الربيعي يعلن عن تسليم عناصر من «مجاهدين خلق» إلى طهران.. وآخرين إلى المحاكم العراقية

مستشار الأمن الوطني العراقي أشاد بالدور الإيراني في دعم الأمن والاستقرار ببلاده

مستشار الأمن الوطني العراقي موفق الربيعي، مع مستشار أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني سعيد جليلي، في طهران أمس (أ.ف.ب)
TT

قال موفق الربيعي مستشار الأمن الوطني العراقي في طهران، أمس، إن بغداد قد تسلم إيران بعض عناصر «مجاهدين خلق»، أكبر حركة إيرانية معارضة في المنفى، «الملطخة أيديهم بالدماء الإيرانية»، كما جدد رفض بلاده أن تكون أراضي العراق منطلقا لكل ما يهدد أمن جارته إيران.

وأعلن الربيعي في مؤتمر صحافي مشترك مع مستشار أمين المجلس الأعلى في الأمن القومي الإيراني سعيد جليلي، أن «بين أعضاء المجموعة من ارتكبوا جرائم بحق عراقيين أبرياء، سنسلمهم للقضاء العراقي، وبعضهم من ارتكبوا جرائم بحق إيرانيين، سنسلمهم للقضاء الإيراني»، بحسب الترجمة الرسمية من الفارسية إلى العربية.

وأوضح الربيعي أنه بمعزل عن الذين ارتكبوا هذه الجرائم، «الخيار الوحيد أمام عناصر هذه المنظمة هو العودة إلى إيران، أو اختيار بلد آخر. سنتصرف ضمن إطار القواعد الإنسانية والقوانين الدولية». وأكد أن 914 عنصرا من المنظمة يحملون «جواز سفر أو إقامة أجنبية»، وبإمكانهم مغادرة العراق إلى تلك البلدان.

وأضاف الربيعي أنه فور عودته إلى بغداد سيجتمع مع المسؤولين الأميركيين ومسؤولي عدد من الدول الأوروبية؛ لمعرفة ما إذا كانوا يوافقون على استقبال عناصر المجموعة، حسب ما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية. وكانت الحكومة العراقية قد أعلنت في 21 ديسمبر (كانون الأول) عن رغبتها في إقفال معسكر «أشرف»، الذي يقطنه 3500 من أنصار منظمة «مجاهدين خلق» الإيرانية المعارضة. ويقع معسكر أشرف على بُعد مئة كيلومتر شمال بغداد، وثمانين كيلومترا عن الحدود الإيرانية، وهو قائم منذ 22 عاما. وكان أفراد المنظمة يتلقون الدعم من الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين. وأضاف الربيعي: «خلال بضعة أشهر سيرمى مخيم أشرف في ذاكرة النسيان». وفي أواخر أغسطس (آب) 2008 انتشر الجيش العراقي حول أطراف المخيم بعدما كانت المهمة ملقاة على عاتق الجيش الأميركي. وكان الجيش الأميركي قد نزع سلاح آلاف المجاهدين بعد الإطاحة بصدام حسين في أبريل (نيسان) 2003، وتم تجميعهم في معسكر أشرف. وكانت الولايات المتحدة قد أكدت في أواخر ديسمبر (كانون الأول) أنها تلقت ضمانات من بغداد بألا يتم طرد المجاهدين إلى إيران، حيث قد يتعرضون للاضطهاد. وكان المجاهدون قبل أبريل (نيسان) 2003 قد نفذوا عدة هجمات ضد إيران انطلاقا من العراق.

وكانت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي قد صنفتا «مجاهدين خلق» من المنظمات الإرهابية، إلا أن القضاء الأوروبي رد قرار الاتحاد (الأوروبي) بتجميد أموال المنظمة.

ونقلت وكالة فارس الإيرانية عن الربيعي قوله «إننا في العراق بصدد اجتثاث كل ما يمكن أن يكون تهديدا في المستقبل للعلاقات العراقية الإيرانية»، مؤكدا أن بغداد بصدد ترسيخ وتعزيز علاقاتها مع طهران «أكثر فأكثر». وأعرب الربيعي عن اعتقاده بأن العراق لن يكون منطلقا لأي خطر يتهدد أمن إيران، واعتبر أن ذلك الخطر يهدد أمن بلاده. كما نقلت وكالة إيرنا الإيرانية عن الربيعي «تثمينه» للدور الإيراني في «دعم الأمن والاستقرار في العراق»، قائلا إن «تحسين الأوضاع الأمنية في العراق تحقق بفعل الارتباط والتعاون الوثيق بين دول المنطقة، خاصة التعاون الإيراني» بحسب الوكالة. كما قدم الربيعي تقريرا عن إجراءات الحكومة العراقية في التصدي لـ«المجموعات الإرهابية»، وقال إن «بغداد عازمة علي مواجهه هذه المجموعات، وإن مرحله تواجد واستخدام الإرهابيين للأراضي العراقية، لتهديد أمن الجمهورية الإسلامية الإيرانية، قد ولّت إلى الأبد»، حسب ما نقلته الوكالة الإيرانية.

