شيوخ الصحوة بين مطرقة «القاعدة» وسندان الحكومة

أحد شيوخهم لمبعوث المالكي: لا تتركونا ليقتلونا

شيوخ العشائر الذين شكلوا قوات الصحوة التي تحارب تنظيم القاعدة، أثناء اجتماع في بغداد (أ.ف.ب)
TT

تبدو مساعي لواء سابق في الجيش العراقي يحاول، عن طريق أسلوب الترغيب والترهيب، إقناع شيوخ العشائر السنة الأقوياء بالتعاون مع الحكومة التي تقودها الأغلبية الشيعية مفتاحا لمستقبل العراق. ويقول مظهر المولى الذي أرسله مكتب رئيس الوزراء إلى قاعدة عسكرية أميركية على بعد 200 ميل (320 كيلو مترا) إلى الشمال من بغداد، لمقابلة الشيوخ: «إن علينا الاستجابة إلى النداء وتشمير سواعدنا والنهوض إلى مساعدة الشرطة والجيش وقوات التحالف لهزيمة الإرهابيين الأجانب». وجاء في تقرير لوكالة «الأسوشييتد برس» أن عمل المولى هذا جزء من الجهود الرامية إلى منع عشرات الآلاف من المقاتلين السنة من قوات «الصحوة» الذين تدعمهم الولايات المتحدة من الرجوع إلى الالتحاق بالجماعات المسلحة، مع استعداد الولايات المتحدة للخروج من العراق. لكن الشيوخ الأربعة الذين اجتمع بهم المولى كانوا متشككين ومتخوفين من المستقبل دون وجود الحماية الأميركية. وكسنة معتدلين، فإنهم يجدون أنفسهم بين المطرقة والسندان، حيث يخافون من عمليات الاغتيال التي تقوم بها عناصر «القاعدة»، وكذلك يخشون من سوء المعاملة من قبل السلطات. ويقول سعد الزوبعي للمولى: «لا تتركونا ليقتلونا». وقد طلب خمسة من الحراس الشخصيين لنفسه ولكل من الشيوخ الثلاثة الآخرين.

ويعتبر المولى وجه برنامج تواصل الحكومة العراقية مع الشيوخ الذين يمثلون مجالس الصحوة المحلية – وهذا اسم من الأسماء العديدة للمقاتلين من السنة، والذين يعرفون أيضا باسم أبناء العراق، الذين غيروا مجرى الحرب عندما حاربوا القاعدة والتحقوا بالقوات الأميركية في عامي 2006 و2007. وهو يأمل في منع الصحوة من الرجوع إلى الجماعات المسلحة، في وقت تحتاج فيه الحكومة إلى المال بسبب تراجع عائدات النفط، وأصبح لزاما عليها خفض تكاليف مشاريع إعادة البناء التي كان الهدف منها الفوز بقلوب وعقول أهالي المناطق السنية التي تعاني من الفقر وصعوبة العيش. وقد قام الجيش الأميركي بالفعل بنقل المسؤولية الأمنية لنحو 70.000 من بين 94.000 من قوات الصحوة إلى الحكومة العراقية في عملية بدأت منذ شهر أكتوبر (كانون الأول)، وسوف تنتهي في أبريل (نيسان). لكن العديد من قوات الصحوة يخشون من الترتيبات الجديدة، كما أن القادة الأميركيين يشتكون من موقف بغداد من قوات الصحوة. ويعكس ذلك القلق خوف رئيس الوزراء والقادة الشيعة من استخدام مقاتلي السنة لقوتهم وتحالفهم مع الأميركيين للعودة إلى العمل المسلح أو مكافحة الأحزاب السياسية الرئيسية.

لكن الحكومة التي تشجعت بسبب الانخفاض الكبير في معدلات العنف، يبدو أنها تتجه إلى حلول سلمية يمكن أن تعالج بعض حسابات المالكي الخاصة به. فهو يرغب في توسيع شعبيته قبل انتخابين مهمين: الانتخابات الإقليمية في أواخر الشهر الجاري، والانتخابات البرلمانية في أواخر العام. وقد بدأت عملية نقل المسؤولية بأفضل مما هو متوقع، على الرغم من أن بعض قادة الصحوة قد لجأوا إلى خارج البلاد خوفا من الاعتقال جراء ما يقولون إنه اتهامات كاذبة، كما تم اعتقال عدد آخر واتهامهم بجرائم منها قتل المدنيين. ويقول الجنرال مايكل فيريتير وهو المسؤول الأميركي عن قوات الصحوة: «إننا نعمل جميعا معا لأجل الهدف نفسه – أن يرجع هؤلاء الشباب إلى الحكومة، وأن يساعدوا بلدهم على بناء العراق الآمن المستقر. ونحن نسير على الطريق الصحيح».

وقد تعهدت الحكومة بدفع رواتب المقاتلين، مع دمج 20 في المائة منهم في قوات الأمن، أو العثور على وظائف لهم، أو دفع مبلغ مالي دفعة واحدة، أو إعطاء هدايا مثل سيارة بيك أب أو جرار للبقية منهم. وفي يوم الأربعاء، أصر الشيوخ الأربعة على دفع مبالغ لهم ولرجالهم البالغ عددهم 1.620، بالإضافة إلى حصانة قضائية. ويقول نزهان صخر إن الرجال البالغ عددهم 300 تحت قيادته قد فضلوا البقاء في خدمة القوات الأميركية، بدلا من قبول العرض الحكومي للانخراط في الشرطة – على الرغم من أن ذلك ليس خيارا. ويقول: «إن الشرطة مليئة بعناصر من البعثيين والقاعدة».

وقد قامت العناصر المسلحة التابعة للقاعدة وغيرها من العناصر المسلحة السنية باغتيال عدد كبير من قادة الصحوة عقابا لهم على الالتحاق بالقوات الأميركية. وقد نجا الزوبعي من محاولة اغتيال في العام الماضي تسببت في عرجه. وقد كان المولى الذي يرتدي بدلة بنية اللون ورابطة عنق مناسبة يدون بعض الملاحظات، ولكنه لم يعط وعودا. وقد تساءل: «هل للصحوة غطاء قانوني؟» كما أشار إلى أن توجه الحكومة كان طوعيا. وقال: «لقد فرضت علينا الصحوة بسبب الموقف الأمني. وليس لها غطاء قانوني». كما أفاد بأن رواتبهم سوف تصل إلى ما كانوا يحصلون عليه من الأميركيين – حوالي 300 دولار في الشهر للمقاتل، وأكثر قليلا للشيوخ. وعند إحدى النقاط، أغضب استنكار أحد الشيوخ لأفعال الحكومة المولى وطلب من أحد قادة الجيش العراقي أن يطلب من الشيوخ التحلي باللطف. لكن في نهاية الاجتماع كان المولى يجلس مع الشيوخ على مقربة من الأميركيين. وبعد ذلك كان الجميع يبتسمون لالتقاط صورة تذكارية.