الأوامر للجنود في غزة: انتحر ولا تسمح لحماس باختطافك

روايات شهود عيان إسرائيليين تؤكد رواية «القسام» حول تصفية الجيش لجندي بعد اختطافه

TT

تشهد إسرائيل نقاشا صاخبا منذ أن فجرت إحدى قنوات التلفزيون التجارية في الليلة قبل الماضية قضية الأوامر التي أصدرها قائد كتيبة عسكرية لجنوده، يأمرهم فيها بألا يسمحوا باختطافهم بأيدي رجال حماس وتفضيل الانتحار على الوقوع في الأسر. وكانت هذه الأوامر قد صدرت في 3 يناير الجاري عندما أرسلت الكتيبة 51 في لواء جولاني الى غزة، فاجتمع بهم قائدهم قبيل دخولهم وقال لهم ما يلي: «السلاح الاستراتيجي عند أعدائنا من حركة حماس هو خطف الجنود. لا يوجد لديهم مكسب أكثر من ذلك. وعليكم ان تتذكروا أننا في هذه الكتيبة لا نخطف مهما كلفنا ذلك من ثمن. ممنوع اعطاء حماس هذا السلاح. فإذا وقعت في مأزق ولم يكن مفر من الاختطاف، اسحب القنبلة من زنارك وفجرها بنفسك وبمن يأتي ليخطفك».

ونقلت الصحيفة عن قائد سرية شارك في الحرب الأخيرة قوله بأن التعليمات في الماضي كانت تنص على أنه في حال تم التعرف على سيارة قد تم اختطاف جندي إسرائيلي فيها فإنه يتوجب العمل على وقف السيارة التي يوجد فيها الجندي المخطوف، وتدخل قوات من اجل إنقاذ الجندي، مستدركاً أن التعليمات التي صدرت خلال الحرب هو العمل على ألا يتم اختطاف الجندي بأي ثمن، أي بقصف السيارة نفسها. ونقلت الصحيفة عن ضابط في وحدة مختارة قوله أنه تلقى تعليمات مماثلة. وأضاف «نحن مزودون بوسائل متطورة لاستخدامها حتى ضد سيارة تقل جنديا مخطوفا». وقال احد الجنود في لواء الصفوة «جفعاتي» أن قائد سريته قال لجنوده عشية الخروج للحرب «لا يهم ماذا يحصل، لا احد يختطف، لن يكون لنا جلعاد شليط 2» نسبة الى الجندي الأسير لدى حماس منذ يونيو 2006. وتنصل الناطق بلسان الجيش من هذا الأمر وقال ان الجنود كانوا واعين لخطر تنفيذ عملية خطف أو أكثر وقد حرص الجيش على ارشاد الجنود على كيفية الحيطة والحذر لمنع الخطف بكل صرامة. ولم تكن أوامر رسمية بالانتحار. واعتبر عدد من السياسيين في اليسار وفي الوسط اللبرالي هذه الأوامر خطيرة وتدل على تدهور رجعي في أخلاقيات الجيش الإسرائيلي. وقال نتسان هوروفتش، المرشح المتقدم في قائمة حزب «ميرتس» اليساري ان هذه الأوامر تلائم جيوشا في دول العالم الثالث أو تنظيمات ارهاب. لكن الجيش الإسرائيلي يحافظ على حياة جنوده المقدسة. وطالب رئيس أركان الجيش، غابي اشكنازي، بإصدار أوامر واضحة في هذا الموضوع، تمنع الانتحار. وقال رئيس حزب الخضر ان هذه الأوامر تدل على ان الجيش الإسرائيلي ينظر لحياة جنوده على انها رخيصة. وانتقدها رجل الدين اليهودي الحاخام مناحم فرومان، قائلا ان الديانة اليهودية لا تسمح بالتنازل عن الحياة بهذه السهولة. وأضاف: «الله سبحانه وتعالى منحنا الحياة لكي نعيش وليس لكي نفرط بها». وكانت قيادة الجيش قد أشارت عدة مرات خلال الحرب العدوانية على غزة الى ان مقاتلي حماس حاولوا مرات عديدة خطف جنود اسرائيليين ولكن محاولاتهم فشلت في آخر لحظة. وعلى سبيل المثال، علق جندي إسرائيلي في كمين في حي الزيتون شرق غزة، فأطلق عليه مقاتلان من حماس الرصاص بهدف اصابته وشل حركته وخطفه، ولكن بالخطأ أصابت الرصاصة قنبلة على وسط الجندي فانفجرت وقتل وتمكن رفاقه الجنود من انقاذ جثته قبل أن يتمكن رجال حماس من خطفها. الى ذلك أكدت صحيفة «معاريف» أمس ان روايات الضباط والجنود الإسرائيليين الذين شاركوا في الحرب على غزة تؤكد صحة رواية كتائب القسام، خلال الحرب حول اختطاف جندي وقيام الجيش الإسرائيلي بقتله وخاطفه. وحسب رواية الجنود الذين تحدثت إليهم الصحيفة فان وحدة مختارة في الجيش اقتحمت منزل فلسطيني لتمشيطه خوفاً من أن يكون ملغماً، فتعرضوا لإطلاق نار من مسافة قصيرة، مما ادى الى اصابة جندي داخل المنزل، بينما فر بقية الجنود. وعندما حاول احد المقاومين الموجودين في المنزل اختطاف الجندي، اصدر قائد الوحدة قراراً بقصف المنزل بثلاث قذائف، الأمر الذي أدى الى مقتل الجندي والمقاوم. وكان الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي، الجنرال آفي بنياهو، نفى في حينه بشدة رواية كتائب القسام، مدعياً أنها «تختلق قصص بطولة وهمية».