موسكو تقرر وقف إجراءات نشر صواريخها في كاليننغراد تقديرا لموقف أوباما

الناتو يرحب ويصف الخطوة بالإيجابية.. وراوول كاسترو يبدأ زيارة إلى روسيا

الرئيس الكوبي راوول كاسترو يصل إلى مطار فنوكوسو خارج موسكو ويحظى بترحيب عسكري (أ.ب.ا)
TT

في خطوة تؤشر إلى وقف تدهور العلاقات بين موسكو وواشنطن في ظل الإدارة الأميركية الجديدة، أعلنت روسيا أمس أنها ستوقف خططها لنشر درع صاروخية في كاليننغراد الواقعة على حدود بولندا، وهي خطة كانت أعلنت عنها كرد على قرار الولايات المتحدة في ظل إدارة جورج بوش، نشر الدرع الصاروخية في بلدان شرق أوروبا. وقال مصدر في هيئة الأركان الروسية العامة لوكالة «انتر فاكس» الروسية، إنها اتخذت هذا القرار تقديرا لموقف الرئيس الأميركي الجديد باراك أوباما الذي لا يتعجل تنفيذ الاتفاقات التي عقدتها إدارة بوش مع بولندا وتشيكيا لنشر درع صاروخية في أرضهما، علما بأن أوباما كان أعلن خلال الحملة الانتخابية أنه قد لا يمضي في تنفيذ هذه الاتفاقية.

وأضاف المصدر أن قرار تجميد تنفيذ هذه الخطط يعود إلى أن الإدارة الأميركية الجديدة لا تتعجل نشر عناصر الدرع الصاروخية في بولندا وتشيكيا وهو ما سبق وأعرب رئيس الحكومة الروسية فلاديمير بوتين عن ارتياحه بصدده مؤكدا تفاؤله الذي قال إنه يظل «مشوبا بالحذر».

وكان الرئيس الروسي دميتري ميدفيديف قد أعلن في خطابه السنوي إلى الأمة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي أن بلاده ستكون مضطرة إلى نشر صواريخ «اسكندر» من أجل تحييد عناصر المنظومة الأميركية المضادة للصواريخ، وقال «إن بلاده طالما أعربت عن رغبتها في التعاون الإيجابي للتصدي للتهديدات المشتركة إلا أنها وللأسف الشديد لم تلق آذانا صاغية».

وقد جاءت هذه التصريحات في أعقاب ما أشار إليه روبرت غيتس وزير الدفاع الأميركي، حول احتمالات التعاون بين موسكو وواشنطن في مسالة الدفاع المضاد للصواريخ. وكان غيتس قد أشار أيضا في خطابه الذي ألقاه في مجلس الشيوخ أول من أمس، إلى أنه سبق وتحدث بهذا الشأن مع كل من الرئيس الروسي ورئيس حكومته بوتين، مؤكدا أن خطط الولايات المتحدة ليست موجهة إلى روسيا وأنها تستهدف إيران معربا عن القلق من طموحاته النووية. غير أن غيتس أكد في نفس الحديث ضرورة استعداد بلاده لمواجهة أي تحديات محتملة من جانب القوات المسلحة الروسية والصينية، ولا سيما بعد أن أكدت الحرب في القوقاز عدم جواز إسقاط القوة الروسية العسكرية من الحساب في منطقتي القوقاز وشرق أوروبا.

