«الأنروا» توزع المساعدات حتى على موظفي السلطة بسبب غياب المرتبات

الناطق باسم الوكالة لـ«الشرق الأوسط»: الصعوبة التي نواجهها الآن هي كيفية التعامل مع آلاف المشردين

TT

منذ ساعات الفجر الأولى يحرص الحمالون على الحصول على موقع متقدم داخل مركز توزيع المساعدات الغذائية والإغاثية، التابع لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأنروا»، الواقع على شارع صلاح الدين، الذي يصل شمال قطاع غزة بجنوبه، بالقرب من مدينة دير البلح، وسط القطاع. فمن خلال تمركز العربات التي تجرها الحمير، يسعى الحمالون لإقناع أكبر عدد من اللاجئين الذين يفدون لهذا المركز للحصول على المساعدات بأن يستعينوا بخدماتهم في إيصال هذه المساعدات لمنازلهم في مخيمات اللاجئين المجاورة.

لكن عودة شحادة، 45 عاما، من مخيم المغازي للاجئين، وسط القطاع وبعد أن انتظر لأكثر من ساعتين داخل المركز للعودة دون الحصول على المساعدات، أضطر للعودة الى منزله خاوي الوفاض، حيث أبلغه الموظف أن عليه أن يأتي بعد يومين للحصول على المساعدات وهو موعده لتسلم المساعدات. وابلغ أحد الموظفين في المركز «الشرق الأوسط» بأنه تم تحديد جدول زمني لتوزيع المساعدات على اللاجئين، بحيث يتم في البداية توزيع المساعدات على الأسر الكبيرة ثم الأصغر وهكذا، «فمثلاً يتم تخصيص يومين لتوزيع المساعدات على الأسر التي يزيد عدد أفرادها على العشرة أشخاص، وذلك استناداً على ما يعرف ببطاقة التموين التي يملكها كل لاجئ فلسطيني». في هذا المركز، كما هو الحال في كل مراكز التموين تحصل عائلات اللاجئين على الطحين والسكر والزيت، والحليب والأرز. وكانت هذه المنطقة التي يتواجد فيها مركز التموين هذا، من أكثر المناطق هدوءاً، لكنها حالياً أصبحت تعج بالحركة، والسيارات المتجهة من جنوب القطاع إلى شماله أو العكس تتحرك ببطء عندما تمر أمام المركز، في الوقت الذي تتحرك فيه العربات التي تجرها الحمير والمحملة بالمساعدات بحرية.

وكالة «الأنروا» تعتبر أهم منظمة دولية تعنى بتقديم المساعدات الانسانية للفلسطينيين، حيث أن معظم الجهات الدولية والعربية التي توزع هذه المساعدات تقوم بتوزيعها عبر «الأنروا»، الأمر الذي جعل دورها الإغاثي دوراً مركزياً. وقال عدنان ابو حسنة الناطق بلسان «الأنروا»، قال لـ«الشرق الأوسط» أن الأنروا لم تكتف بتوزيع المساعدات على اللاجئين، بل أنها شرعت بتوزيع المساعدات حتى على موظفي السلطة الفلسطينية الذين لم يحصلوا على مرتباتهم بفعل أزمة السيولة المالية. وأشار الى أن عدد الذين حصلوا على مساعدات اغاثية فاق 900 الف نسمة. واكد أبو حسنة أنه بالإضافة الى جانب المساعدات، فإن الأنروا تعكف حالياً على تطبيق برامج نفسية لإعادة تأهيل الأطفال والطلاب الصغار للاندماج في العملية التربوية وتقليص الآثار النفسية للقصف الإسرائيلي عليهم. وشدد على أن هناك حاجة ماسة لتقديم مساعدات عاجلة من لإغاثة الفلسطينيين مؤكداً أن هناك ضرورة لضخ الكثير من المساعدات لمواجهة آثار الحرب على القطاع. وأشار ابو حسنة الى أن «الانروا» شرعت اخيرا في اجراء تقييم شامل لحجم الأضرار التي لحقت بالفلسطينيين خلال الحرب الأخيرة، موضحا أنها ستقدم تقريرا شاملا حول هذه الأضرار. واعتبر ان اعداد تقييمات دقيقة حول حجم الأضرار التي لحقت بالبنى التحتية والمؤسسات والمنازل هو خطوة ضرورية لتقدير حجم الدمار، وكلفة إعادة الإعمار. واستدرك ابو حسنة قائلاً إنه في حال لم يعد فتح المعابر ورفع الحصار فأنه لن يكون هناك أي طائل من المساعدات التي تقدمها الجهات المانحة. وذكر ابو حسنة أن «الانروا كانت قد استثمرت مبلغ 93 مليون دولار في مشاريع في قطاع غزة بعيد فوز حركة حماس، لكن هذه المشاريع لم تستكمل بسبب الحصار واغلاق المعابر.

وحول المصاعب التي واجهت «الأنروا» خلال العدوان على القطاع وبعده، قال ابو حسنة أن هذه المصاعب تتمثل في التحدي الذي واجه «الانروا» عندما لجأ اكثر من 50 الف فلسطيني الى مدارسها هربا من القصف، حيث أصبحت الوكالة مطالبة بتوفير الطعام والشراب والعلاج والحماية لهؤلاء الناس. واشار الى أن «الانروا» لم تتمكن خلال العدوان من ايصال المساعدات الى بعض المناطق التي كانت تتعرض للقصف ويتواجد فيها الجيش الإسرائيلي مثل شرق مدينة غزة والمناطق الشمالية من القطاع، ناهيك عن الشعور بالخوف وانعدام الأمن بالنسبة لجميع العاملين في الأنروا، حيث تحول العمل الإغاثي الى مخاطرة كبيرة. واعتبر ابو حسنة أن أكبر صعوبة تواجه «الانروا» الان اي بعد العدوان هو كيفية التعامل مع عشرات الآلاف من الفلسطينيين الذين أصبحوا بدون مأوى بعد تدمير منازلهم، موضحا أن الأنروا دفعت ملايين الدولارات من اجل تمكين هؤلاء من استئجار شقق سكنية، مشدداً على أن هذا ليس حلاً للمشكلة. ونفى ابو حسنة بشكل قاطع كل الإشاعات التي تحدثت عن سرقة المساعدات التي تقدمها الجهات المانحة، مؤكداً أن كل هذه الإشاعات «لا أساس لها من الصحة».

من ناحيته قال أحمد الكرد وزير الشؤون الاجتماعية في الحكومة المقالة والمكلف بالعلاقة مع المؤسسات الدولية التي تقدم المساعدات للفلسطينيين أن هناك تنسيقا بين وزارته وبين هذه المؤسسات لتلافي العديد من الإشكاليات. وفي تصريحات لـ«الشرق الاوسط» أوضح الكرد أنه بفعل انعدام التنسيق في ما بين المؤسسات التي توزع المساعدات في الماضي تبين أن المساعدات في بعض المناطق القطاع يتم فيها توزيع المساعدات بشكل أكبر من المناطق الأخرى، فضلاً عن أن بعض المنظمات تقوم تقريباً بتوزيع نفس المساعدات العينية، الأمر الذي يؤدي في بعض الأحيان إلى أن يقوم الناس ببيع هذه المساعدات للحصول على المال اللازم لشراء المواد التي تنقصهم. وأكد الكرد أنه دعا ممثلي جميع المنظمات الإغاثية للالتقاء به اليوم في مكتبه لوضع خطة شاملة لتوزيع المساعدات وفق تنسيق كامل.