لبنان: الموالاة والمعارضة تخوضان الانتخابات بلوائح تتحدد معالمها في فبراير

الكتلة الوسطية تخسر من وهجها لامتناع الرئيس سليمان عن تبنيها.. وجنبلاط والحريري والثنائي الشيعي مطمئنون وعون يتريث ويمشي بـ«الباقين»

TT

لم تتوقف الحركة في «المطابخ» الانتخابية في لبنان منذ البدء بتطبيق اتفاق الدوحة، سواء على مستوى طابخي اللوائح الانتخابية أو على مستوى الطامحين الى الانضمام إلى تلك اللوائح. لكن حتى هذه اللحظة، من الصعب القول إن أي فريق من الفريقين المتنافسين على الساحة اللبنانية، أي قوى «14 آذار» و«8 آذار» حسم أمره واختار مرشحيه، وإن كان كلا الفريقين ضرب موعداً خلال فبراير (شباط) المقبل للاعلان عن اللوائح، مع تأكيد فريق «14 آذار» انه سيعلن كل لوائحه دفعة واحدة وفي كل المناطق اللبنانية. في حين يؤكد فريق المعارضة خوضه الانتخابات بلوائح معارضة صرفة، لكنه لم يتفق على إعلان هذه اللوائح دفعة واحدة، بدليل مسارعة الوزير السابق سليمان فرنجية الى اعلان لائحته في دائرة زغرتا الزاوية (الشمال) كاملة، قاطعاً الطريق على أي ائتلاف مع نايلة معوض. بينما أعلن رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون انه سيكون آخر من يعلن عن لوائحه، داعياً من لا يستطيع الانتظار ان يتدبر أمره و«نحن سنمشي بالباقين» على حد قوله. أما نائب الامين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم فقد أكد، في حديث تلفزيوني، ان المصالحات بين الحزب وخصومه «لن تكون ذات ترجمة انتخابية على الاطلاق».

وبين حركتي الموالاة والمعارضة يجري الحديث عن كتلة وسطية، والبعض يسميها كتلة حيادية، والبعض الآخر يسميها كتلة مستقلة. وجميع المشتغلين في اطارها يوحون انهم يميلون الى رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، كما يحصل بالنسبة الى النائب ميشال المر في دائرة المتن الشمالي، او صهره ادمون غاريوس في المتن الجنوبي والذي استقال من رئاسة بلدية الشياح (ساحل المتن) وأعلن عن تحالفه مع النائب السابق صلاح حنين، الذي أعلن بدوره انه مرشح مستقل. في حين ان الاتصالات جارية بين هذا الثنائي ومسيحيي «14 آذار» حول تشكيل لائحة مشتركة في مواجهة لائحة عون ـ حزب الله، وخصوصاً بعدما أبلغ عون الى غاريوس انه أعطى كلمته لابن عمه الدكتور ناجي غاريوس لينضم الى لائحة تضم المهندس حكمت ديب من بلدة الحدت ونقيب المحامين السابق شكيب قرطباوي (ممثلاُ المنطقة العليا من الدائرة) ودرزيا لم يتم اختياره بعد والنائب علي عمار عن «حزب الله». أما المقعد الشيعي الآخر فسيخضع للمقايضة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، بحيث يعطى الاخير هذا المقعد في المتن الجنوبي مقابل اعطاء عون مرشحاً مارونياً في دائرة جزين الجنوبية التي تتكون من ثلاثة نواب مسيحيين (مارونيان وكاثوليكي).

لكن الكتلة الوسطية خسرت بعض الوهج الذي كان يمكن ان يكون لها بعدما أعلن رئيس الجمهورية في أكثر من مناسبة عن عدم رغبته في ان تكون له كتلة نيابية، وتمنى على المرشحين ألا يتظللوا باسمه، وبعدما حملت المعارضة ـ باستثناء الرئيس بري ـ على هذه الكتلة واتهمتها بأنها وجه مقنع لـ«14 آذار» على حد قول النائب عون.

وإذا استندنا الى نتائج انتخابات 2005 النيابية، سواء بشكلها العام أو بصورة تفصيلية، أمكننا القول ان هناك الكثير من الدوائر الانتخابية وفق التقسيمات الادارية الجديدة المستوحاة من قانون الانتخاب القديم المعروف بـ«قانون الستين» باتت نتائجها محسومة للتيارات الراجحة فيها، مثل دوائر الجنوب لـ«حزب الله» وحركة «أمل» باستثناء جزين التي قد تحصل فيها منافسة اذا لم يتفق «التيار الوطني الحر» مع حركة «أمل» و«حزب الله». أما مدينة صيدا فالمرجح أن يبقى «الستاتيكو» الحالي قائماً، أي التحالف الاستثنائي بين المعارضة والموالاة.

وكما ان السيطرة الجنوبية محسومة للثنائي المعارض (حزب الله وحركة أمل) فإن السيطرة في جبل لبنان الجنوبي، أي دائرتي الشوف وعاليه (13 نائباً)، محسومة للنائب وليد جنبلاط، الا اذا ترك جنبلاط للوزير طلال أرسلان مقعداً شاغراً في لائحته في عاليه تقديراً منه للدور الذي أداه الأخير في أحداث 7 مايو (أيار) في بيروت والجبل.

أما «تيار المستقبل» فسيبقى سيد الساحة في دائرة بيروت الثالثة (10 نواب) وعكار (5 نواب) والبقاع الغربي (5 نواب) وطرابلس اذا لم تتبدل التحالفات مع الرئيس نجيب ميقاتي والوزير محمد الصفدي، ودائرة المنية الضنية، اضافة الى ما قد يحققه من خروقات في بعض الدوائر الاخرى.

أما الدوائر ذات الغالبية المسيحية فهي التي ستشهد أقسى المعارك بدءاً من البترون (شمالاً) مروراً بجبيل وكسروان والمتن الشمالي والمتن الجنوبي وزحلة. وفي هذه الساحة يستنفر كل فريق ما لديه من «أسلحة» لمواجهة الفريق الآخر من دون وجود «طربوش» ينظم التنافس الشديد بين الفريقين. وفيما توحي المعارضة أنها مرتاحة في الدوائر المسيحية، فإن الموالاة تراهن على تغيير في المزاج الشعبي وعلى بعض التغيير في التحالفات، معتبرة ان الارجحية قد تكون للتيار العوني في الدوائر التي تضم كتلاً شيعية ذات وزن كما هي الحال في دائرة المتن الجنوبي، أو جبيل أو زحلة، أو كتلاً أرمنية، كما هي الحال في دائرتي بيروت الاولى والثانية والمتن الشمالي.