«ألغاز قانونية» تعترض طريق أوباما لغلق غوانتانامو

جدل في أميركا حول مصير المعتقلين المصنفين خطرين جداً

TT

وقع الرئيس الأميركي باراك أوباما بعد يومين على تسلمه السلطة الأسبوع الماضي رسمياً، مرسوماً يأمر بإغلاق معتقل غوانتانامو ومحاكمه الاستثنائية، في بادرة تجلى فيها عزمه على إعلان قطيعة عن عهد سلفه جورج بوش، غير أن الطريق إلى تحقيق ذلك مزروعة بالعقبات.

وحدد أوباما لإدارته مهلة ستة أشهر للبت في مصير المعتقلين الذين ما زالوا محتجزين في غوانتانامو وعددهم يقارب 245 معتقلا. وستقوم «مجموعة عمل» برئاسة وزارتي العدل والدفاع (البنتاغون) وبمشاركة أجهزة الاستخبارات بمراجعة دقيقة لأسباب اعتقالهم. وستفضي هذه الآلية إلى إطلاق سراح المعتقلين الذين لا مأخذ للأميركيين عليهم وترحيلهم. وستبت مجموعة العمل بعدها في إمكانية بدء ملاحقات قضائية بحق المعتقلين المتبقين. وستظهر عندها فئة ثالثة من المعتقلين هم الذين يعتبرون أخطر من أن ينقلوا إلى بلدان أخرى غير أن الحكومة لا تملك أدلة كافية ضدهم، أو أنها لا تملك سوى اعترافات انتزعتها منهم تحت الضغط ولا يمكن بالتالي استخدامها في محاكمة. وسيترتب على مجموعة العمل البحث عن «وسائل قانونية» لإبقائهم قيد الاعتقال.

ورأى بنجامين ويتس الخبير السياسي في معهد بروكينغز في مذكرة خطية أن «المرسوم يعرض آلية وتطلعاً، لكنه يحرص على إبقاء كل الخيارات مطروحة ويعطي الإدارة الجديدة هامش تحرك واسعاً جداً». وأقر جون ماكين المنافس الجمهوري لأوباما في الانتخابات الرئاسية «أن غوانتانامو تطرح مشكلة بالنسبة لصورة بلدنا» في العالم. لكنه أضاف في تصريحات لشبكة «فوكس نيوز» أن «الرئيس لم يعرض خطة، أعتبر من جهتي أنه ينبغي أن تكون هناك محاكمات لمجرمي الحرب ولجان عسكرية». وترفض جمعيات الدفاع عن حقوق الإنسان ومحامو الدفاع وبعض الخبراء احتجاز معتقلين لفترة غير محددة بحجة أنهم خطيرون. غير أن هذا الجدل قد يزداد تعقيداً إثر ورود أنباء أفادت أن معتقلا سابقاً في غوانتانامو أصبح المسؤول الثاني لـ«القاعدة» في اليمن، بعدما كان البنتاغون كشف أن ستين معتقلا آخر سابقاً حملوا السلاح مجدداً ضد الولايات المتحدة. كما يواجه إغلاق غوانتانامو عقبة أخرى بعدما سمحت المحكمة العليا للمعتقلين بالطعن في اعتقالهم أمام المحكمة الفيدرالية في واشنطن، مما يعني أن القضاء المدني قد يعيد النظر في ملفاتهم بموازاة آلية البت في مصيرهم. واعتبر القضاء حتى الآن أن ستة معتقلين من أصل تسعة تم النظر في ملفاتهم، اعتقلوا بصفة غير شرعية. وأرجأ قاض فيدرالي، الثلاثاء، ثلاث جلسات بطلب من إدارة أوباما، غير أن ديفيد سينامون الذي يتولى الدفاع عن أربعة كويتيين قال لوكالة «فرانس برس» أن «محامي المعتقلين قد يعترضون على مثل هذا الطلب». كما أن مسألة نقل المعتقلين إلى بلد آخر بالنسبة للذين يتم الإفراج عنهم وإلى الولايات المتحدة بالنسبة للآخرين، تبقى مطروحة. ويتواجه الديموقراطيون والجمهوريون حول هذه المسألة في الكونغرس، إذ يدعو البعض إلى نقل المعتقلين إلى السجون الأميركية، فيما يطالب البعض الآخر بمنع نقل «الإرهابيين الخطيرين» إلى ولاياتهم.

وسعى نائب الرئيس الأميركي جو بايدن، الأحد، لطمأنة الأميركيين فأكد أنه لن يتم الإفراج عن أي من المعتقلين في الولايات المتحدة. وقال متحدثاً لشبكة «سي بي إس» «لن نستقبلهم في الولايات المتحدة لأنهم ليسوا مواطنين أميركيين باستثناء واحد على ما أعتقد». ويتناول الجدل أيضاً مسألة الهيئات القضائية التي ستحل محل المحاكم العسكرية الاستثنائية بعدما عُلق عملها بطلب من أوباما، وهي مسألة لا تقل صعوبة عما سبق. وبين الحلول المطروحة مثول المعتقلين أمام محاكم عسكرية أو محاكم فيدرالية تقليدية أو محاكم «أمن قومي» أو لجان عسكرية معدلة. ولم تستبعد الإدارة الجديدة حتى الآن أي حل، مما أثار انتقادات محامي الدفاع الذين يدعون إلى إحالة الملفات على المحاكم الفيدرالية أو المحاكم العسكرية.