استراتيجية «الحرب على الإرهاب» تتخذ منعطفا جديدا

خبراء: إدارة أوباما ستلاحق «القاعدة» بجدية ربما أكبر من جدية بوش

TT

رغم أن الرئيس الأميركي الجديد باراك أوباما أعلن عن تغيير في «الحرب الأميركية على الإرهاب» فور تسلمه منصبه في البيت الأبيض، كان من أهم معالمه حظر التعذيب وإعلان إغلاق معتقل غوانتانامو، إلا أن هذا التغيير يواجه العديد من التحديات.

وقد تجسدت أحد هذه التحديات القاسية على الأرض في الصراع ضد تنظيم «القاعدة» بسرعة على شكل غارات وهجمات صاروخية في الأراضي الباكستانية مما يعني أن «الحرب على الإرهاب» لم تتوقف مطلقاً. ويقول بروس رايدل المسؤول السابق في وكالة الاستخبارات المركزية (سي أي إيه) وأحد مستشاري أوباما خلال الفترة الانتقالية والحملة الانتخابية «إن مصطلح (الحرب على الإرهاب) ربما يتلاشى، ولكن (الحرب على «القاعدة») لن تتلاشى مطلقاً». وأضاف «من الخطأ الاستنتاج أن إدارة أوباما لن تتعقب «القاعدة» بجدية ربما تكون أكبر من جدية جورج بوش».

وأول من أمس أطلقت طائرة بدون طيار صواريخ في هجومين منفصلين على مخابئ يشتبه أن فيها متطرفين على طول الحدود الباكستانية مع أفغانستان. وذكر مسؤولون أمنيون باكستانيون أن 15 شخصاً من بينهم ثلاثة أطفال قتلوا. كما عرضت مواقع إسلامية شريط فيديو يقول إن سعيد علي الشهري، أحد المعتقلين السابقين في غوانتانامو أصبح نائب زعيم «القاعدة» في اليمن.

والشهري هو واحد من بين 61 سجيناً سابقاً في غوانتانامو تعتقد وزارة الدفاع الأميركية أنهم عادوا إلى «النشاطات الإرهابية» بعد إطلاق سراحهم. وقال مسؤول عسكري أميركي طلب عدم الكشف عن هويته إن «عدداً أكبر منهم سيفرج عنهم». ومع ذلك تصر الإدارة الأميركية الجديدة وغيرها من الجهات على أن الضرر الذي ألحقه معتقل غوانتانامو وأساليب التحقيق القاسية مثل الإغراق، بصورة الولايات المتحدة يتطلب تغييراً في التوجهات. وقال روبرت غيتس وزير الدفاع الأميركي الخميس الماضي «أعتقد أن عليك أن توازن ما بين كلفة أساليب التحقيق القاسية على قيمنا وتأثيرها على مبادئنا كما قال الرئيس في خطاب التنصيبب»، حسب «رويترز».

وصرح الأميرال المتقاعد دنيس بلير، مرشح أوباما لرئاسة أجهزة الاستخبارات الأميركية أمام الكونغرس هذا الأسبوع بأن «الفائدة التكتيكية المباشرة» لتلك الأساليب «ليست هي الجواب الوحيد». ويقول محللون إن الإدارة الجديدة تأمل في أن يؤدي التغيير في سياستها إلى تسهيل الحصول على المساعدات من حكومات أخرى وكذلك تخفيف المشاعر المعادية للولايات المتحدة التي تغذي التشدد في العالم الإسلامي. وقال روبرت هنتر الدبلوماسي والمستشار البارز لمؤسسة «راند» إن نبذ التعذيب وإغلاق معتقل غوانتانامو «سيزيدان من احتمال تعاون دول أخرى معنا في جهودنا لمكافحة الإرهاب». وأضاف أن هذه السياسات «تكثف القتال (ضد الإرهاب) ولكنها تؤكد على الأدوات التي من المرجح أن تكون لها آثار بعيدة المدى. إلا أن تطبيق السياسات الجديدة قد يعني مواجهة الإدارة الجديدة أسئلة عملية صعبة ستحتاج إلى حل سريع». ومن بين هذه الاسئلة: هل ستقوم الولايات المتحدة بترحيل قادة «القاعدة» المعتقلين في الخارج إلى الولايات المتحدة؟ وهل تستطيع وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) التحقيق مع المشتبه بانتمائهم لـ«القاعدة» في الخارج لوحدها، أم أنها ستعمل مع حكومات تلك الدول؟ وتواجه الولايات المتحدة مثل هذا الاختبار في باكستان حيث تمكن فريق مشترك من عناصر وكالة الاستخبارات المركزية وباكستان من القبض على سعودي يشتبه بأنه أحد كبار قادة «القاعدة» بعد ساعات من تنصيب أوباما. وقال مسؤولو أمن باكستانيون إن المشتبه به يدعى ذبيح الطائفي وهو مطلوب في تفجيرات لندن 2005 التي أودت بحياة 52 شخصاً. وقال ريدل إن «القبض على (الطائفي) جدير بالاهتمام.. فمنذ فترة طويلة لم نشهد القبض على أحد مسؤولي «القاعدة» المهمين بدلا من قتله. ونأمل في أن يكون ذلك مصدراً لمعلومات جديدة». وأضاف «لقد قلنا إننا لن نعتقل أشخاصاً في غوانتانامو، ولن نعذبهم، ولكن لدينا الآن سجين جديد. وربما يكون الأول الذي يتم تسليمه لإدارة أوباما». وتابع أن ذلك «بالطبع سيعتمد على ما إذا كان الباكستانيون سيسلمونه لنا أم إلى السلطات السعودية. ولكن هذه حالة مثيرة للاهتمام». وفي شهادته أمام الكونغرس لتأكيد ترشيحه هذا الأسبوع، أقر بلير بأن الولايات المتحدة لم تعثر بعد على «الطريقة الصحيحة لمعالجة مثل هذه الحملة الجديدة التي نشارك فيها». وقال «من ناحية علينا أن نخوض هذا القتال كحرب ونحتجز أشخاصاً ونحصل منهم على معلومات لحماية مواطنينا». وتابع «ومن ناحية أخرى علينا أن نحافظ على وضعنا كبلد تحكمه مبادئنا وقيمنا».