مفاوضات شاقة تنهي حركة تمرد في سجن طرابلس سلميا

الأضرار اقتصرت على الماديات ومدير الأمن اللبناني يؤكد أن «لا خلفيات سياسية» للتحرك

TT

أنهت قوى الأمن الداخلي في لبنان أمس حركة التمرد التي شهدها سجن القبة في طرابلس منذ عصر أول من أمس، من دون وقوع إصابات في الأرواح. واقتصرت الأضرار على الماديات. وتم تحرير عنصرين من حرس السجن كانا محتجزين لدى السجناء المتمردين. وتفقد المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي السجن ظهر أمس بعد انهاء حالة التمرد. وتم نقل عدد من السجناء، بينهم من قادوا الحركة، وهم حسن علام، يحيى ياسر الايوبي، عادل غمراوي وأحمد غمراوي، الى سجن روميه (المتن الشمالي). وقد طلب مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي جان فهد من الاجهزة الامنية المختصة اجراء تحقيقات أولية مع مفتعلي التمرد وتسليمه نتائج هذه التحقيقات ليدعي في ضوئها عليهم بجرم التمرد والشغب وإثارة العصيان وإضرام النار في السجن والتخريب في ممتلكات عامة واحتجاز عنصرين من قوى الامن الداخلي بالقوة وتعريض حياتهما وحياة سجناء آخرين للخطر. وهي جرائم تراوح مدة عقوبتها بين ثلاث سنوات وعشرين سنة أشغالاً شاقة.

وذكر مراسل «الشرق الاوسط» في شمال لبنان ان تحرك السجناء المحتجين بدأ قرابة الخامسة من عصر الاحد عندما دخل عنصران من قوى الامن الداخلي يشرفان على صيدلية السجن الى احدى الزنازين بناء على طلب سجناء زعموا انهم يحتاجون بعض الادوية. وقد عمد السجناء الى احتجاز العنصرين. وعلم ان بين منفذي حركة التمرد يحيى الايوبي (نجل العميد المتقاعد في قوى الامن الداخلي محمد ياسر الايوبي) المحكوم بجريمة قتل، وعادل وأحمد غمراوي وحسن علام. وقد انضم اليهم عشرة سجناء معظمهم من المحكومين بعقوبات طويلة. ثم توسع التحرك ليشمل نحو ثمانين سجيناً اثر تمكن المحتجين من فتح أبواب 9 زنازين في الطابق الثاني، فيما تمكنت القوى الامنية من عزل زنازين الطابق الأول وإبقاء من فيها بعيداً عن حركة التمرد. إلا أن المحتجين تمكنوا من إقفال الباب الرئيسي الذي يؤدي إلى الطابقين الامر الذي دفع ببعض المفاوضين صباح امس الى التفكير بهدم أحد الجدران من اجل ادخال قوة الى داخل السجن. وأحضرت لهذه الغاية جرافتان لم يتم استخدامهما.

وقد انتقل الى السجن فور الاعلان عن حركة التمرد قائد الدرك العميد انطوان شكور وانضم اليه مستشار وزير الداخلية عمر نشابة وقائد سرية درك طرابلس العقيد بسام الايوبي. وبدأوا مفاوضات مع المحتجين الذين تغيرت مطالبهم خلال ساعات التفاوض خصوصاً أن معظمهم قد تناولوا حبوباً منشطة حصلوا عليها من الصيدلية. فمن تشديدهم على مقابلة وزير الداخلية زياد بارود تحولوا الى المطالبة بوجوب اصدار عفو عام عنهم، الى تخفيف العقوبات وتحسين ظروف السجن الصحية ونوعية الطعام وايجاد مكان للنزهة حيث أن سجن القبة لا يضم أي فسحات.

وشارك في جانب من المفاوضات النائب محمد كبارة والشيخ بلال دقماق (احد مشايخ التيار السلفي والمقرب من الشيخ داعي الاسلام الشهال المسؤول الحالي عن هذا التيار). وقد استمرت المفاوضات طوال ليل الاحد وحتى الحادية عشرة من قبل ظهر أمس حيث تناوب المفاوضون على طرح الحلول واستنباط الافكار التي كانت ترفض من قبل المحتجين الذين هددوا بإعدام الحارسين المحتجزين. وعندما قال لهم احد المفاوضين انهم لن يفعلوا ذلك أقدم احدهم على طعن احد الحارسين بشفرة في وجهه، ثم طعن نفسه للتأكيد على ما يقول. وتبين أن الاضرار المادية شملت تحطيم بعض الاثاث وزجاج النوافذ، فضلاً عن تخريب الصيدلية وإشعال حرائق متفرقة. كما تمكن السجناء المتمردون من الحصول على هواتف جوالة والسيطرة على جهاز هاتف ثابت داخل السجن. وبعد نجاح المفاوضات في انهاء الاحتجاج تحدث نشابة وشكور الى الاعلاميين فذكر الاول انه تم تحقيق الكثير من خلال التوصل الى تسوية معينة من دون تقديم أي تنازل جوهري أو قانوني، نافياً الرضوخ لمطالب السجناء. ولفت الى الاوضاع الصعبة في السجون اللبنانية عموماً. وهو ما اشار اليه شكور ايضاً واعداً بمراجعة المسؤولين من اجل تحسين اوضاع السجون حتى لا يتكرر ما حصل في سجن القبة. ولاحقاً وصل مدير عام قوى الامن الداخلي اللواء اشرف ريفي وتحدث الى الاعلاميين فأكد أن «لا خلفيات سياسية للتحرك الاحتجاجي، بل جاء نتيجة ما يعانيه السجناء من ضغوط نفسية وأوضاع من جراء أحكامهم الطويلة» واعداً بالنظر في عدد من الأمور لتحسين أوضاع السجون والسجناء.

وكانت القوى الامنية عمدت الى فتح فجوة في أحد جدران السجن، حيث دخل عناصر «الفهود» عبرها وأنهوا حال التمرد من دون حصول أي اشتباك أو اطلاق نار. وتولى الصليب الاحمر اللبناني نقل العنصرين الامنيين المحتجزين. وذكرت معلومات أن أحدهما مصاب في رأسه والآخر في عنقه. كما تم نقل عدد من السجناء للعلاج من اصابتهم بالاعياء.

وقد لفت بيان أصدرته وزارة الداخلية حول ما حصل إلى أن وزارة الداخلية والبلديات تعتبر «أن أوضاع السجون باتت تستوجب اتخاذ تدابير فورية وتحسين ظروف السجن ضمن المعايير القانونية الدنيا». وأكدت انها «ستستمر بالسعي في هذا الاتجاه، بالامكانات المتواضعة المتوافرة، من غير أن تخضع للضغط بوسائل عنفية».