2 مارس موعد الجلسة الخامسة للحوار الوطني اللبناني.. وتأكيد على معالجة السلاح الفلسطيني

النائب بطرس حرب يقترح تسليم «حزب الله» أسلحته وصواريخه إلى الجيش

TT

طغت التطورات التي شهدتها المنطقة بين الجلسة السابقة وجلسة امس الحوارية، وتحديدا العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة والانقسام العربي الذي رافق هذا العدوان وصولا الى قمة الكويت الاقتصادية، على اجواء جلسة الحوار الوطني الرابعة التي عقدت امس في القصر الجمهوري. كما ان الاجواء التصالحية العربية انسحبت على اقطاب الحوار اذ شهدت قاعة الاستقلال حيث يتحلّق المتحاورون حول طاولة بيضاوية لقاءات ثنائية وثلاثية، ابرزها اللقاء الذي جمع النواب سعد الحريري ووليد جنبلاط ومحمد رعد والرئيس امين الجميل، ولقاء الرئيس نبيه بري والنائب جنبلاط والذي انضم اليه النائب الحريري، وحتى لو كانت هذه اللقاءات مجرد مجاملة، الا ان حصولها مؤشر ايجابي لازالة التشنج السياسي.

وفي المعلومات الرسمية ان رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان افتتح الجلسة بعرض لابرز التطورات التي حصلت على الصعيدين الداخلي والاقليمي والتي طغت عليها تداعيات العدوان الاجرامي الاسرائيلي على غزة. وقد اشاد بـ«وحدة الموقف اللبناني على الصعيدين الرسمي والشعبي في ادانة هذا العدوان وتلافي انعكاساته السلبية على الوضع الداخلي» وتمنى «تفعيل الجهود الآيلة الى ذلك». كما ذكّر بضرورة اجراء التعيينات الادارية الملحة، ولاسيما في المراكز الاساسية مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية.

وذكرت المعلومات ان المتحاورين تابعوا مناقشة موضوع الاستراتيجية الدفاعية وانه بنتيجة المداولات توافق المجتمعون على «الاعراب عن الارتياح لوحدة الموقف اللبناني تجاه احداث غزة... وتأكيد الاجماع اللبناني على موضوع رفض توطين اللاجئين الفلسطينيين ودعم حقهم في العودة». واعلنوا عزمهم على «متابعة العمل على تنفيذ مقررات مؤتمر الحوار الوطني لاسيما معالجة موضوع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات وتوفير الظروف المناسبة لذلك»، وثمنوا «المبادرة التصالحية على الصعيد العربي مع التمني بأن تنعكس ايجابياتها على الصعيد الداخلي». كما قرروا «استكمال تشكيل فريق الخبراء المكلف باستجماع الاوراق المقدمة بشأن الاستراتيجية الدفاعية ودراستها واستخلاص القواسم المشتركة، سعيا لدمجها في مشروع نص موحد يوضع على طاولة الحوار بعد انتهاء اعماله».

وبعد انتهاء الجلسة وصف النائب سعد الحريري كل الاستراتيجيات المقدمة حتى الساعة بـ«الحلوة» مشيرا الى انه «كان مستمعا خلال جلسة الحوار». وتمنى ان يكون «هناك حل قريب للسلاح الفلسطيني خارج المخيمات» وردا على سؤال اذا كان هناك من عتاب على المواقف التي اطلقها اخيرا، قال: «على ماذا يعاتبونني فانا قلت الحقيقة؟».

واعرب النائب ميشال عون عن اعتقاده ان «بداية جلسة الحوار كنهايتها» واصفا الاجواء التي سادت اثناء الجلسة بـ«الموضوعية». ولفت الى «وجود وجهات نظر عدة» رافضا اعطاء تفاصيل عمن اثار ملف السلاح الفلسطيني خارج المخيمات. واشار النائب بطرس حرب الى انه «تمت مناقشة بعض المواضيع والافكار التي وردت» وعن الاصداء التي تركتها رؤيته للاستراتيجية الدفاعية، ونفى امكانية عقد لجنة الخبراء اجتماعها الخميس المقبل.

وكان حرب قد وزع على وسائل الاعلام نص المذكرة التي قدمها حول الاستراتيجية الدفاعية، مبديا اسفه «كيف ان اللبنانيين وان اتفقوا على وجوب التصدي للاعتداءات الاسرائيلية ومواجهة الارهاب وجمع السلاح الفلسطيني والتمسك بالوحدة الوطنية، فهم مختلفون على كيفية مواجهة هذه المخاطر، وعلى جدوى بقاء السلاح في يد بعض اللبنانيين خارج اطار الجيش والشرعية، وعلى رؤيتهم لكيفية حماية لبنان من الاعتداءات الاسرائيلية وامكانية تحول لبنان الى ساحة حرب تخاض فيها كل الصراعات الاقليمية والدولية، كما هم مختلفون على نظرتهم الى دور دول المنطقة في السياسة اللبنانية وانعكاسه على سيادة لبنان». وحذر من «ان هذا الخلاف، اذا ما استمر، قد يؤدي الى انفجار الوضع الداخلي، وبالتالي الى سقوط وحدة الدولة والوطن» مشيرا الى «ان ما يزيد الخوف على مصير لبنان ان بعض الطروحات يتجاهل انعكاس استمرار الواقع الحالي على مستقبل الدولة، او ربما يعتبر ان صيغة الدولة القائمة لم تعد تلائم توجهاته وطموحاته، فيقدم طروحات تطيح مرتكزات الدولة الاساسية وتعرض البلاد الى حرب اهلية معروفة النتائج سلفا، ومنها سقوط الدولة الواحدة الموحدة وقذف البلاد نحو المجهول والمغامرة القاتلة» مشددا على «الحاجة الى حوار هادئ وموضوعي يوفق بين الطروحات المتناقضة».

