تحذيرات جديدة من «الديكتاتورية».. و«الدعوة» يرد: العراقيون لا يريدون حكومة ضعيفة

عبد المهدي دعا إلى «دولة مؤسسات وليس الشخص الواحد».. وبارزاني: هناك من يريد السيطرة على الجيش والشرطة

TT

يتعرض رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وحزب الدعوة، الذي يتزعمه، إلى حملة من الانتقادات والاتهامات المبطنة والعلنية من حلفائه في الائتلاف العراقي الموحد الحاكم، أكبر الكتل الشيعية في البرلمان، وازدادت هذه الحملة ضراوة مع اقتراب موعد إجراء الانتخابات المحلية لانتخاب أعضاء مجالس المحافظات، باتهامه بـ«الدكتاتورية»، و«الانفراد بالسلطة»، كما تزامنت مع اتهامات مماثلة وجهها له حلفاؤه الأكراد. وفسر مراقبون تصريحات أدلى بها نائب رئيس الجمهورية، عادل عبد المهدي، وهو قيادي بارز في المجلس الأعلى الإسلامي، وأخرى لرئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، أمس، حول «العودة إلى الدكتاتورية» بأنها إشارات ضمنية إلى المالكي. ونشطت هذه الاتهامات عندما دعا المالكي إلى إجراء تعديلات في الدستور لصالح تقوية الحكومة المركزية، كما أنه أصر على الاستمرار في تشكيل مجالس الإسناد العشائرية، قائلا إن تشكيلها يعزز الأمن ويدعم الحكومة، فيما ترى الأطراف الأخرى أن المطالبة بتعديل الدستور تعني منح المالكي مزيدا من الصلاحيات على حساب صلاحيات الأقاليم والمحافظات وأن الاستمرار بدعم مجالس الإسناد يشكل خطرا على العراق مخافة أن تتحول إلى مليشيات مسلحة.

وقال عبد المهدي، حسب بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، أمس، أثناء لقائه بنخبة من أساتذة الجامعة والأدباء والصحافيين والإعلاميين في قضاء الشطرة في محافظة ذي قار، «نحن بين خيارين: إما دولة مؤسساتية تخضع للدستور، أو دولة غير مؤسساتية تخضع للأهواء وإرادة الفرد، كما كان يحدث في السابق، وأن التصنيف الرئيسي هو بين دولة تخدم المسؤول وبين دولة تخدم المواطن»، وأضاف عبد المهدي، الذي كان قد تنافس مع المالكي على منصب رئاسة الوزراء إبان تشكيل الحكومة، أن «خيارنا هو دولة المواطن، ودولة الشعب ودولة المؤسسات، لا دولة الرجل الواحد، لأن الرجال يأتون ويذهبون لكن الدولة باقية».

ومن جانبه، اتهم رئيس إقليم كردستان، أمس، جهات لم يسمها بالسعي لفرض «الديكتاتورية» على العراق عبر السيطرة على الجيش والشرطة وعرقلة تطبيق مادة في الدستور تنظم حل مشكلة المناطق المتنازع عليها.

وقال مسعود بارزاني في لقاء في دهوك مع وجهاء ومسؤولين حزبيين إن «هناك من يريد العودة للدكتاتورية بالسيطرة على الجيش والشرطة ولن نقبل بذلك أبدا». وأضاف «نحن مع تشكيل جيش قوي يخدم الشعب.. يسرنا أن يكون للعراق جيش قوي، لكن كيف تتم إدارة هذا الجيش ليخدم الشعب وأن لا يتدخل في السياسية، لأنه من غير الممكن أن نقبل بتدخل الجيش في السياسية لأنه ملك الشعب كما النفط والغاز».

وتحدث بارزاني عن العلاقة مع بغداد وقال «ننتظر اللجان التي تشكلت لتحديد وتفعيل العلاقة مع الحكومة الفيدرالية ونحن بانتظار الوصول إلى نتائج جيدة» في ما يتعلق بالجدل حول قوات البيشمركة التي تعدها حكومة كردستان جزءا من الجيش العراقي، لكن بغداد ترفض تمويلها.

ومن جانبه، قال حيدر العبادي القيادي البارز في حزب الدعوة، والمقرب من المالكي، «كنا نتوقع ذلك قبل فترة (تصاعد حدة الانتقادات) ولدينا معلومات أن هذا الكلام سيزداد مع اقتراب الحملة الانتخابية»، وأضاف أن سبب ذلك «إنجازات الحكومة الكبيرة جدا، وثقة الناس العالية وبالتالي فإن الشجرة المثمرة دائما ترمى بالحجارة». وأضاف العبادي أن «الناس تطالب بحكومة مركزية قوية لأنها لم تر الأمن والاستقرار إلا برئيس وزراء قوي، والناس ضجرت من حكومة مركزية ضعيفة، ويعرفون أن بعض الأحزاب تريد الحكومة المركزية أن تبقى ضعيفة لكي تكون هي (الأحزاب) أقوى من الدولة».

وأكد العبادي «نحن ملتزمون بالدستور وبأن العراق دولة اتحادية، لكن هذا لا يعني أن المركز أضعف من الأطراف، إن الاتحادية تعني أن هناك سلطات حصرية للاتحاد وأخرى للمحافظات والأقاليم وبالتالي فإن كل جهة لها صلاحياتها ودورها».

وأضاف العبادي أن «صلاحيات رئيس الوزراء واضحة، البعض كان يريد أن يزيد صلاحياته على (حساب) صلاحيات الآخرين، ولو كان رئيس الوزراء قد تجاوز صلاحياته لكانوا قد ذهبوا إلى المحكمة الدستورية، ولكن لحد الآن لم يذهب أحد إليها لأن صلاحيات رئيس الوزراء واضحة، والدستور صمم على أن رئيس الوزراء هو السلطة التنفيذية الأعلى في هذا البلد، ولأن البلد سيضيع إذا لم تكن لديه سلطة تنفيذية مركزية».

وأشار العبادي إلى أن المالكي نجح خلال عامين في استتباب الأمن، مشيرا إلى أن العراق الآن في مرحلة البناء وأضاف أن تلك المرحلة «في أي دولة اتحادية تحتاج إلى تنسيق وتعاون بين الحكومة المركزية من جهة والأقاليم والمحافظات من جهة أخرى. وهذا ما نحققه لأن رؤيتنا هي التنسيق لا أن يكون هناك تناقض وتجاذب»، وأضاف أن «الآخرين يجرونا إلى تجاذب وصراع بين المركز والأقاليم وكأن المركز عدو»، وأضاف أن «المركز ليس عدوا بل هو جزء من مؤسسات الدولة لتوفير الخدمات وما يطلبه الوطن والمواطن».