المتحدث باسم البنتاغون: قلقون في غوانتانامو من معتقلين سابقين عادوا لممارسة نشاطات إرهابية

الكوماندر غوردون قال لـ«الشرق الأوسط» إن أميركا تنسق مع الحلفاء وأن هناك 16 من قيادات التنظيم يعتبرون مشكلة أمام إغلاق المعسكر

قيادات قاعدة اليمن كما ظهرت في شريط فيديو بموقع أصولي (اليمين إلى اليسار) السعودي أبو حارث محمد العوفي السجين رقم 333 في غوانتانامو ثم قائد قاعدة اليمن (أبو بصير) ناصر الوحيشي، ثم نائبه السعودي سعيد الشهري السجين رقم 372 في غوانتانامو ثم القائد الميداني قاسم الريمي (أ.ب.ا).
TT

تواجه الولايات المتحدة، التي قرار رئيسها الجديد إغلاق معتقل غوانتانامو، تحديا جديدا، هو أن بعض الذين يطلق سراحهم، بعد ثبوت براءتهم من الانتماء إلى تنظيم القاعدة، يعودون ليظهروا كمقاتلين في تنظيم القاعدة.

ومما يزيد المشكلة تعقيدا، أنه، بحسب المصادر الأميركية انضم نحو 61 معتقلا سابقا إلى صفوف القاعدة بعد إطلاق سراحهم من غوانتانامو، أي بنسبة 11 في المائة من عدد المعتقلين الإجمالي، منذ افتتاح معسكر الأسر الأميركي في 2002.

وكان تسجيل مصور جديد لـ«القاعدة» في اليمن كشف أول من أمسعن تقلد سعوديين هاربين مناصب قيادية في التنظيم، وكانا الإثنان ضمن برنامج «المناصحة»، بعد خروجهما من معتقل غوانتانامو. كما أن أبو بصير ناصر الوحيشي الذيأعلن عنه التسجيل بوصفه زعيم التنظيم الجديد «في جزيرة العرب» هو أحد أعضاء «القاعدة» الـ23 الذين فروا من سجن الأمن السياسي بصنعاء، في فبراير (شباط) 2006، وأبرز المطلوبين للأجهزة الأمنية اليمنية، بتهمة تشكيل تنظيم مسلح، والتخطيط لتفجير منشآت نفطية في اليمن. وقالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) هذا الشهر إن «61 معتقلا سابقا من سجن خليج غوانتانامو بكوبا عادوا، في ما يبدو، إلى القتال مع المتشددين منذ الإفراج عنهم».

وفي شريط الفيديو الذي بثته مواقع أصولية قريبة من القاعدة، أعلن الوحيشي عن تشكيلة واحدة لتنظيم القاعدة في الجزيرة العربية، بعد مبايعة عدد من أعضاء التنظيم في السعودية للإمارة في اليمن، تحت مسمى واحد، هو «تنظيم القاعدة في جزيرة العرب».

وقال الوحيشي في كلمة -وظهر بجانبه أبو سفيان الأزدي سعيد الشهري (سعودي الجنسية) الأسير رقم 372 في غوانتانامو سابقا والذي عين نائبا للمجموعة)، وأبو هريرة قاسم الريمي القائد العسكري للمجموعة (يمني الجنسية)، والقائد الميداني للمجموعة أبو الحارث محمد العوفي (سعودي الجنسية)- نشرت على شبكة الإنترنت إن «تنظيم القاعدة في جزيرة العرب» أصبح بإمارة واحدة.

من جهته أكد مسؤول أميركي في مكافحة الإرهاب، طالبا عدم الكشف عن هويته، أن «سعيد علي الشهري الذي أطلق سراحه من غوانتانامو أصبح بالفعل أحد قادة خلية القاعدة في اليمن». ولم يشأ المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية الكوماندر جيفري غوردن تأكيد معلومات موقع «سايت»، وقال: «ما زلنا قلقين من قدامى المعتقلين في غوانتانامو الذين أعادوا نسج صلات مع منظمات إرهابية بعد مغادرتهم مركز الاعتقال». وأضاف: «سنواصل التعاون مع الحلفاء لخفض التهديد الذي يشكلونه»، إلا أنه أكد لـ«الشرق الأوسط» في لقاء موسع بقاعدة غوانتانامو، إن الـ16 الخطرين من قيادات القاعدة، المحتجزين بالمعسكر السابع السري، هم العقبة الحقيقية لإغلاق المعسكر. وكشف أن هذا المعسكر سري للغاية، ولا يعرف أحد مكانه، حتى هو شخصيا لم يزره.

ومن الـ16 الخطرين الخمسة الكبار المتهمون بتدبير هجمات سبتمبر (أيلول)، وهم: «خالد شيخ محمد، واليمني وليد بن عطاش، واليمني رمزي بن الشيبة الذي اعتقل في باكستان عام 2002، ومحمد القحطاني الذي يعتقد أنه الخاطف رقم 20 في قائمة الانتحاريين الذين نفذوا الهجمات، وعلي عبد العزيز علي البلوشي، والسعودي مصطفى الحوساوي، والإندونيسي حنبلي مسؤول تنظيم القاعدة في جنوب شرقي آسيا». وأضاف غوردون أن المعتقلين اليمنيين هم الأكثر عددا في غوانتانامو، برقم يفوق المائة، مشيرا إلى إدانة ثلاثة أشخاص حتى الآن، اثنان منهم من اليمن هما سالم حمدان سائق بن لادن الذي قضى مدة محكوميته ورحل إلى بلده الأصلي، وسليمان البهلول الذي حكم عليه بالسجن مدى الحياة، والأسترالي ديفيد هيكس الذي رحل هو الآخر إلى بلده الأصلي».

