عشرات الأنفاق بين غزة ومصر تعاود نشاطها.. وأعمال الترميم في الأخرى المدمرة يتواصل

ليفني: من حق إسرائيل مهاجمة الأنفاق.. ولن نضع مصيرنا بيد المصريين والأوروبيين والأميركيين

فلسطينيان يقومان بترميم أحد الأنفاق في رفح الجانب الفلسطيني أمس (رويترز)
TT

تدفق مئات الفلسطينيين امس على الحدود بين غزة ومصر في محاولة لإصلاح أنفاق التهريب التي قصفتها اسرائيل خلال حملتها العسكرية التي استمرت 22 يوماً واعادة شريان الحياة التجاري الى القطاع الذي تديره حركة حماس، غير مبالين بتهديدات اسرائيل باستهداف هذه الأنفاق وتفجيرها. وقال سكان على طول الحدود حيث يمتلك بعض الفلسطينيين انفاقاً ويديرونها كمشروعات تجارية، ان شحنات من الوقود ومواقد الكيروسين نقلت بالفعل عبر عشرات الأنفاق التي ما زالت تعمل من بين مئات الانفاق التي تمر عبر الحدود. وقال مواطن يدعى محمد، ويمتلك أحد الانفاق انه وثلاثة من شركائه تكلفوا 40 الف دولار لحفر النفق. وأضاف «قريبا سيعمل. لن أجلب مخدرات أو أسلحة، اعتزم استخدامه لجلب ما يحتاجه الناس أكثر.. الغذاء والوقود وهذا مربح جدا».

وأفادت مصادر فلسطينية أن اليومين الماضيين شهدا عمل نحو 200 نفق من أصل 1200 نفق (هي تقديرات لمجموع الأنفاق بين قطاع غزة ومصر) حيث تركز العمل على نقل الوقود الذي كان قد فقد من أسواق غزة خلال العملية الإسرائيلية وشهدت أسعاره ارتفاعاً باهظاً.

وتجري أعمال الحفر بالمعاول او آلات التجويف في الحفر التي خلفتها القنابل. ويقول ابو موسى «بعد شهر، سنستأنف العمل». حضر ابو موسى في الخامسة صباحا الى ورشته، فوجد حفرة مكان مدخل نفقه. وقال الرجل الاسمر النحيف الوجه «قصف الاسرائيليون الاسبوع الماضي هذا المكان الذي كنت جالسا فيه قبل ساعات». واوضح انه دعا عماله السابقين لاعادة بناء النفق الذي دمر بطول حوالي «100 متر»، في حين انه «ما زال مفتوحا من الجانب المصري».

وعلى الحدود بين جنوب قطاع غزة ومصر التي يبلغ طولها 14 كلم، لم يبق كثير من الاكواخ التي تغطي مئات المداخل من الأنفاق التي لم تستهدفها الغارات الجوية الاسرائيلية خلال الهجوم الذي استمر 22 يوماً على قطاع غزة. وكان ناطق عسكري اسرائيلي قد أعلن ان من اهداف العملية انهاء تهريب الاسلحة بين رفح وسيناء المصرية، مؤكدا ان «60 الى 70% من الأنفاق قد دمرت». لكن الفلسطينيين يرون في تلك الأنفاق وسيلة للالتفاف على الحصار الذي تفرضه اسرائيل على غزة منذ يونيو (حزيران) 2007.

وتبدو آثار القصف واضحة جدا، إذ تحول كل شيء ركاما من الحديد والحجارة والتراب، يجب ازالته. وأمر ابو موسى ثلاثة شبان يخرجون التراب في أوعية وهو يكاد يفقد صبره «هيا، تحركوا، اخرجوا هذا الرمل بسرعة».

وحلقت طائرة من طراز اف ـ 16 في الاجواء فرفعوا جميعا وجوههم الى السماء، فصاح فيهم ابو موسى «لا تتوقفوا. لا بأس ان نموت، المقبرة قريبة». ورن هاتفه الجوال، فأجاب مخاطبا عاملا تأخر «اين انت؟ اسرع».

ويقول ابو موسى «كل المال الذي استثمرته تبخر»، مضيفا وهو يمسد ذقنه «بإذن الله سيكون النفق جاهزا بعد شهر». وردا على سؤال عما اذا كان يهدف من ذلك الى تهريب الاسلحة، قال عابساً «ماذا تريدني ان أفعل بالاسلحة؟ سلطات غزة لديها ما يكفي من الاسلحة»، في اشارة الى حماس. في كل مكان، ينشط عشرات الاشخاص استأجر بعضهم جرافات بـ300 شيكل (76 دولارا) في اليوم للاسراع بالعمل، فيما يستخدم البعض الآخر المعاول او حتى الايدي لازالة الركام. ابو مهند الذي يرفض على غرار جميع المهربين كشف اسمه الحقيقي، خسر نفقين، في حين لم يتضرر الثالث كثيرا، قال «ما زال لدي هنا في الاسفل، كمية كبيرة من حفاظات الاطفال من نوع «بامبرس». آمل ان اتمكن من استعادتها».

وأعربَ عن استيائِه لأن «القصف لم يطل سوى اناسٍ مثلنا. اننا فقط نجلب الاغذية وألعاب الاطفال». وأضاف «هل تظن انهم سيدمرون أنفاق حماس؟ مستحيل. في أي حال لا احد يعرف اين هي؟». وتابع «قال الاسرائيليون انهم قتلوا المقاتلين لكن الاطفال هم الذين قتلوا»، معتبرا ان اسرائيل دمرت «اقتصادا يوفر طعاما لآلاف العائلات». وهددت اسرائيل بالقيام بعمل عسكري جديد لوقف حفر الأنفاق. وقالت وزيرة الخارجية الاسرائيلية تسيبي ليفني لـ«راديو اسرائيل» أمس «اذا ما احتجنا القيام بعمليات عسكرية اضافية لوقف التهريب سنفعلها.. تحتفظ اسرائيل بحقها في التحرك ضد التهريب. هذا هو القول الفصل». واضافت «فلنكن واضحين لن تبقى الامور على ما كانت عليه سابقا: ان اسرائيل تحتفظ لنفسها بحق التحرك عسكريا ضد الأنفاق». وقالت «اذا اقتضى الامر ان نتحرك فاننا سنفعل ونمارس حقنا المشروع في الدفاع عن انفسنا، ولن نضع مصيرنا بين ايدي المصريين ولا الاوروبيين ولا الاميركيين». وحذر وزير الدفاع ايهود باراك الاربعاء ايضا من ان الجيش قد يشن هجمات اخرى على الانفاق. وقال «خلال العملية على غزة دمرنا 150 نفقا. اذا اضطررنا لذلك سنقوم بهجمات اخرى».