السفير الأميركي لدى «الناتو»: رئاسة أوباما فرصة هائلة لتجديد العلاقات الأميركية ـ الأوروبية

فولكر لـ«الشرق الأوسط»: تعامل روسيا مع أزمة الغاز كان محبطاً

السفير الأميركي لدى «الناتو» كيرت فولكر (تصوير: حاتم عويضة)
TT

يواجه حلف الشمال الأطلسي «الناتو» تحديات كبيرة على رأسها استقرار أفغانستان، ستكون أمام الرئيس الأميركي الجديد باراك أوباما فور توليه منصبه. وكان «الناتو» عانى من انقسامات عدة أثناء رئاسة جورج بوش وخاصة أثناء الاستعداد للحرب على العراق التي عارضتها دول مهمة مثل «الناتو» مثل فرنسا وألمانيا. وحول ما إذا كان انتخاب باراك أوباما رئيساً للولايات المتحدة سيساعد على انتهاء مرحلة الانقسامات، قال السفير الأميركي لدى الناتو كيرت فولكر: «وجود إدارة جديدة يشكل فرصة هائلة، ورؤية حماس الأوروبيين والعالم كله في التعامل مع الإدارة الجديدة». وأضاف فولكر في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «كدبلوماسي أميركي، من العظيم رؤية هذا الكم الهائل من الناس الذين يرغبون رؤية الولايات المتحدة تجدد نفسها، وتقوية ديمقراطيتنا، وتواصلنا مع العالم وهي فرصة هائلة». ويذكر أنه من غير الواضح بعد إذا كان أوباما ينوي إبقاء فولكر في منصبه ولم يعلن بعد عن مرشحين يمكن أن يخلفوا فولكر لدى الناتو. واعتبر فولكر أن «هناك تغييرات منذ الآن بالقضايا التي تسببت بانقسامات أميركية مع أوروبا أو داخل أوروبا، أمور مثل الحرب في العراق والتغيير المناخي ومعتقل غوانتانامو». أضاف: «إدارة بوش أخذت تغير بعض هذه القضايا ولكن سيكون لدى الإدارة الأميركية حرية عدم الارتباط بهذه القضايا وسيكون على الدول الأخرى بحث طرق للتعامل مع الولايات المتحدة للنجاح بطرق جديدة». ويذكر أن وزير الدفاع السابق لدى إدارة بوش دونالد رامسفيلد أثار حفيظة الكثير من الأوروبيين عندما تحدث عن انقسام أوروبا بين أوروبا «القديمة» أي فرنسا وألمانيا و«الجديدة»، أي جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابقة التي أصبحت حليفة لواشنطن مثل بولندا. ورداً على سؤال حول هذا التعبير، قال فولكر: «الأمر المهم هو التعاون بين كل الحلفاء الذين يريدون التعامل مع التحديات حول العالم، يجب وضع ذلك بناء على أسس الديمقراطية وحقوق الإنسان واحترام القوانين ويجب العمل على توحيد الناس بدلا من تفريقهم». وحول أهداف الإدارة الأميركية الجديدة في أفغانستان، قال فولكر: «أفغانستان أولوية كبيرة للإدارة المقبلة، وحتى أثناء الحملة كان السناتور حينها أوباما يتحدث عن أهمية الأمن في أفغانستان». وأضاف: «لكن من المهم عدم النظر فقط إلى زيادة القوات، نحن بحاجة إلى استراتيجية واسعة مثل المساعدة في الحكم ومكافحة المخدرات والعمل مع دول الجوار لاستقرار أفغانستان، والحلفاء في الناتو يتفقون مع مثل هذه الاستراتيجية». واعتبر فولكر أن القمة المقبلة لـ«الناتو» في أبريل (نيسان) الماضي ستركز بشكل كبير على أفغانستان واستقراره. واعتبر فولكر أنه من الضروري عودة الاستقرار الأمني إلى أفغانستان من أجل العمل على إعادة الإعمار. وقال: «لقد زاد عدد الهجمات خلال العام الماضي ورأينا اتساع الرقعة الجغرافية التي تقع فيها هجمات متفرقة، فهذا ليس تمرداً قادراً على إبقاء السيطرة على منطقة معينة ولكن قدرتهم على إرسال انتحاري أو زرع عبوة ناسفة ازدادت». وأضاف: «هناك حاجة لزيادة عدد القوات الأجنبية والقوات الأفغانية لإعادة الشعور بأمن المجتمع بطريقة مستديمة ولكن هذا ليس كافياً، هذه البداية للتوصل إلى نقطة تجعل من الممكن مساعدة الشعب لتطوير نفسه وإعادة الإعمار وكي يقل اتكالهم على القوات الأجنبية والاعتماد بشكل أكبر على القوات الأفغانية». وأكد فولكر أن «الناتو» تعمل مع باكستان على تأمين لطرق الإمدادات إلى قوات الناتو في أفغانستان. وقال: «السلطات الباكستانية تعمل بجهد على تأمين طرق الإمدادات التي ستبقى مهمة بالنسبة لأفغانستان وفي الوقت نفسه نعمل على طرق أخرى، وعرضت روسيا علينا إمكانية نقل الإمدادات غير القاتلة عبر أراضيها ولكن لم نتوصل إلى اتفاق رسمياً مع روسيا حول هذه المسألة ونتطلع إلى ذلك، كما أن هناك دولا في آسيا الوسطى علينا التوصل إلى اتفاق معها أيضاً». وتوقع فولكر التوصل إلى اتفاق قريباً، قائلاً: «لقد أحرزنا تقدما خلال الأسابيع والأشهر الماضية وأشعر بتفاؤل للتوصل إلى اتفاق قريباً».

