أوباما يتخذ قرارات مهمة في أول يومين لتسلمه السلطة

تعيين ميتشل مبعوثا للشرق الأوسط.. وهولبروك للحوار مع باكستان وأفغانستان

TT

منذ اليوم الأول، تحرك الرئيس الأميركي الجديد باراك أوباما سريعا وبدأ بإصدار أوامره باتباع قواعد أخلاقية جديدة وصارمة لموظفي البيت الأبيض، فيما أصدر في اليوم الثاني قرارا بإغلاق معتقل غوانتانامو في كوبا، الذي كان في بؤرة النقاش حول معاملة السجناء الأميركيين في الحرب على الإرهاب.

وفي مسعى للتعامل مع الوعود التي تعهد بها أثناء حملته الانتخابية، اجتمع أوباما في اليوم الأول مع كبار القادة لمناقشة تسريع عملية سحب القوات من العراق، وقابل كبار مستشاريه الاقتصاديين استكمالا لجهوده من أجل صياغة مشروع قانون إنفاق ضخم يعمل على توفير فرص عمل جديدة. وقد وقع أيضا على مجموعة من القرارات التنفيذية والتعليمات التي تهدف إلى تقييد العلاقة بين الخدمات الحكومية وجماعات الضغط، وطلب من إدارته إطلاع الرأي العام على المعلومات بحرية أكبر.

وأمس أصدر أمرا بإغلاق معتقل غوانتانامو في غضون عام, وتنفيذ قواعد جديدة لطريقة معاملة السجناء والتحقيق معهم، وبعد ساعات من تنصيبه يوم الثلاثاء، أمر بتعليق جميع الإجراءات القضائية في معتقل غوانتانامو، التي تجرى تحت رعاية نظام اللجان العسكرية الذي وضعته إدارة بوش. وتمثل هذه الإجراءات دليلا قويا على أن أوباما مستعد لاستخدام سلطته لتغيير بعض من ممارسات إدارة جورج بوش الأكثر إثارة للجدل. وتشير هذه الخطوات أيضا إلى أنه يعتقد في حاجته إلى الدفع مبكرا من أجل إحداث تغييرات على نطاق عريض.

وقد صرح أوباما أثناء إعلانه للقواعد الجديدة في التعامل مع جماعات الضغط، والإفصاح أثناء اجتماع له مع كبير موظفيه أمس «يا لها من لحظة نمر بها! يا لها من فرصة نحظى بها لنغير من هذه البلاد». وفي أول يوم مزدحم في منصبه، كان أوباما في كل مكان؛ وحده في المكتب البيضاوي؛ في الصف الأمامي في صلاة افتتاحية في كاتدرائية واشنطن الوطنية؛ يؤدي القسم في مبنى أيزنهاور للمكاتب التنفيذية؛ ولأول مرة يجتمع بقادته في غرفة الاجتماعات في البيت الأبيض. وتوخيا لمزيد من الحذر، استقبل أوباما أيضا كبير قضاة المحكمة العليا جون روبرتس في البيت الأبيض لإعادة أداء اليمين الدستورية بعد أن تلعثم الرجلان في بعض الكلمات أثناء مراسم التنصيب التي جرت الثلاثاء الماضي.

وبدأ الرئيس يومه الأول بزيارة هادئة إلى المكتب البيضاوي. وبعد ليلة من الرقص في عشر حفلات راقصة، ووصل في الساعة الثامنة والدقائق الخمس والثلاثين صباحا، وجلس بمفرده لمدة عشر دقائق في أشهر حجرة في العالم، كما صرح مساعدوه. وقرأ رسالة تركها له بوش في درج المكتب، وهو التقليد الذي اتبعه الكثير من الرؤساء. وفي وقت لاحق من الصباح، حضر أوباما الصلاة في الكاتدرائية. ولكن سرعان ما مهد سكون الكاتدرائية للحقيقة الطاحنة عن مسؤوليات أوباما الجديدة، حيث أجرى اتصالات مع زعماء في الشرق الأوسط، ليدخل الساحة التي ظل صامتا بشأنها طوال الفترة الانتقالية استمرت 77 يوما.

واتصل أوباما من خلف مكتبه في المكتب البيضاوي بالرئيس المصري حسني مبارك ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. وقال مساعدون إن أوباما تعهد «بالتعاون الفعال» من أجل وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة.

واجتمع أمس ونائبه جو بايدن في وزارة الخارجية مع وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون التي صدق على تعيينها 94 إلى 2 من أعضاء مجلس الشيوخ أول من أمس. واعلن من هناك اختياره لزعيم الأغلبية السابق في مجلس الشيوخ جورج ميتشل (الديمقراطي عن ولاية مين) مبعوثا للشرق الأوسط، ومبعوث الأمم المتحدة السابق ريتشارد هولبروك مبعوثا لأفغانستان وباكستان «والقضايا المتعلقة». وسيتولى ميتشل، الذي من المتوقع أن يغادر إلى منطقة الشرق الأوسط فور توليه المنصب، مسؤولية إعادة البدء في عملية السلام في الشرق الأوسط بعد ثلاثة أسابيع من العنف بين إسرائيل وحماس. وتهدف قواعد التعامل مع جماعات الضغط التي أعلنت أمس، إلى إنهاء ما أصبح أسلوب حياة في واشنطن، حيث يجمع هؤلاء العاملون في الإدارة الامتيازات، ويتربحون منها بعد مغادرتهم العمل في الحكومة. وفي ظل القواعد الجديدة، لن يسمح لمن يعينهم الرئيس، الذين يغادرون مناصبهم، بأن يمارسوا ضغوطا على أية هيئة حكومية، طالما بقي أوباما في منصبه. وقال أوباما أمام أعضاء مجلس وزرائه وكبار موظفيه في مبنى أيزنهاور للمكاتب التنفيذية «لا يتعلق الأمر بتحقيق المنفعة الشخصية لكم، وليس متعلقا بتمييز أصدقائكم أو عملاء شركاتكم، وليس من أجل تقديم أجندة فكرية أو مصالح خاصة لأية منظمة، فالخدمة العامة، بالتأكيد وببساطة، تتعلق بتقديم مصالح الشعب الأميركي». وتقلب قواعد الإفصاح القانون الحالي رأسا على عقب، حيث يطلب من الحكومة الميل للإفصاح عن المعلومات، وليس بالإبقاء عليها وثائق وتسجيلات سرية. وأعلن أوباما «تقضى القواعد القديمة بأنه إذا كانت هناك حجة دفاعية لعدم الإفصاح عن شيء للشعب الأميركي، فلا يجب الإفصاح عنه إذاً. ولكن انتهى هذا العصر الآن».

* خدمة «واشنطن بوست» خاصة بـ«الشرق الأوسط»