وزير الدفاع الأميركي يؤكد أن انسحابا من العراق خلال 16 شهرا خيار مطروح

العراق يسارع بإبرام صفقات الأسلحة.. وزيباري: تلقينا تطمينات بأن أوباما لن يتخذ قرارا جذريا

TT

ظل وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس حذرا إزاء انسحاب القوات الأميركية من العراق خلال 16 شهرا، كما يرغب الرئيس باراك أوباما، مشيرا إلى أن الأمر يتعلق بسيناريو من بين «عدة خيارات» قيد الدرس.

وشارك غيتس الذي عقد أول مؤتمر صحافي منذ تنصيب أوباما، الأربعاء في اجتماع في البيت الأبيض مع المسؤولين العسكريين لدرس مسألة العراق مساء أول من أمس.

وقال إن هذا الاجتماع «هو بداية عملية تقييم لخيارات مختلفة» لسحب 143 ألف جندي أميركي من العراق، مشيرا إلى أن الانسحاب خلال «16 شهرا هو أحد الخيارات المطروحة».

وأضاف «من واجبنا أن نقدم للرئيس عدة خيارات وأن نشرح المخاطر المتعلقة بكل خيار من هذه الخياراتؤ، بحسب وكالة رويترز.

وأوضح أن أوباما «قال إنه يريد انسحابا مسؤولا وقبل اتخاذ أي قرار يريد التحدث إلى القادة العسكريين، وأن يستمع إلى وجهة نظرهم. وبعد ذلك، سوف يتخذ قراره وسوف ننفذه». وأشار غيتس وقائد الجيوش الأميركية الأميرال مايكل مولن إلى أهمية إجراء انتخابات عراقية لبسط الاستقرار في البلد.

وقال الأميرال مولن إن «إجراء انتخابات مجالس المحافظات (في 31 يناير – كانون الثاني) ستكون مؤشرا مهما بالنسبة للعام 2009». وأضاف أن «الثقة تزداد ولكن ليس بسرعة قصوى»، مذكرا بأن قائد الجيوش الأميركية في العراق الجنرال راي أوديرنو يعتبر أن الأمن في العراق أصبح أفضل، ولكنه لا يزال هشا.

ومن ناحيته، حذر السفير الأميركي لدى بغداد راين كروكر أول من أمس، من أن انسحابا متسرعا من العراق قد يشكل خطرا على هذا البلد الذي عانى نزاعا طائفيا. وقال كروكر خلال آخر مؤتمر صحافي في بغداد قبل مغادرة البلد للتقاعد بعد ثلاثين عاما من العمل في وزارة الخارجية، إن «انسحابا متسرعا قد يتضمن مخاطر جمة». وأضاف أن «للقاعدة فرصة لإعادة تجديد نفسها طالما أنها لا تزال قيد الحياة». وكان كروكر أطلع الرئيس الأميركي باراك أوباما على الأوضاع في العراق. وقد طلب الرئيس من وزارة الدفاع مضاعفة جهودهم لسحب الجنود بطريقة «مسؤولة».

ورفض كروكر، أحد مهندسي الاستراتيجية التي سمحت بقلب الأوضاع، الكشف عن تفاصيل محادثاته مع أوباما. ووصف كروكر ما تم إنجازه منذ وصوله إلى العراق في مارس (آذار) 2007 بأنه «ضخم»، مشيرا في الوقت ذاته إلى ضرورة تعزيز المكتسبات التي تم تحقيقها في المجال الأمني. وكان المتحدث باسم البيت الأبيض روبرت غيبس أعلن قبل الاجتماع أن أوباما ينوي «أن يطلب خلال الاجتماع خطة لإعادة انتشار القوات المقاتلة خلال الأشهر الـ16 المقبلة» أي خلال العام 2010 طبقا للوعود التي قطعها خلال حملته الانتخابية. يشار إلى أن الاتفاق الأمني الموقع بين العراق والولايات المتحدة نهاية 2008 ينص على انسحاب كامل للقوات الأميركية من العراق قبل نهاية 2011.