وكان حمدان قد أدين في أغسطس (آب) بتقديم خدمات شخصية لدعم الإرهاب من خلال قيادة سيارة بن لادن وحراسته.

وحكم على حمدان بالسجن 66 شهرا، ولكن حسبت منها المدة التي قضاها في غوانتانامو. وكان من المقرر انتهاء عقوبته في 31 ديسمبر (كانون الأول)، وقالت وزارة الدفاع الأميركية إن بقية المدة قضاها في اليمن قبل إطلاق سراحه. وتشكلت المحكمة لمحاكمة غير الأميركيين بتهم إرهاب خارج المحاكم المدنية والعسكرية في قاعدة بحرية أميركية في خليج غوانتانامو في كوبا. ومن أصل 250 سجينا تبقوا في غوانتانامو هناك نحو 100 يمني. وفي شريط الفيديو الذي يستمر 19 دقيقة، ظهر ثلاثة أشخاص آخرون، منهم أبو الحارث محمد العوفي الذي يوصف بأنه أحد قادة «القاعدة». وأوضح موقع «سايت» أنه المعتقل السابق رقم 333. وقال المعتقل السابق في غوانتانامو في شريط الفيديو: «بفضله تعالى لم يؤد الأسر إلا إلى ترسيخ إيماننا بالمبادئ التي خضنا من أجلها الجهاد ووقعنا في الأسر». ونقل الشهري من غوانتانامو إلى السعودية في 2007، كما أوضح مسؤول عن مكافحة الإرهاب. وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز»، الجمعة، أن الشهري خضع في السعودية لبرنامج إعادة تأهيل، قبل أن يختفي ثم يعاود الظهور في اليمن. وتكشف هذه الحالة تعقيدات مهمة إغلاق سجن غوانتانامو في غضون سنة، كما قرر الرئيس الأميركي باراك أوباما. وأكدت وزارة الدفاع الأميركية أن 61 على الأقل من قدامى معتقلي غوانتانامو من أصل 520، نقلوا ثم أفرج عنهم، يشتبه في أنهم استأنفوا القتال. واتهمت وزارة الدفاع الأميركية 18 من هؤلاء بالقيام بأنشطة إرهابية جديدة. ولا يزال 245 شخصا معتقلين في غوانتانامو.

وقال تقرير صدر قبل أيام من تسلم الرئيس باراك أوباما مهامه رسميا، إن 18 معتقلا سابقا تأكدت مشاركتهم في هجمات، وإن 43 آخرين يشتبه بتورطهم في هجمات أيضا. ويمثل هذا الرقم قرابة 11% من الـ529 سجينا الذين أفرج عنهم من المعتقل المثير للجدل، والذي أصدر أوباما قرارا بإغلاقه في أول يوم له في البيت الأبيض. وأشار بيتر بيرغن الخبير في قضايا الإرهاب، لشبكة «سي.إن.إن» الإخبارية، إلى أن البنتاغون لم يسم إلا عددا قليلا من أصل الثمانية عشرة معتقلا، ممن تأكدت معاودتهم ممارسة الأنشطة الإرهابية. وأضاف أنه في حال الافتراض أن جميع هؤلاء الـ18 «تأكدت» عودتهم إلى القتال، فإن ذلك يساوي 4% من المعتقلين الذين أفرج عنهم. ولفت بيرغن إلى أن بعض معتقلي غوانتانامو، ربما ليسوا إرهابيين على الإطلاق، لكن وصموا بأنهم من أتباع «القاعدة» من قبل أطراف محلية من القرى القادمين منها بهدف الثأر.

من جهته قلل وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس، من أهمية أرقام المعتقلين السابقين الذين عاودوا القتال. وقال «إنه ليس رقما كبيرا عندما تتحدث عن قرابة 700 أو ألف معتقل مروا بغوانتانامو».

ورفض مسؤولون في البنتاغون لأسباب أمنية الكشف عن كيفية استنتاج هذه الإحصائية، لأن كشف هذه المعلومات قد يعطي معطيات حول كيفية جمع الاستخبارات الأميركية لمعطياتها.

ويعتقد أن سعيد علي الشهري، السجين رقم 372، مسؤول عن الهجوم الذي استهدف السفارة الأميركية في اليمن، وأدى إلى مقتل قرابة 12 شخصا، الخريف الماضي، أي بعد أقل من عام على الإفراج عنه من غوانتانامو.

ومن القياديين الآخرين المعتقلين السابقين في غوانتانامو، عبد الله محسود، الذي فجر نفسه لتفادي اعتقاله من قبل القوات الباكستانية في يوليو (تموز) 2007، بالإضافة إلى رسلان أوديزهيف، الذي نقل إلى روسيا في مارس (آذار) 2004، ليقتل في يونيو (حزيران) 2007 في اشتباك مسلح مع قوات الأمن الروسية.