وقد شهدت علاقات الناتو بروسيا توتراً متزايداً خلال الأشهر الماضية لأسباب عدة، على رأسها غزو روسيا لجورجيا الصيف الماضي وأخيراً مشكلة الغاز بين روسيا وأوكرانيا التي أدت إلى قطع إمدادات الغاز إلى أوروبا. واعتبر فولكر أن أزمة الغاز «في صلب الموضوع، مشكلة تجارية والأموال التي على أوكرانيا دفعها، ويجب حل المسألة بناء على مفاوضات تجارية، فقطع الغاز كي يتجمد الناس ليست الطريقة». وأضاف: «من المحبط رؤية روسيا تستخدم قوتها بهذه الطريقة مع النتائج الإنسانية لهذه المشكلة». وعما إذا كان هناك دور لحلف الشمال الأطلسي في حل هذه القضية، قال فولكر: «إذا عاني حليف معين، ويمكننا تقديم مساعدات لهذا الحليف، علينا فعل ذلك من خلال مناصرة الحليف بناء على أية طلبات يقدمها، ولكن هذه مسألة طويلة الأمد، فإذا كان سبب قطع الغاز سياسياً ولممارسة ضغوط معينة، هذه مسألة أخرى علينا أخذها بعين الاعتبار وتصبح المسألة متعلقة بأمن الطاقة». وأضاف: «علينا العمل من أجل تأمين مصادر طاقة مختلفة، ويجب أن نناقش هذا الأمر عبر الناتو حتى وإن لم يكن المجال الذي يتم تنفيذ هذه الأجندة فيه». وكان مجلس الناتو علق علاقاته مع روسيا على خلفية الحرب في جورجيا في أغسطس (آب) الماضي، ولم يعاود نشاطه الطبيعي لكن اجتماع وزراء خارجية «الناتو» نهاية العام الماضي طالب بإعادة غير مباشرة للعلاقات. وقال فولكر: «نحن نعمل على إعادة علاقات ترويجية وبناءة على مراحل معينة، كان هناك تعليق للعلاقات بسبب غزو روسيا لجورجيا في الصيف ولم نرد الإبقاء على الأمور مثل ما هي». وأضاف: «مازلنا نتعاون على قضايا مثل مكافحة انتشار الأسلحة النووية والإرهاب والعمل على طرق نقل المؤن إلى أفغانستان، كما أبدوا (الروس) رغبتهم في العمل معنا لمكافحة القرصنة». وأفاد بأن السفراء في «الناتو» سيلتقون السفير الروسي في بروكسل للمرة الأولى خلال الأسبوعين المقبلين في «لقاء غير رسمي لتناول القهوة في فرصة هي للتواصل على مستوى لم نفعله منذ أشهر». وشدد فولكر على أن «الناتو تريد علاقة مع روسيا وهذا أمر مهم ولكن يجب أن تكون مبنية على قيم وأدوار ملائمة للقرن الـ21، فالدولة التي تحتل دولا وتقطع إمدادات الغاز كي تكون دول أخرى مجمدة وتضع ضغوطاً على دول أخرى تقلقنا». وعما إذا كانت روسيا تقوت بسبب قدرتها على فرض واقع جديد في أوروبا الشرقية مع انفصال أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا عن جورجيا، قال السفير الأميركي: «الروس يشعرون بالقوة، وباستخدام قوة عسكرية في دولة مجاورة وشق جزء منها والاعتراف بها كدولة منقسمة، هذه أمور جريئة ولا أعتقد أن روسيا تنوي التراجع». وأضاف: «علينا التوضيح بأن هذه ليست الطريقة للتعامل في القرن الـ21 وعلينا المطالبة بالعودة عن هذا القرار والسماح بمراقبين دوليين في هذه المناطق والتأكد من حماية المواطنين في المناطق التي تقع تحت سيطرتهم الفعلية، فما زالت هناك حالات من العنف ضد مواطنين تحت سيطرتهم الفعلية». وفيما يخص إمكانية إرسال قوات من «الناتو» للأراضي الفلسطينية، كرر فولكر موقف الناتو، قائلاً: «إذا كانت هناك اتفاقية سلام وإذا كانت هناك رغبة من الطرفين (فلسطين وإسرائيل) وإذا كان هناك تفويض من الأمم المتحدة، سيكون الناتو على استعداد للعب دور في المنطقة». وأضاف: «لنكن صريحين، نحن بعيدون جداً عن هذه الشروط، لا أرى الناتو تفرض أي شيء في المنطقة ولكن يمكن للناتو لعب دور مساعد على بناء الثقة بين الطرفين وأمن شعبيْ إسرائيل وفلسطين أمر مهم لحلفاء الناتو».