رشيدة داتي تستقيل من منصبها تحت ضغوط ساركوزي.. بعد أن كبرت النقمة عليها

يقول البعض إن علاقتها بكارلا بروني ليس جيدة.. والعاملون معها يشتكون من قسوتها وحبها للبذخ

TT

من المتوقع أن تنتهي تجربة رشيدة داتي، وزيرة العدل الفرنسية، من أصول مغاربية، التي تشغل المنصب منذ مايو (أيار) 2007، مباشرة بعد الانتخابات الأوروبية، التي ستجرى في شهر يونيو (حزيران) القادم، بعد أن وافقت أمس على تقديم استقالتها من الحكومة الفرنسية وخوض الانتخابات النيابية في البرلمان الأوروبي.

وبذلك تكون داتي، المرأة الأولى المتحدرة من أصول مهاجرة جزائرية ومغربية التي تشغل أحد أهم المناصب الوزارية في الجمهورية الفرنسية، قد أمضت عامين في مكتبها الوزاري الذي يطل على ساحة الفاندوم الباريسية، معقل أرقى وأثمن ماركات الحلي والمجوهرات والساعات. ويجاور وزارة العدل فندق الريتز الشهير، الذي يملكه المتمول المصري محمد الفايد، والد «دودي»، صديق الأميرة ديانا، الذي قتل معها في حادث سير. وخلال عامي الوزارة، سال حبر كثير عن انسحار رشيدة داتي، ابنة العائلة المتواضعة، في حياة القصور والنجوم، وهو ما كان أحد الأسباب التي ساهمت في إيجاد نقمة إزاءها بين موظفي وزارتها بالدرجة الأولى، وداخل الجسم القضائي في الدرجة الثانية. وأخذ على داتي أنها تحب صفحات المجلات الأولى، التي غالبا ما شوهدت عليها بكعبها العالي وفساتينها «المعارة» من أرقى بيوتات الثياب الفاخرة في فرنسا.

وخبر خروج داتي من وزارة العدل ليس جديدا، إذ كان متوقعا أن يحصل مع التغيير الطفيف الذي أحدثه ساركوزي قبل أيام قليلة. غير أن الصعوبة كانت في إيجاد «مخرج» يتيح للرئيس الفرنسي استبدال داتي في وزارة العدل، من غير أن يعد ذلك إهانة لها. والحقيقة أن داتي، التي أنجبت ابنة سمتها زهرة، في الثاني من يناير (كانون الثاني) من غير أن تعلن هوية الوالد، فقدت شيئا فشيئا الألق الذي رافق تعيينها وزيرة للعدل. ذلك أن داتي، التي كانت مقربة جدا من ساركوزي ومن زوجته السابقة سيسيليا، خسرت وضعيتها الأولى. والدليل على ذلك أن داتي لم تكن من بين «مجموعة السبعة»، أي الوزراء الأقرب لساركوزي، الذين يجمعهم مرة في الأسبوع في إطار غير رسمي، للتخطيط للعمل الحكومي وعمل الأكثرية النيابية.

وأمس أكد الرئيس الفرنسي، على هامش لقائه بالصحافة، بمناسبة الإعلان عن خطة لمساعدة الصحافة في فرنسا، أن داتي ستترك الحكومة عقب الانتخابات الأوروبية. وستحتل داتي الموقع الثاني على لائحة حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية في منطقة باريس، وراء وزير الزراعة ميشال بارنيه، الذي سيترك هو الآخر الحكومة، مما يعطي ساركوزي فرصة لإجراء تعديلات إضافية على حكومته في منتصف ولايته الرئاسية.

ومع تعيينها وزيرة للعدل، أصبحت داتي رمزا لـ«الانفتاح» الذي أراده الرئيس الفرنسي على مكونات المجتمع الفرنسي، خاصة المهاجرين العرب من بينهم. لكن الحرب شنت سريعا على داتي. وهناك من لا يتردد في التأكيد أن موظفي العدل وكبار القضاة لم «يهضموا» يوما أن ساركوزي فرض عليهم امرأة «لا تتمتع بالكفاءة اللازمة» لإدارة إحدى أهم وزارات الدولة. والواقع أن داتي نفذت حرفيا تعليمات ساركوزي لجهة إصلاح وزارة العدل والمحاكم والأحكام والقوانين، وهو ما أثار حفيظة العديد من النواب ومن رؤساء المجالس المحلية والإقليمية، بسبب إقفال كثير من المحاكم. ولم تكن داتي سهلة التعامل مع معاونيها، بحيث اتهمت بالقسوة والعجرفة، ما حمل مديري مكتبها على الاستقالة الواحد تلو الآخر.

وكان ساركوزي قد سعى إلى حمل وزيرة الدولة لحقوق الإنسان، وهي المرأة السوداء الوحيدة في الحكومة، على خوض الانتخابات الأوروبية في الموقع الذي أعطي لداتي. غير أن رحمة ياد رفضت العرض وقاومت ضغوط الرئيس. ونجحت في الاحتفاظ بمنصبها كوزيرة دولة. وترى أكثر من جهة أن إبعاد داتي «عقابا» لها. وتنم بعض الألسن أن علاقة داتي بزوجة ساركوزي، المغنية كارلا بروني، ليست على ما يرام.