فرنسا تستيقظ على يوم إضراب عام وتظاهرات تجتاح مدنها.. احتجاجا على تسريح الموظفين

في أقسى امتحان لحكومة ساركوزي منذ وصوله إلى السلطة

TT

تجتاح فرنسا اليوم تظاهرات عمالية ونقابية تترافق مع إضراب عام دعت إليه النقابات العمالية احتجاجا على «الخطط الاجتماعية»، أي سياسة تسريح الموظفين بسبب الأزمة الاقتصادية، فيما يعتبر أقسى اختبار لحكومة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي منذ وصوله إلى السلطة. وينفذ العمال والموظفون في القطاعات العمالية المختلفة في فرنسا اليوم إضرابا عاما، ومن المتوقع أن تجتاح المظاهرات العاصمة باريس وعشرات المدن الكبيرة والمتوسطة، في حركة احتجاجية ستؤدي إلى إلحاق ضرر كبير بالحركة الاقتصادية وتصيب الحياة العامة بالشلل.

وفيما تتوالى إعلانات الشركات الكبرى عن «خطط اجتماعية»، والمقصود بها تسريح قسم من موظفيها على خلفية الأزمة المالية والاقتصادية الخانقة ما يعكسه تصاعد أرقام البطالة بسرعة قياسية، فإن «الكلمة الجامعة» بين المضربين والمتظاهرين هي «الدفاع عن العمل» وتحسين مستوى المعيشة والتنديد بالإصلاحات الحكومية والمحافظة على القطاع العام، وتعزيز الوظيفة الرسمية والمطالبة بخطط لدعم المواطنين والشرائح الدنيا والمتوسطة وغيرها من المطالب الاجتماعية. وتطول لائحة القطاعات المضربة اليوم، والأهم من ذلك أن الأكثرية الساحقة من النقابات بما فيها النقابات غير المحسوبة على اليسار، دعت كلها إلى الإضراب خصوصا العاملين في الوظائف العمومية الذين يفوق عددهم الخمسة ملايين شخص. لكن آثار الإضراب ستظهر بالدرجة الأولى في قطاع النقل العام على أنواعه، وفي قطاع التعليم من المرحلة الابتدائية وحتى الجامعة، وفي قطاعات البريد والكهرباء والدوائر الرسمية والقضاء...

ومنذ بداية الأسبوع، تركز وسائل الإعلام الفرنسية على «الخميس الأسود» وعلى الصعوبات التي سيواجهها المواطنون في هذا اليوم. وتأتي بالدرجة الأولى وسائل النقل التي ستحظى بالقسط الأكبر من الصعوبات، إذ أن كافة النقابات الفاعلة فيها دعت إلى إضراب يبدأ مساء الأربعاء وينتهي صباح الجمعة. ولا يستبعد أن يمدد الإضراب إلى ما بعد يوم الجمعة. وينتظر أن تطال الاضطرابات حركة القطارات السريعة والعادية، فيما ستصاب حركة مترو الأنفاق وقطارات الضواحي بفوضى عارمة. ويتهيأ سكان باريس والمدن الكبرى ليوم خانق بسبب زحمة السير، فيما ستطول أرتال المنتظرين على أرصفة القطارات والمترو. وينتظر أن تتأثر حركة الطيران في المطارات الرئيسية خصوصا مطار أورلي ومطار رواسي، بسبب إلغاء عشرات الرحلات الجوية وحركة النقل البحري وعمل المرافئ وصناعة السفن، حيث دعت النقابات عمال القطاع إلى إضراب واسع.

والى جانب حركة النقل، فإن الأثر الأبرز للإضراب يتبدى في قطاع التعليم الذي يعيش أزمات متلاحقة بسبب الخطط الإصلاحية الحكومية. ويريد الجميع وقفا لإلغاء وظائف تعليمية ومزيدا من التمويل وتحسين شروط العمل وزيادة رواتب المعلمين. وينتظر أن تعاني قطاعات الدوائر العدلية والبريد والهاتف والكهرباء والغاز والصحة والإعلام الحكومي المرئي والمسموع والبنك المركزي وحتى البورصة من الحركة الاحتجاجية. ودعا القطاع الخاص إلى المشاركة في هذا «اليوم الوطني»، لكن لا ينتظر أن تكون مساهمته مرتفعة.

وتحظى الحركة الاحتجاجية بدعم كل أحزاب اليسار (الاشتراكي والشيوعي وأقصى اليسار)، وبدعم حزب الخضر وحتى حزب الوسط المدعو الحركة الديمقراطية، بحيث لا يبقى خارجها سوى حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية اليميني الحاكم. ويعتبر الكثيرون أن يوم الخميس هو «أقسى اختبار» للرئيس الفرنسي ولحكومته منذ وصولهما إلى السلطة في شهر مايو (أيار) من العام 2007. وقد سعى ساركوزي ورئيس الحكومة فرنسوا فيون إلى محاولة «استيعاب الحركة» قبل أن تحصل. إذ ركز ساركوزي وفيون على أن الحكومة «تتفهم» مخاوف الفرنسيين، غير أنهما أصرا في الوقت عينه على الاستمرار بخططهما الإصلاحية ما يفسره اليسار والنقابات على أنه «رفض» للاستماع للمطالب الشعبية.