خبراء أمنيون لـ«الشرق الأوسط»: 1% نسبة انتكاس العائدين السعوديين من غوانتانامو

أهالي معتقلين: نتمنى ألا يؤثر ما فعله اثنان على جهود الإفراج عن البقية

TT

المشهد يعيد نفسه مرة أخرى. فها هو سعيد الشهري العائد السعودي من غوانتانامو، والذي بات يعرف بالرجل الثاني في تنظيم القاعدة باليمن، يغادر السعودية قبل 4 أشهر، مخلفا وراءه زوجته التي تركها تصارع البقاء قبل أشهر من ولادتها، وهو المشهد نفسه الذي حدث في 2001، حينما تركها وغادر إلى أفغانستان وقد حملت بابنتها الأولى «أسماء»، التي لم يرها والدها إلا بعد أن تمكنت جهود الحكومة السعودية من استعادته من غوانتانامو في نوفمبر (تشرين الثاني) 2007، ضمن مجموعة قوامها 14 شخصا.

لكن، مما عمق جراحات أسرة الشهري، بحسب مقربين للعائلة، أن ابنهم، غادرهم هذه المرة، وأبوه في حالة مرضية، وهو ما رسم حوله الكثير من المراقبين علامات استفهام لحالة سعيد الذهنية الذي فر مع محمد العوفي لخارج السعودية، وخصوصا في ظل الرعاية التي أحاطته بها الرياض منذ وصوله، وحتى الأيام التي اتخذ قراره بالرحيل منها.

وقال خبراء أمنيون سعوديون لـ«الشرق الأوسط»، أن سعيد الشهري ومحمد العوفي، واللذين تواترت الأنباء حول تواجدهما في اليمن وانضمامهما لـ«القاعدة»، لا يشكلان 1 في المائة من مجموع العائدين الكلي (117 عائدا + 3 متوفين)، وهو ما عده مؤشرا على فعالية برامج المناصحة والرعاية في السعودية.

وكانت الولايات المتحدة الأميركية، قد نصحت اليمن، قبل ساعات من الكشف عن شريط ضم 4 قيادين في تنظيم القاعدة باليمن، كان الشهري والعوفي من ضمنهم، بإرسال ما يزيد على 90 يمنيا معتقلا في غوانتانامو على وشك الإفراج عنهم، للسعودية، لإخضاعهم لبرامج تصحيح أفكار تنظيم القاعدة، وهو ما قرأه محللون من أنه اعتراف صريح من واشنطن بجدوى برامج الرياض الفكرية في هذا الإطار.

ويتضح من جميع البيانات الصادرة من وزارة الداخلية السعودية التي كانت تعلن من خلالها تسلمها دفعة جديدة من غوانتانامو، أنها تشيد بالالتزام الذي يبديه العائدون السابقون من غوانتانامو، وهو ما يعكس عدم تسجيل ملاحظات على غالبيتهم.

وفي هذا الإطار، أكد عبد الله القحطاني، شقيق جابر، والذي عاد من غوانتانامو ضمن دفعة سابقة، ولا يزال في انتظار محاكمته، أن غالبية العائدين من المعتقل الأميركي لا تربطهم علاقة مباشرة ببعضهم بعضا في هذا الوقت، حيث انصرف كل واحد منهم إلى غايته، وغالبيتهم تم تزويجه.

وأشار إلى أن شقيقه، يعمل الآن في تجارة مواد البناء، وهو في انتظار مولوده البكر بعد أشهر. وكان كل من سعيد الشهري ومحمد العوفي، قد حضرا أكثر من مناسبة زواج أقيمت لعائدين من غوانتانامو. يقول عبد الله في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، إنه التقى بالرجلين في أكثر من مناسبة زواج للعائدين من غوانتانامو، ولم يلحظ على سلوكهما أي تغيير. واعتبر أن نكوصهما إلى وضعهما السابق بمثابة «طعنة» لكل الجهود والأموال والسبل التي جيشت لإعادتهما إلى الحياة الطبيعية من جديد.

وأمام ذلك، أكد لـ«الشرق الأوسط» اللواء منصور التركي المتحدث الأمني بوزارة الداخلية، أن برنامج الرعاية الذي تقوم عليه الوزارة، ما هو إلا تهيئة للمعتقل الذي يترقب الإفراج، لدمجه في الحياة العامة. ولدى سؤاله حول مدى فعالية البرامج التي تقدمها الوزارة للعائدين من غوانتانامو، قال التركي «هناك اثنان غير ملتزمين، مقابل 115 ملتزما. الأرقام تتحدث عن نفسها». وفي جانب آخر، تنظر عائلات 13 معتقلا سعوديا، لا يزالون يقبعون في غوانتانامو، بعين من الترقب للانعكاسات التي من الممكن أن تنتج على خلفية انتكاسة حالة اثنين من العائدين، وانخراطهما مجددا في صفوف الجماعات المسلحة.

لكن عبد الله غازي الشربي، والد غسان، الذي تم إسقاط التهم عنه قبل حوالي 3 أشهر، أبدى تفاؤلا حذرا إزاء ضرورة ألا يؤثر هذا الأمر على جهود استعادة ما تبقى من المعتقلين السعوديين في غوانتانامو، خصوصا في ظل الترتيبات الجديدة التي قادت الرئيس الأميركي الجديد باراك أوباما لأصدار أمر بإغلاق المعتقل الأميركي سيئ السمعة.