وكان الجدل قد احتدم في العاصمة الروسية بين ممثلي الأوساط السياسية والبرلمانية في أعقاب تصريحات الرئيس الأميركي الجديد باراك أوباما حول ضرورة إعادة النظر في قرار نشر عناصر الدرع الصاروخية في شرق أوروبا والارتياح الذي اتسمت به تصريحات القيادة السياسية تجاه ما أعلن عنه أوباما. وفي هذا الإطار، أشار قسطنطين كوساتشوف رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الدوما، إلى أنه من الممكن إعادة النظر في خطط موسكو حول نشر صواريخ «اسكندر» في حال تغيير الولايات المتحدة لاستراتيجية دعم وجودها في أوروبا. ومن جانبه حرص وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف على التأكيد أن موسكو لن تتخذ أي إجراء في هذا الاتجاه إلا في أعقاب اتخاذ الجانب الآخر للخطوات العملية حول نشر عناصر الدرع الصاروخية فيما أعرب عن أمله في أن تقوم الإدارة الجديدة في واشنطن بدراسة دقيقة لهذا المشروع. وجاء قرار روسيا بعد يومين من اتصال هاتفي أجراه الرئيس الأميركي بنظيره الروسي، وكان البيت الابيض قد أعلن أول أمس، ان أوباما تحدث هاتفيا مع ميدفيديف يوم الاثنين في أول اتصال بين الرئيسين منذ تولى أوباما منصبه، وان الزعيمين اتفقا على وقف «التراجع» في العلاقات بين البلدين. وكان ميدفيديف قال في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ان بلاده ستنشر نظام صواريخ «اسكندر» على حدودها الغربية عند كاليننغراد التي تحد بولندا وليتوانيا، العضوين في الاتحاد الاوروبي، ردا على خطط الدرع الصاروخية الأميركية.

ومن المرجح طرح الأمر للبحث اذا اجتمع أوباما وميدفيديف كما هو متوقع يوم الثاني من أبريل (نيسان) على هامش قمة مجموعة العشرين التي تستضيفها لندن. ويعتقد بعض المراقبين ان الكرملين ربما يخفف من سياسته الخارجية الصارمة بسبب الازمة المالية العالمية التي أفقدت الروبل الروسي نحو ربع قيمته منذ يوليو (تموز). ولطالما اعتبرت موسكو ان الدرع الاميركية المضادة للصواريخ في بولندا والجمهورية التشيكية، تشكل خطرا على أمنها. وأدى إصرار ادارة بوش على نشرها الى توتر في العلاقات الروسية الاميركية خلال الاشهر الاخيرة.

وعلق سفير الولايات المتحدة لدى حلف شمال الاطلسي على القرار الروسي، وقال انه اذا تأكد، سيكون «خطوة ايجابية جدا». ورحب أيضا حلف شمالي الاطلسي (الناتو) بالامر، وقال جيمس اباثوراي المتحدث باسم الحلف: «الاعلان الروسي السابق عن عزمهم نشر صواريخ في كاليننغراد وتوجيهها الى دول أعضاء في الحلف لم يكن محل ترحيب. واذا ألغي القرار الآن فسيكون ذلك خطوة طيبة». وتزامن قرار روسيا مع وصول الرئيس الكوبي راوول كاسترو أمس إلى موسكو في زيارة رسمية طويلة ترتدي طابعا رمزيا، خصوصا بعد فتور في العلاقات بين البلدين اثر انهيار الاتحاد السوفياتي. وهذه الزيارة التي ستستمر حتى الرابع من فبراير (شباط) هي الاولى التي يقوم بها رئيس كوبي منذ اكثر من عشرين سنة الى روسيا التي تبدي نشاطا متزايدا على الساحة الدولية وتعزز علاقاتها بالدول التي تقيم علاقات متوترة مع واشنطن.

وفي نوفمبر (تشرين الثاني)، زار الرئيس الروسي دمتري مدفيديف كوبا في اعقاب جولة في اميركا اللاتينية. وقام مدفيديف بذلك بأول زيارة لرئيس روسي منذ ثماني سنوات. واعرب البلدان عن الرغبة في تطوير علاقاتهما الاقتصادية في مجالات متنوعة مثل المحروقات واستخراج النيكل وصناعة الادوية والتكنولوجيا الحيوية والاتصالات اللاسلكية والمعلوماتية والسياحة. وبالموازاة مع ذلك يتواصل التعاون في مجال الدفاع خاصة أن قسما كبيرا من عتاد الجيش الكوبي من صنع سوفياتي.