وستسحب الولايات المتحدة قواتها من العراق كي تتمكن من تعزيز وجودها العسكري في أفغانستان التي وصفها أوباما بأنها «أهم جبهة في الحرب على الإرهاب». وقال أوباما إن الوضع في أفغانستان «خطير»، موضحا أن «تحقيق تقدم يحتاج إلى الوقت». وأضاف خلال زيارة إلى وزارة الخارجية أن «على الشعب الأميركي والمجموعة الدولية أن يدركا أن الوضع خطير وأننا نحتاج إلى وقت لتحقيق تقدم».

ورسم لوحة قاتمة للوضع في أفغانستان، حيث يحاول عشرات آلاف الجنود من الحلف الأطلسي القضاء على تمرد طالبان الذي يهدد حكومة حميد كرزاي الضعيفة. وينتشر حوالى 143 ألف جندي أميركي في العراق مقابل 34 ألفا في أفغانستان. وطلبت القيادة الأميركية في أفغانستان نشر ما بين 20 و30 ألف جندي إضافي تعهد البنتاغون بتأمينها ما بين 12 و18 شهرا.

ومن جانبه، جدد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أمس استعداد بلاده للامساك بالملف الأمني في حال انسحاب القوات الأجنبية قبل موعدها المقرر في الاتفاقية الأمنية.

وقال المالكي في خطاب له في مؤتمر عشائر بني مالك ببغداد إن قوات بلاده جاهزة لاستلام مسؤولياتها الأمنية في جميع محافظات العراق بعد انسحاب القوات الأجنبية، وقال إن الانسحاب ربما سيتم قبل الثلاث سنوات المتفق عليها في الاتفاقية الأمنية.

كما جددت وزارة الدفاع العراقية تأكيداتها بأن القوات العراقية بكل تشكيلاتها على استعداد لأي طارئ قد يحصل وهي متحسبة لأسوأ الاحتمالات التي يمكن ان تحدث في حال انسحاب القوات الأجنبية من العراق. وقال اللواء محمد العسكري، المتحدث الرسمي باسم الوزارة، لـ«الشرق الأوسط» ان الاتفاقية الأمنية الموقعة بين العراق والولايات المتحدة تشترط إبلاغ الطرف الآخر في حال انسحاب القوات، وتمهله عاما كاملا للانسحاب، مؤكدا ان القوات العراقية تحاول بكل الطرق ان تستكمل تجهيزاتها وعددها وعدتها لمواجهة أي طارئ.

وحول ما اذا كان التحرك السريع لعقد الاتفاقيات لشراء الأسلحة والعدد وتدريب القوات يتناغم مع خطة أميركية محتملة لسحب مبكر للقوات، قال العسكري «نحن الآن نسرع في عقد الاتفاقات التي كنا قد بدأناها مع فرنسا والولايات المتحدة ودول أخرى (لم يسمها) من اجل تزويد العراق بالطائرات الحربية وطائرات الهليكوبتر كل ذلك من اجل إتمام جاهزية القوات التي تعتبر الآن متكاملة لاستلام مهماتها الأمنية في كل أنحاء العراق».

وفي تطور لاحق: قال وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري إن الإدارة الأميركية الجديدة طمأنت العراق على أن الرئيس باراك أوباما لن يتخذ قرارا «جذريا» حول انسحاب مبكر للقوات الأميركية من البلاد.

وصرح زيباري للصحافيين في أنقرة، عقب محادثات مع نظيره التركي علي باباجان «لقد جرت طمأنتنا على أن سياسة الرئيس أوباما ستكون سياسة استمرارية». وأضاف «لقد جرت طمأنتنا على أنه لن يتخذ قرارا جذريا.. وأن أي قرار سيتخذ عبر مشاورات مع قادة الجيش الميدانيين والحكومة العراقية».