كارولين كنيدي تسحب ترشيحها لشغل مقعد كلينتون في مجلس الشيوخ

وسط الانتقادات عن نقص خبرتها وتفضيل نيويورك لمرشح آخر عليها.. وصراع العائلات

TT

بعد منتصف ليلة أمس الخميس، وبعدما قيل إنها كانت جلسة اجتماع عاصفة استمرت طوال الليل مع بعض آل كنيدي، أرسلت كارولين كنيدي، ابنة الرئيس السابق جون كنيدي، رسالة إلى مدير مكتب العلاقات العامة الذي تتعامل معه بأن يصدر بيانا للصحافيين بأنها لن ترشح نفسها لتكون عضوا في مجلس الشيوخ عن ولاية نيويورك، خلفا للسناتور هيلاري كلينتون التي استقالت من مجلس الشيوخ لتصير وزيرة للخارجية. كان البيان كناية عن جملة واحدة: «أبلغت حاكم ولاية نيويورك دايفيد باترسون، بأنني ولأسباب شخصية، سحبت اسمي كمرشحة لمقعد في مجلس الشيوخ».

وسبب ترشيح كارولين إثارة أكثر من التي أثارها، قبل سبع سنوات، ترشيح هيلاري كلينتون للمقعد نفسه بعد أن كانت سيدة أميركا الأولى في إدارة زوجها الرئيس كلينتون. وقد انتقدها الكثيرون عندما رشحت نفسها لأنها لا تملك خبرة تؤهلها لشغل المنصب، وقال كثيرون إن مؤهلاتها الوحيدة هو اسمها. وسبب الإثارة أيضا، ليس فقط لأنها ابنة رئيس سابق، ولكن أيضا لأن عمها السناتور الراحل روبرت كنيدي شغل نفس المقعد، حتى اغتيل سنة 1967 عندما ترشح ليكون رئيسا للجمهورية. لكن عكس كلينتون التي جاءت من ولاية آركنسا، عن طريق واشنطن العاصمة، وعكس عمها روبرت الذي جاء من ولاية ماساشوستس، ولاية آل كنيدي، كانت وظلت كارولين نيويوركية، منذ قبل أن تخرجت في كلية القانون في جامعة كولمبيا، وصارت محامية (عمرها الآن اثنتان وخمسون سنة). وكان هناك سبب آخر رجح كفه كارولين، قبل انسحابها المفاجئ. بادرت، مع عمها السناتور ادوراد كنيدي، وأيدت السناتور أوباما خلال الانتخابات التمهيدية. وأثر ذلك بأكثر من ناحية: أولا: رفع أسهم أوباما، وخاصة بسبب هجوم خفي عليه من سياسيين بيض في الحزبين الجمهوري والديمقراطي بسبب لونه. ثانيا: ساعد على فشل هيلاري كلينتون في الفوز على أوباما.

وبعد فوز أوباما، ظهرت إشاعات أنه سيختارها سفيرة لأميركا في الأمم المتحدة (في نيويورك، مدينتها). لكن، اختار أوباما سوزان رايس. وعندما اختار أوباما هيلاري وزيرة للخارجية، قالت كارولين إنها تريد أن تترشح في مقعدها في مجلس الشيوخ عن ولاية نيويورك. وبدا كل شيء مناسبا، وأن آل كنيدي، مرة أخرى، سيمثلون نيويورك في مجلس الشيوخ. لماذا انسحبت كارولين؟ قال مقربون منها إن السبب تدهور صحة عمها تيد، وقال معلقون وصحافيون إن هناك أكثر من سبب، منها أن هيلاري وزوجها «تآمرا» عليها منذ البداية، لأنها أيدت أوباما ضد هيلاري. ولأنها لم تتحمس أبدا، وهي النيويوركية، لهيلاري القادمة من ولاية آركنسا لتترشح في نيويورك. ولأنها، مثل بقية آل كنيدي، لم يعطوا زوجها، حتى عندما كان رئيسا، اعتبارا كبيرا. وليس سرا أن آل كنيدي يرون أنفسهم أعلى من دونهم في الحزب الديمقراطي، خاصة من الذين جاؤوا من ولايات جنوبية (مثل آركنسا)، كجزء من صراعات إقليمية داخل الولايات المتحدة.

لكن، بالإضافة إلى آل كنيدي أو آل كلينتون، يعتقد آل كومو أنهم أكثر نيويوركية منهم كلهم. وأن ابنهم اندرو كومو أحق بأن يمثل ولاية نيويورك في مجلس الشيوخ. عميد آل كومو، وهي عائلة إيطالية عريقة، هو ماريو كومو، من قادة الحزب الديمقراطي، وكان حاكما لولاية نيويورك (عمره 75 سنة). حاول أكثر من مرة الترشيح لرئاسة الجمهورية. لكن أعداءه عرقلوا طموحه لسببين: أولا: قالوا إنه ينتمي للجناح الليبرالي في الحزب، ولهذا، لن يقدر على الفوز على مرشح محافظ من الحزب الجمهوري. ثانيا: قالوا إنه من «المافيا»، ورغم أن جزءا من هذا الاتهام كان تندرا، صور جزء منه معارضة ترشيح إيطالي، خاصة في ولايات الجنوب المحافظة.

في البداية، تحالف آل كومو وآل كنيدي، خاصة بعد أن تزوج اندرو كومو كيري، بنت روبرت كنيدي، السناتور من نيويورك الذي اغتيل سنة 1967، وهي أيضا بنت عم كارولين كنيدي.

لكن، اهتز التحالف بعد أن طلق اندرو كومو كيري كنيدي سنة 2003. لا يوجد دليل بأن الطلاق كان لأسباب سياسية، أو أدى إلى تطور سياسي معين. لكنه، بصورة أو أخرى، أثر على العلاقات بين العائلتين. ثم إنه في نفس سنة الطلاق كان آل كلينتون قد استقروا في نيويورك. وأصبحت هيلاري ممثلة الولاية في مجلس الشيوخ، ونقل زوجها مكتبه الرئاسي إلى هناك. وساعدت هذه التطورات على ظهور تحالف بين آل كلينتون وآل كومو ضد آل كنيدي. ولهذا، عندما رشحت كارولين نفسها لمقعد هيلاري، واجهت آل كلينتون وآل كومو وسخنت المواجهة حقيقة، عندما رشح اندرو كومو نفسه لنفس المنصب، ونافس كارولين. آل أو غير آل، يتمتع اندرو بمؤهلات تفوق على مؤهلات كارولين. كان مثل نيويورك في مجلس النواب، وكان وزيرا للإسكان في إدارة الرئيس كلينتون. وهو الآن المدعي العام لولاية نيويورك.

وخلال الأسبوعيين الماضيين، صار واضحا لقادة الحزب الديمقراطي في نيويورك أن المنافسة، بالإضافة إلى العائلات، ستحسمها الخبرات. وذلك لأن كارولين لم تشغل أي منصب حكومي أو رسمي. وأول من أمس، قبل انسحاب كارولين، أعلن استفتاء أن سكان ولاية نيويورك يفضلون كومو عليها.