها. هؤلاء النساء في هذه الكتل أشبه بأدوات. كانوا يستخدمون هؤلاء النساء للوصول إلى هدف، وهو تقييد في حركة ونهوض المرأة... أنا لا ألوم النساء بقدر ما ألوم كتلهن».