الكويت: البرلمان يبحث مع الحكومة إجراءات مواجهة الأزمة المالية وسط تصعيدات

الخرافي اتهم الحكومة بالتباطؤ.. وحذرها من مخاوف فقدان الكويتيين لوظائفهم

TT

عادت الكويت أمس مجددا للغرق في الشأن المحلي، بعد أن كانت تخلت عن هذا الثوب الأسبوع الماضي، الذي استضافت فيه القمة الاقتصادية التنموية والاجتماعية، هدأ خلاله الصخب السياسي، بهدف التركيز على الحدث الأبرز الذي تستضيفه البلاد.

التصعيد عاد أمس مجددا من البرلمان، وعبر بوابة الاقتصاد، في مؤشر واضح على التداخل الذي ولدته الأزمة المالية، كونها كانت أبرز أحداث يوم أمس، إذ ألقت الأزمة المالية التي يتعرض لها الاقتصاد الكويتي بظلالها على تصريحات النواب، فتباينت رؤاهم حول سبل المعالجة، لا سيما بعد تجدد مطالبات نيابية بإسقاط القروض عن المواطنين، لكنها هذه المرة أتت من باب مساعدة الشركات والبنوك للنهوض من أزمة السيولة التي تتعرض لها.

وعلى الأرض، عقدت أمس لجنة الشؤون المالية بالبرلمان اجتماعا حضره مسؤولون حكوميون بهدف وضع تصورات تساهم في التخفيف من حدة الأزمة التي يتعرض لها القطاع الخاص، وعلى وجه التحديد الشركات المدرجة في سوق الكويت للأوراق المالية (البورصة)، وانعكست في نزول حاد طال مؤشرات التداول اليومية، وسط حديث عن وجود شح في السيولة، واحتمال لجوء الشركات إلى إنهاء خدمات بعض موظفيها الكويتيين بهدف مواجهة تداعيات الأزمة.

من جانبه، أكد رئيس لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بالبرلمان النائب عبد الواحد العوضي عقب اجتماع لجنته أمس، «تعاون السلطتين التشريعية والتنفيذية لمعالجة آثار الأزمة الاقتصادية وتردي أوضاع الاقتصاد في البلاد، وهو ما يعتبر مؤشرا إيجابيا لمعالجة الأزمة»، لكنه نفى في الوقت ذاته، «التوصل إلى أي اتفاق بين الأطراف المعنية للخروج بتصور لمشاريع القوانين التي ستقدمها الحكومة للمعالجة».

وقال العوضي إن «اللجنة استمعت أيضا لوجهات نظر بعض المسؤولين في القطاع الخاص، ولمسنا توافقا بين كافة الأطراف في السلطتين لتمرير تلك القوانين، لكننا لا نزال حتى الآن في البداية». وكشف العوضي عن أن الفريق الحكومي المكلف منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، لا يزال يعمل برئاسة محافظ البنك المركزي، الشيخ سالم الصباح، على مواجهة آثار انعكاسات الأزمة المالية العالمية على الاقتصاد الكويتي، مضيفا أن الفريق «عرض خلال الاجتماع تقريرا بشأن الإجراءات الحكومية لمواجهة هذه الآثار والانعكاسات، كما ستناقش اللجنة مشاريع القوانين بعد أن يناقشها مجلس الوزراء»، وهو ما يتوقع أن يحدث، ظهر اليوم، في اجتماع الحكومة الأسبوعي، مختتما بأن «الأزمة المالية بحاجة ماسة إلى حزمة قوانين أو تعديلات على قوانين موجودة حاليا».

أما رئيس البرلمان جاسم الخرافي، فوجه أمس اتهاما حادا للحكومة، نظرا لتباطؤها في معالجة الأزمة الاقتصادية، معتبرا أن ذلك «سبب زيادة الأعباء المترتبة في هذا الشأن»، كما طالب بـ«الاستعجال في معالجة آثار الأزمة الاقتصادية وتردي أوضاع الاقتصاد الوطني». وقال الخرافي خلال لقائه بالصحافيين أمس في البرلمان «أضم صوتي لكل من يتحدث عن بطء الحكومة في اتخاذ إجراءاتها، وأوصلت هذه الرسالة إلى ذوي الشأن، كما أن الانتقادات الموجهة للحكومة ليست موجهة فقط من نواب الأمة، بل من الشارع الكويتي بصفة عامة، لذلك عليها الاستعجال في معالجة الأوضاع الاقتصادية بصفة نهائية، وعدم تركها من دون حل، لأن هذا سيزيد من عبء المعالجة».

