نهج جديد لأوباما مع أفغانستان

الإدارة الجديدة تسعى لزيادة وتيرة الحرب والضغط على كرزاي لمكافحة الفساد

حمالان أفغانيان يجران عربة يد محملة بقطع من الأخشاب المعدة للتدفئة بجوار قصر فخم بحي شيربور من ضواحي العاصمة كابل (نيويورك تايمز)
TT

يعتزم الرئيس الأميركي باراك أوباما تطبيق نهج أكثر تشدداً مع الرئيس الأفغاني حميد كرزاي، ويأتي ذلك في إطار المنحى الأميركي الجديد إزاء أفغانستان، والذي سوف يتضمن تأكيداً على الحرب أكثر من التنمية، حسب ما قاله مسؤولون بارزون في الإدارة أول من أمس. ويضيف المسؤولون أنه يُنظر إلى كرزاي في الوقت الحالي على أنه عائق أمام الأهداف التي تسعي أميركا إلى تحقيقها في أفغانستان، ويرجع ذلك إلى تفشي الفساد في الحكومة، الأمر الذي ساعد على نمو تجارة المخدرات وظهور حركة طالبان من جديد. ومن بين هؤلاء الذي يضغطون على كرزاي كي يقدم المزيد، حسب ما يقوله المسؤولون، نائب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن والمبعوث الأميركي للرئيس الأميركي في أفغانستان وباكستان، ريتشارد هولبروك. ويصف مسؤولو الإدارة ذلك بأنه تحول عن المنحى الذي كان يتبعه بوش، الذي كان يعقد مؤتمرات فيديو كونفرانس مع كرزاي مرة كل أسبوعين وكان يسعى إلى التأكيد على الدور الأميركي في إعادة بناء أفغانستان ومؤسساتها المدنية. ويقولون إن إدارة أوباما سوف تعمل مع القيادات المحلية كبديل للحكومة المركزية، وأنها سوف تترك مهمة التنمية الاقتصادية وإعادة بناء البلاد بصورة أكبر إلى الحلفاء الأوروبيين، حتى يتسنى للأميركيين التركيز على الحرب ضد المتمردين. وقال وزير الدفاع روبرت غيتس، الذي كان يشغل المنصب نفسه خلال رئاسة بوش: «إذا شغلنا أنفسنا بالعمل على بناء مكان للبقاء بصورة مستمرة في وسط آسيا هناك، فسوف نخسر». وأضاف خلال كلمة له أمام الكونغرس يوم الثلاثاء إنه لا يوجد «وقت وصبر وأموال» بالقدر الكافي كي نسعى إلى تحقيق أهداف طموحة أكثر مما ينبغي في أفغانستان، ووصف الحرب الدائرة هناك بأنها «التحدي العسكري الأكبر أمام الأميركيين». وأضاف غيتس الأسبوع الماضي أن الأهداف الأميركية السابقة الخاصة بأفغانستان كانت «واسعة للغاية وتسبق أوانها بكثير»، وهذا الكلام يختلف عن سياسات بوش. ولم يلبِّ الناتو تعهدات خاصة بالقوات المقاتلة والمروحيات التي تستخدم في عمليات النقل والمدربين العسكريين، وأفراد الدعم الآخرين في أفغانستان، وقد انتقد غيتس صراحة حلفاء الولايات المتحدة في الناتو لعدم وفائهم بوعودهم. وفي هذه الأثناء، يستعد هولبروك للسفر إلى المنطقة، ويقول مسؤولون في الإدارة إنه سوف يطلب المزيد من كرزاي، خاصة فيما يتعلق بمحاربة الفساد، في إطار ما وصفه مساعدون بأنه اتجاه «المزيد من أجل المزيد». ويواجه الرئيس كرزاي انتخابات رئاسية خلال العام الجاري، ولم يتضح ما إذا كان السيد أوباما ومساعدوه سوف يعملون على دعم ترشيحه. ويقول مساعدون إن الإدارة سوف تراقب الوضع لتنظر ما إذا كان كرزاي يستجيب إلى طلبات الولايات المتحدة وحلفائها في الناتو بأن يلقي القبض على بعض من مرافقيه، من بينهم أخوه غير الشقيق، الذي يتهمه مسؤولون غربيون بتهريب المخدرات إلى داخل قندهار. يذكر أن نائب الرئيس بايدن كان قد قام بزيارة الأسبوع الماضي إلى أفغانستان كرئيس للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، قبل توليه مهام منصبه بمدة قصيرة. ويقول مسؤولون في الإدارة إن بايدن اجتمع مع كرزاي وحذره من أن إدارة أوباما تتوقع منه أن يبذل أكثر مما يقوم به. وأضاف مسؤول بارز أن بايدن أخبر كرزاي بأن أوباما سوف ينهي مكالمات الفيديو كونفرانس التي كان يتمتع بها كرزاي مع بوش. وأكد المسؤول على أن أوباما يتوقع من كرزاي بذل المزيد للتعامل مع الفساد. وبعد عودته من أفغانستان، وصف بايدن - الذي تحدث بينه وبين كرزاي مناوشات - الوضع هناك بأنه «فوضى حقيقية». ومن المقرر إجراء انتخابات قبل فصل الخريف، طبقاً للدستور الأفغاني. وقد حذر زلماي خليل زاد، وهو أفغاني أميركي كان يشغل في السابق منصب سفير الولايات المتحدة في الأمم المتحدة ويعتبر منافساً محتملاً لكرزاي، إدارة أوباما ناصحاً إياها بالحذر وهي تغير من سياساتها في أفغانستان. وأضاف خليل زاد: «يبدو كما لو كنا نتخلى عن الحكومة المركزية ونركز فقط على المناطق المحلية، سوف نناقض الوضعية السياسية الأفغانية، والبعض سوف ينظر إلى ذلك على أنها محاولة لتفتيت الدولة الأفغانية، وسوف ينظر إلى ذلك على أنه منحى عدائي». ويستعد أوباما لزيادة عدد القوات الأميركية في أفغانستان على مدار العامين المقبلين، وقد تصل القوات بعد الزيادة إلى أكثر من 60 ألفاً مقابل 34 ألفاً في الوقت الحالي. وأشار غيتس أول من أمس إلى أن الإدارة سوف تتحرك ببطء، على الأقل خلال الوقت الحالي. وتحدث عن زيادة مقدراها 12 ألف جندي بحلول منتصف الصيف المقبل، ولكنه حذر من أن أي قرار بشأن زيادة عدد القوات بعد ذلك قد يحتاج إلى الانتظار حتى نهاية 2009، بسبب الحاجة إلى بناء ثكنات عسكرية وبنية تحتية». وحيث يأخذ المقاتلون التابعون لحركة طالبان وتنظيم القاعدة منحى أكثر عدائية في شرق وجنوب أفغانستان، يقول مسؤولون في الإدارة إنهم لا يرون أن ثمة خياراً سوى التركيز على الحملة العسكرية. ويضيفون أنه سوف يطلب من الأوروبيين تولي المزيد من العمل على إعادة الإعمار وتدريب الشرطة والتعاون مع الحكومة الأفغانية. وقالوا إن المزيد من الجهود الدولية قد تحول إلى مساعدة الحكومة والمؤسسات المحلية بعيداً عن الحكومة في كابل. ويقول مسؤول بارز في الإدارة، شريطة عدم ذكر اسمه: «الأمر لا يعني ترك عملية إعادة الإعمار كلية، ولكن ما نحاول القيام به هو التركيز على مشكلة (القاعدة)، يجب أن تكون هذه الأولوية الأولى». وقال غيتس أول من أمس إنه، حسب الاستراتيجية الأفغانية التي أعيد تحديد ملامحها، سيكون من المهم للحلفاء في الناتو أن «يقدموا المزيد من الدعم المدني». وأضاف أنه يجب على الحلفاء على وجه الخصوص أن يتولوا قدراً أكبر من المسؤولية إزاء بناء مؤسسات المجتمع المدني في أفغانستان، وهي المهمة التي كانت تلقى في السابق على عاتق القوات الأميركية. وطلب غيتس من الحلفاء أن يكونوا «في الصورة» وأن يتحملوا تكلفة تطوير الجيش الأفغاني، وهو مركز ناشئ للقوة يحتمل أن يظهر من بين قياداته منافسون لكرزاي». وأضاف غيتس أن الولايات المتحدة يجب أن تحد من أهدافها، وقال: «رؤيتي الشخصية أن هدفنا الرئيس هو منع استخدام أفغانستان كقاعدة للإرهابيين والمتطرفين للهجوم على الولايات المتحدة وحلفائنا، وكل ما نحتاج إلى القيام به ينبثق من هذا الهدف».

*خدمة «نيويورك تايمز»