ومن جانبه قال جليلي إن بلاده «بذلت جهودا من أجل إرساء السلام والأمن والديمقراطية في العراق على أفضل وجه، بعد سقوط نظام صدام»، وأعرب عن «ارتياح طهران لمسار العملية السياسية في العراق، والتي انبثق عنها دستور البلاد والحكومة المنتخبة من قبل الشعب، وتشكيل مجالس المحافظات». وأشار أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني إلى التحسن الأمني الذي يشهده العراق، و«ارتياح» بلاده لذلك، مبينا أن «علاوة على الشؤون الثنائية فإن أمام إيران والعراق أجواء جيدة ومساعدة للتعاون الإقليمي في المجال الأمني». وأعرب عن استعداد إيران لتزويد العراق «بخبراتها في كافة المجالات، لا سيما في المجال الأمني».

ومن جهته، قال هادي العامري، رئيس لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب(البرلمان) العراقي، إن «هناك قرارا اتخذته الحكومة العراقية، وهو (القرار) يستند على الدستور العراقي، يقضي بمنع تواجد أي مجموعة إرهابية ولها مواقف عدائية ضد دول أخرى على الأراضي العراقية أو أن تتخذ من العراق مقرا لها، وهذا ينطبق على منظمة مجاهدي خلق وعلى حزب العمال الكردستاني(التركي)»، مشيرا إلى أن «بقاء أعضاء مجاهدي خلق في العراق غير مسموح به استنادا إلى الدستور وإلى قرار حكومي واضح وصريح».

وأضاف العامري، قائلا لـ«الشرق الاوسط» عبر الهاتف من بغداد أمس، إن «الحكومة العراقية لن تضغط عليهم باتجاه عودتهم إلى إيران إلا من يريد العودة طوعيا، وإذا عرضت عليهم السلطات هناك العفو، كما أن العراق لن يسلمهم للسلطات الإيرانية، وأن عليهم مغادرة العراق إلى أية دولة أخرى تستضيفهم»، مشيرا إلى أن «الحكومة العراقية قررت إغلاق معسكر أشرف الواقع شرق بغداد».

وأوضح رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، قائلا: «إن منظمة مجاهدي خلق مرت بثلاث مراحل داخل العراق، الأولى تبدأ منذ وصولهم العراق في عهد النظام السابق وحتى 2003 حيث سقوط النظام»، مشيرا إلى أن «العراقيين يعرفون موقف مجاهدي خلق الذي كان معاديا للشعب العراقي حيث ارتكبوا الجرائم ضد شعبنا وخاصة خلال الانتفاضة الشعبانية، انتفاضة مارس (آذار) 1991، أما المرحلة الثانية فهي منذ سقوط النظام السابق وحتى الأول من العام الحالي إذ انتهى الاحتلال الأميركي للعراق، وكانت القوات الأميركية، وباعتبارها كانت المسؤولة عن حفظ الأمن، فإن هذه القوات حافظت على وجود مجاهدي خلق، وكانت تحميهم، وقلنا لهم (مجاهدي خلق) إنهم لا يتمتعون بحق اللجوء السياسي أو الإنساني، لهذا أبلغناهم بأن بقاءهم غير مناسب في العراق، وأن هذا الوجود يتعارض مع فقرات الدستور العراقي وفكروا بالخروج من العراق وأن تجدوا دولة أخرى تقبلكم، وربما سيتم نقلهم إلى معسكر آخر».

ونفى العامري أن يكون العراق قد سلم أيا من أعضاء مجاهدي خلق لإيران، مشيرا إلى أن «وزيرة حقوق الإنسان العراقية وجدان السالم، كانت قد زارت معسكر أشرف وأبلغتنا بأن 55 من أعضاء مجاهدي خلق مطلوبون لإيران ولا أعتقد أن هؤلاء موجودون في العراق».