وبحسب وكالة الأنباء الكويتية حذر الخرافي من حدوث أزمة تطال موظفي القطاع الخاص الكويتيين، وربما تؤدي إلى فقدانهم وظائفهم بسبب الأزمة الاقتصادية، معتبرا أن «المسألة في حال عدم اتخاذ الحكومة أي إجراء لمعالجة الأزمة الاقتصادية، لن تتعلق فقط بموضوع البطالة، بل ستكون أكبر من ذلك بكثير». وتمنى أن ترفع الحكومة تصوراتها لمعالجة الأزمة بشكل سريع، مشيرا إلى أن «رئيس فريق الإنقاذ الحكومي، محافظ بنك الكويت المركزي، الشيخ سالم الصباح، يعرف عواقب هذه الأحداث، ونأمل أن تتخذ الإجراءات التي تحدث عنها، وأن تحال تلك الإجراءات إلى مجلس الأمة في أسرع وقت ممكن، والمطلوب هو معالجة شاملة للأوضاع، كما نأمل أن نرى هذا التصور في القريب العاجل لا سيما أننا وصلنا إلى مرحلة لا نتكلم فيها بصفة عامة، بل نريد سماع تفاصيل المعالجة، فلم يعد كافيا أن تقول الحكومة إنها بصدد المعالجة، بل عليها البدء بإجراءات تنفيذية، واتخاذ قرارات».

وعلى صعيد متصل، أكد وزير التجارة أحمد باقر، أمس، أن «فريق إنقاذ الاقتصاد الوطني سيعرض على الحكومة تصوراته لمعالجة الأزمة المالية التي تتعرض لها البلاد»، وذلك في الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء المقرر عقده اليوم. وشدد بعد حضوره اجتماع اللجنة المالية في البرلمان أمس، على أن «المناقشات النيابية الحكومية التي تناولها اجتماع اللجنة أدت إلى تشخيص الأزمة التي يعانيها الاقتصاد، وما نتج عنها من تردٍ للأوضاع الاقتصادية، لكن في المقابل لم تتم مناقشة أي مقترح بشراء مديونيات المواطنين» في رد على أنباء تواترت عن اتجاه نيابي لإعادة إحياء مقترح شراء مديونيات المواطنين الذي يتبناه مجموعة من النواب، بهدف التخفيف عن المواطنين، والمساهمة في توفير سيولة للبنوك وشركات الاستثمار. وذكر الغانم أن تحذيرات كثيرة قدمت للحكومة لحل الأزمة، «وكانت هناك طلبات كثيرة قدمت لهم عن طريق اللجنة المالية إلا أنهم لم يقدموا شيئا، أما اليوم (أمس) فقد قدم فريق العمل تقريرا إنشائيا، واعدا بتقديم التصورات والمقترحات لمجلس الأمة غدا (اليوم)، فطلبنا من الفريق الاجتماع بعد غد (غدا) لمناقشة هذه التصورات بعد عرضها على مجلس الوزراء».

وصعّد الغانم من لهجته تجاه الحكومة، معتبرا ما جرى خلال اجتماع اللجنة المالية أمس «تسويفا، لأن الشعب الكويتي متضرر، ونحن نتحدث عن انهيار اقتصاد وبلد، وانسحابي من الاجتماع رسالة إلى الحكومة لوجوب تقديمها الحل الشامل بأسرع وقت ممكن، فعدم قيامها بهذا الشيء أمر لا يمكن السكوت عنه».

وأرجع النائب مرزوق الغانم في بيانه أسباب تأخر الحكومة في تقديم مرئياتها لمعالجة الأزمة الاقتصادية إلى «ثلاثة احتمالات؛ الأول أن تكون الحكومة عاجزة، أو قادرة لكن تنقصها الجرأة، أو تتعمد ذلك لأهداف بعيدة المدى، وتريد الوقوف متفرجة إزاء الانهيار الاقتصادي». وذكر المحافظ أن تصورات معالجة الأزمة المالية «تتضمن ترتيبات وإجراءات محددة وذات طابع استباقي وعلاجي وقابل للتنفيذ، ويتم من خلالها التأكيد على حماية وسلامة المراكز المالية للبنوك، والمحافظة على متانة الأوضاع في وحدات الجهاز المصرفي والمالي الكويتي، وبما يعزز الاستقرار المالي في الدولة»، منوها بأن «هذه التصورات توفر كذلك معالجات لمواجهة انعكاسات الأزمة على مختلف القطاعات الاقتصادية، من خلال تقديم بعض التمويل اللازم لتدعيم أنشطة المؤسسات المختلفة لهذه القطاعات مع معالجات محددة للارتباكات المالية التي تواجهها بعض شركات الاستثمار المحلية، كما أن المعالجات المقترحة تأخذ بعين الاعتبار تدعيم أسعار الأصول من خلال تقليل فرص عرضها للتسييل».