مؤتمر الحزب الشيوعي السوداني: خلافات بين تيارين حول قضايا فكرية وهيكلية

الأمين العام للحزب: تحديات تواجه الحزب أولها ضرورة الحفاظ على وحدة السودان

TT

في خطوة لافتة ومثيرة للانتباه، عقد الحزب الشيوعي السوداني المعارض أمس مؤتمره العام الخامس«علنا» بمشاركة نحو 500 من قيادات الحزب في قاعة الصداقة بالخرطوم، ووفرت لها الشرطة السودانية خدمة التأمين للمكان، وذلك بعد انقطاع عن الخطوة دام لأكثر من40 عاما قضاها يعمل في سرية في أغلب الأوقات «خلال النظم العسكرية»، وفي العلن في أوقات قليلة خلال «النظم الديمقراطية».

وشاركت في الجلسة الافتتاحية قيادات من القوى السياسية السودانية أبرزها الدكتور نافع علي نافع مساعد الرئيس السوداني ونائب رئيس حزب المؤتمر الوطني الحاكم، والصادق المهدي رئيس حزب الأمة المعارض، ومحمد عثمان الميرغني رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي المعارض.

وقالت مصادر في الحزب لـ«الشرق الأوسط» الخلافات تدور بين 3 تيارات في الحزب حول جملة قضايا فكرية وهيكلية تنظيمية، الأول يناصر سكرتير الحزب محمد إبراهيم نقد، ينادي بالتريث في خطوات التغيير، والثاني القيادي الدكتور الشفيع خضر يطالب بالمزاوجة بين القديم والجديد، والثالث يقوده القيادي سليمان حامد وهو ينادي بضرورة إحداث تغييرات كبيرة في كل القضايا المطروحة سواء فكرية أو تنظيمية وانحاز هذا التيار إلى مقترح استبدال بقيادة الحزب الحالية، أخرى شابة لتجديد الدماء.

وقالت المصادر إن المناقشات السرية التي راجت خلال الأسابيع الماضية لعضوية المؤتمر المكونة من أكثر من 400 شخص من مستويات الحزب المختلفة، فضلا عن اتصالات جرت أفلحت في تقليص التيارات الثلاثة في تيارين: الأول يساند سكرتير الحزب نقد ومعه خضر، والآخر يساند سليمان حامد. وكشفت المصادر أن المناقشات بين هذه التيارات توصلت إلى اتفاق بينها على الإبقاء على اسم الحزب كما هو: الحزب الشيوعي السوداني، فيما تراجعت المقترحات الأخرى التي تنادي بتغيير اسم الحزب، ونوهت بأن سكرتير الحزب نقد من المتشددين على ضرورة إبقاء اسم الحزب كما هو عليه الآن.

وكشفت المصادر أنه حتى أمس لم يتم حسم مسألة الترشيح لعضوية اللجنة المركزية، وأشارت إلى أنه ترشح حتى الآن أكثر من 100 عضو للجنة من التيارات المختلفة، فيما يحدد للائحة 33 عضوا للجنة. وقالت المصادر إن النقاش بين التيارات مستمر حول الخلاف الخاص بشأن التغييرات الفكرية في الحزب بين من يرون أنه يظل ماركسيا كما هو الآن، أو الابتعاد لمسافة من الفكر الماركسي، وأضاف أن الرؤى حول قضايا الحريات والتعددية وحقوق الإنسان موحدة بين كل تيارات الحزب. وقالت المصادر إن من القضايا المثيرة للنقاش في الاجتماعات كيفية رسم خريطة تحالفات الحزب وعلاقاته مع القوى السياسية، بعد أن تغيرت خريطته التحالفية بعد أن فقد حلفاءه في الحركة الشعبية والقوى السياسية الأخرى بعد نيفاشا، إضافة إلى مستجدات الساحة السياسية الداخلية، وبروز التشكيلات الجديدة عبر الحركات المسلحة التي بدأت تؤثر على تشكيل الساحة السياسية وارتباطاتها، وكذلك قدرته على تجاوز تأثير الأحداث الخارجية على الحزب الشيوعي وفكره، والتغيرات التي حدثت للفكر الشيوعي عالميا. واعتبر نقد أن غياب الحزب عن عقد مؤتمره العام زهاء الـ 40 عاما بمثابة تقصير رغم أن الحزب ظل لسنوات طويلة يعمل في ظروف الملاحقة من قبل النظم السودانية، وقال إن المؤتمر الحالي يأتي في ظروف سودانية معقدة، وعدد التحديات التي تواجه الحزب، وقال «أولها ضرورة الحفاظ على وحدة السودان ديمقراطيا»، ودعا في هذا الخصوص إلى التوجه بقوة لخلق جبهة وطنية تعمل على تثبيت وحدة السودان خاصة أن الفترة المقبلة تواجه فيها البلاد مشروع الاستفتاء حول وحدة السودان أم انفصال الجنوب عنه، وبدا متفائلا بإمكانية الحفاظ على الوحدة.

وشدد نقد على أن طريق حزبه هو الديمقراطية والتعددية والحريات وحقوق الإنسان، كما هو منصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة، وقال: يجب أن تسود سلطة سياسية ديمقراطية تعددية تشارك فيها كل قطاعات الشعب السوداني، وأضاف أن حزبه يعمل على ضرورة دعم الديمقراطية النيابية بالتعددية الديمقراطية. وكشف أن مهمة المؤتمر الحالي هي تجديد المشروع الاشتراكي، وقال «علينا أن نحافظ على الاشتراكية وفي ذات الوقت نحافظ على الحريات».

من جانبه قال الدكتور الشفيع خضر رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر إن هذه اللحظة ظل الحزب ينتظرها طويلا وعمل من أجل الوصل لها طويلا استمرت لأربعة عقود.

ونفي خضر في تصريحات وجود قوائم جاهزة لقيادة جديدة للحزب، وقال إن عملية اختيار اللجنة المركزية ستتم عبر الانتخاب من قبل المناديب المشاركين في المؤتمر. وتوقع خضر أن تكون مسألة إعادة بناء الحزب، القضية الرئيسية أمام المؤتمر، ورأى أن عملية بناء الحزب حديث لا يعني التخلي عن منهج الماركسية، وإنما باستخدام «طريقة خلاقة» للمنهج الماركسي في النظر إلى القضايا التي تواجه البلاد سياسيا وثقافيا وفكريا.