«بي بي سي» وسط عاصفة إعلامية بسبب رفضها بث إعلانات داعمة لغزة

أكثر من 10 آلاف شكوى وانتقادات رسمية لقرارها.. وقنوات خاصة تساند حملة التبرعات

فلسطينية تصور الدمار الذي الحقه العدوان الاسرائيلي بشرق جباليا شمال غزة امس (ا ب)
TT

وجد المسؤولون عن هيئة الاذاعة البريطانية «بي بي سي» انفسهم خلال اليومين الماضيين وسط عاصفة اعلامية بسبب قرار الاذاعة عدم بث اعلانات لمؤسسات اغاثة بريطانية لجمع التبرعات لغزة. وأكد ناطق باسم «بي بي سي» ان موقف الهيئة مازال رافضاً لبث الاعلانات رغم مناشدة شخصيات بريطانية بارزة مثل وزير التنمية الدولية دوغلاس الكساندر ووزير الدولة للعدل شاهد مالك. وقال الناطق في رد على استفسارات «الشرق الاوسط»: «موقفنا لم يتغير»، مشيراً الى رسالة المدير العام لـ «بي بي سي» مارك تومسون التي نشرت على موقعها الالكتروني لشرح القرار. واوضح تومسون في رسالته ان قراره يعود الى «قلق حول اذا كان الدعم سيصل حقاً على واقع الارض»، مضيفاً الى ان «السبب الاساسي الثاني هو ضرورة وضع كافة القضايا في اطار موضوعي ومتوازن». وتابع ان بث الاعلان كان «سيخاطر بخفض ثقة الجمهور بعدم انحياز بي بي سي في تغطيتها الاوسع للخبر».

ولكن لم يقنع تفسير تومسون المعارضين لهذا القرار. وقال الناطق باسم «بي بي سي» ان الهيئة استلمت 10 آلاف شكوى من خلال البريد الالكتروني وألف شكوى من خلال الاتصالات الهاتفية حول قرارها حتى ظهر امس. واعتبر الوزير مالك في بيان ان قرار «بي بي سي» «حقاً مأساوي»، مضيفاً «في محاولة خاطئة للظهور بعدم الانحياز، تبدو بي بي سي عكس ذلك تماماً». ومن المتوقع ان يتقدم اكثر من 50 نائباً بريطانياً بطلب للبرلمان لمطالبة الـ «بي بي سي» ببث الاعلان الداعم لغزة. وعمل النائب العمالي ريتشارد بيردان على جمع 51 توقيعا حتى مساء امس في عريضة خاصة بحملة غزة، معتبراً ان الاسباب وراء قرار هيئة الاذاعة البريطانية «غير مقنعة». واضاف في بيان: «هذه ليست مسألة تتعلق باتخاذ مواقف (سياسية) في الصراع، انها مسألة تزويد اشخاص بأمس الحاجة بالمساعدة»، موضحاً: «يعترف الجميع بذلك، بما فيها الحكومة، البي بي سي الوحيدة التي لديها مشكلة في فهم ذلك».

من جهتها، قالت الناطقة باسم «لجنة الكوارث الطارئة» المعروفة بـ «دي أي سي»، شاهيستا عزيز: القرار يعود لـ «بي بي سي» ولكننا نعتمد على كرم الشعب البريطاني لتقديم المساعدات الضرورية على الارض. واضافت لـ «الشرق الاوسط»: «المنظمات التي نمثلها تعمل على الارض في غزة ولكن الاموال بدأت تتقلص ولهذا قررنا اطلاق هذه الحملة»، مضيفة: «لا نريد التدخل في قرارات «بي بي سي» الخاصة وقد ساهمت التغطية الاعلامية حول قرارها في نشر الوعي حول حملتنا». وأكدت عزيز ان القنوات المنافسة لـ«بي بي سي» مثل «آي.تي.في» والقناتين الرابعة والخامسة البريطانية، وكلها قنوات خاصة، قررت بث النداء، رغم رفضها الاولي على خلفية قرار الـ «ي بي سي» وتبث الاعلانات مساء اليوم بعد ان بدأت الصحف البريطانية بنشر الاعلانات للحملة الوطنية منذ يومين.

يذكر ان قرار الـ «بي بي سي» عدم بث الاعلان يخرق اتفاقاً بين وسائل الاعلام البريطانية و«لجنة الكوارث الطارئة» (التي اسست عام 1963) لبث ونشر اعلانات مجانية لجمع التبرعات لكارثة تعتبرها اللجنة الوطنية تستحق دعما استثنائياً. وفي السابق، بثت الـ «بي بي سي» اعلانات ضمن حملة لجمع التبرعات للكونغو وبورما. وأعلنت «لجنة الكوارث الطارئة» يوم الخميس الماضي مناشدتها للشعب البريطاني بالتبرع من اجل «تخفيف المعاناة اليائسة للذين تضرروا بسبب الصراع في غزة». وقال المدير التنفيذي للجنة البريطانية براندان غورملي ان «كبر الدمار في اراضي غزة دفع وكالات الاغاثة البريطانية للعمل». وشرح غورملي في بيان: «نحن لا نقترح اعادة اعمار غزة، هذا ليس دورنا، ولكن بدعم الشعب يمكننا المساعدة في الاحتياجات القصيرة الأمد»، مشدداً على ان الوكالات لا تتدخل سياسياً في الوضع في غزة. وكان الأسقف جون سينتامو أسقف يورك، الرجل الثاني في الكنيسة الانغليكانية، من بين المطالبين بتراجع الـ«بي بي سي» عن قرارها. وقال إنه «ليس نداء من حركة حماس لطلب أسلحة ولكنه نداء من لجنة الكوارث الطارئة لطلب المساعدة». وبرفض هذا الطلب تكون «بي.بي.سي» قد ناصرت بالفعل أحد الجانبين وتخلت عن حياديتها. ويهدف نداء التبرعات الذي أصدرته اللجنة التي تضم كبرى الهيئات الخيرية البريطانية مثل بالتضامن مع أوكسفام والصليب الأحمر البريطاني، إلى تخفيف ما وصفه وزير التنمية الدولية ألكسندر بأنه «معاناة ضخمة» في قطاع غزة، مطالباً «بي بي سي» بالمساهمة في توعية الشعب البريطاني حول الحاجة للتبرعات. ونشرت صحيفة «ذا ابسورفر» البريطانية امس افتتاحية بعنوان «بي بي سي» خاطئة حول قرارها تجاه حملة غزة انتقدت فيها قرار الـ«بي بي سي».