ورأى «ان انقسام اللبنانيين حول استراتيجية دفاعية واحدة سيؤدي حتما الى الاختلاف الداخلي والى سقوط الدولة الواحدة الموحدة». واعتبر ان «المقاومة لا يجوز ان تكون هدفا بحد ذاتها، بل يجب ان تكون وسيلة لتحرير ارض الوطن او للدفاع عنها، وهذا ما يجب العمل على تحقيقه معا موحدين، تجمعنا نظرة واحدة لكيفية مواجهة أعداء لبنان، وارادة ثابتة في الحياة معا، في ظل نظام سياسي ديمقراطي تعددي ارتضيناه». وقال: «ليس صحيحا ان النظام الديمقراطي يخلق هامشا بين الدولة والشعب يبقي له حرية التصرف خارج سيطرة وتوجيه الدولة (كما ذهب إليه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله). ان هذه النظرية تشكل خروجا على ابسط مبادئ قيام الدولة، وعلى القواعد التي ترعى العيش المشترك التي يقوم عليها نظامنا الديمقراطي التوافقي» مشيرا الى ان «القول ان الجيش اللبناني ضعيف، وهو كلاسيكي ونظامي تستطيع اسرائيل ان تمسحه خلال ساعات، وهو ما يوجب المحافظة على المقاومة للدفاع عن لبنان، هو قول يؤدي الى اضعاف الجيش الشرعي الذي يحوز ثقة كل اللبنانيين. وهو اسقاط لدوره ولمسؤولياته وضرب لمعنوياته ولكل امل في تطويره وتعزيزه للقيام بدوره الوطني. وهو دعوة لاهماله واستمراره على ضعفه. كما هو طلب لابقاء المقاومة، التي لا تمثل كل اللبنانيين، بل تثير لدى قسم كبير منهم الريبة والخوف». وشدد على ان «استمرار وجود السلاح خارج اطار الشرعية في ظل التوترات الطائفية والمذهبية القائمة في العالم والمنطقة، والمنعكسة على الداخل اللبناني، وفي ظل الصراعات الاقليمية قد دفع بالكثيرين في لبنان الى التسلح الفردي والى اعادة طرح انشاء تنظيمات عسكرية في وجه التنظيمات الطائفية القائمة. وهو ما يشكل كابوسا مرعبا دفع اللبنانيون ثمنه غاليا في الماضي القريب... وان ابقاء سلاح حزب الله خارج اطار الشرعية سيؤدي حتما الى عجز الدولة على ضبط الامن. وبالتالي سيعزز الفلتان الامني الذي يسهل الجريمة والاغتيالات والارهاب والتفجير، كما سيسمح للكثيرين جرّ لبنان الى مواجهات لا يريدها الشعب ولا الدولة اللبنانية».

واقترح حرب «إقرار استراتيجية دفاعية رسمية تلتزم معها الدولة القيام بواجباتها في الدفاع عن لبنان وسيادته، وتحرير ما تبقى من الارض اللبنانية المحتلة، وحصر مسؤولية الدفاع عن لبنان بالدولة اللبنانية، وعدم الانجرار الى الصراعات الاقليمية أو الانفراد بأحلاف تتجاوز حدود الارض اللبنانية وسيادة لبنان، والعمل على تنفيذ القرار الدولي الرقم 1701 بكل مندرجاته، ولا سيما استكمال تحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا بالوسائل الدبلوماسية، والاحتفاظ بحق تحريرها بكل الوسائل الملائمة عند فشل الدبلوماسية».

كما اقترح انشاء حرس وطني لحماية الحدود اللبنانية يكون تابعا للجيش اللبناني وتحت قيادته المباشرة، وفتح باب التطوع لعناصر المقاومة للانخراط فيه كل في قريته وأرضه، وحل الجناح العسكري في «حزب الله» وغيره من التنظيمات المسلحة، وتسليم أسلحة الحزب وصواريخه الى الجيش اللبناني وفق خطة زمنية وبرنامج محدد معقول، واتخاذ التدابير الامنية اللازمة لحماية كوادره وقياداته.

ودعا الى مطالبة سورية بالموافقة الخطية على لبنانية مزارع شبعا والموافقة على ترسيم الحدود «الآن من دون انتظار حل القضية الفلسطينية» ومطالبة اسرائيل بالانسحاب منها وإعادتها الى السيادة اللبنانية، وإقرار التعديل الدستوري المقدم من النواب والذي يمنع التوطين أو التنازل عن أي قسم من الاراضي اللبنانية إلا بالاجماع..

وأكّد حرب، في اتصال أجرته به «الشرق الاوسط» «التزام مبدأ عدم تسريب اي شيء من محتوى الوثيقة المتعلّقة بالاستراتيجية الدفاعية» التي عرضها أمس في الجلسة الرابعة لمؤتمر الحوار الذي دعا اليه رئيس الجمهورية اللبناني العماد ميشال سليمان. وفيما اكتفى بالقول ان «نقاشا مفيدا وجادا» دار حول الورقة، اشار الى ان بعض الاطراف ابدوا ايجابية فيما ابدى اطراف آخرون «تحفظات عن بعض البنود». وعما اذا كانت بعض بنود ورقته ستُعرَض في اجتماع لجنة الخبراء المرتقب يوم الخميس المقبل، قال: «كل الطروحات ستدرج على جدول اعمال اللجنة، انما لم نبلّغ رسميا بعد بأي اجتماع للجنة».