الخرطوم: السجن 17 عاماً لسوداني أدين بالتخابر لصالح «جنائية لاهاي »

الصادق المهدي يقترح محكمة «هجينا» للخروج من الأزمة بين السودان والدولية الجنائية

TT

حكمت محكمة في الخرطوم أمس على سوداني بالسجن 17 عاماً والغرامة 5 آلاف جنيه سوداني «الدولار يساوي 220 جنيهاً»، بعد إدانته بتهمة التخابر والتجسس للمحكمة الجنائية الدولية، إلى جانب إدانته بتهم: إفشاء معلومات رسمية سرية والاشتراك الجنائي وإفشاء معلومات عسكرية. يذكر أن المدان شرطي سابق يعمل في جهاز الشرطة الشعبية.

وقال القاضي عبد الوهاب إسماعيل قاضي المحكمة العامة جنايات بالخرطوم في الحيثيات، إن الوقائع التي ركنت إليها المحكمة وأيدتها البيّنات تؤكد أن الأفعال التي قام بها المتهم ويدعى «محمد السر إبراهيم»، سوداني الجنسية، تضر بموقف البلاد سياسياً وجهود وحدتها واستقرارها، وأن التخابر بلغ مداه هذه الأيام، ولذا راعت المحكمة إيقاع عقوبة السجن بدلا عن الإعدام وفقاً للقانون الجنائي السوداني. وأمرت بتسليم المستندات للشرطة الشعبية ومصادرة المعروضات لصالح حكومة السودان. وذكر القاضي في حيثيات القرار أن المتهم قد خالف القانون الجنائي بقيامه بالتجسس ضد البلاد وعقوبتها السجن 10 أعوام أو الغرامة أو العقوبتين معاً.

وقال القاضي إن شاهد الاتهام الثالث أفاد بأن المتهم نقل أذونات لجهات بالخارج، مما يبين مسؤولية المتهم الجنائية بإفشاء واستلام مستندات رسمية بأي وسيلة، وأن المستندات التي تم الحصول عليها بمستند الاتهام تشمل «أرانيك مخازن» التي لا يجوز خروجها خارج الوحدة التي توجد بها، وأن الأوراق تخص الشرطة وهي تعتبر في غاية السرية ولا يجوز التصريح بشأنها بعد ترك الخدمة أو خلالها، وأن المستندات وجدت بدولاب المتهم وشنطة الشرطي وأخرى تم ضبطها بواسطة كمين. وقالت المحكمة إنه تمت إدانة المتهم تحت مادة إفشاء المعلومات العسكرية للدولة والمتعلقة بإعداد الجنود وتسليمها والآليات العسكرية، وأن المستندات التي ضبطت مع المتهم خاصة بالشرطة الشعبية في محلية الواحة بشمال دارفور، وهي شرطة متنقلة مع الرعاة في رحلاتهم السنوية بحثاً عن الماء والكلأ، وبرنامجها التدريبي وأسماء المنتسبين للمعسكر وتقارير الأداء وبرامج التدريب والتأهيل وإفادة شاهد الاتهام الثالث بذلك، إضافة إلي تأشيرة المتهم للسفر للأردن في اليوم نفسه الذي وعد فيه باستلام المستندات في الكمين الذي نصب له من قبل الشاهد الأول.

إلى ذلك، طرح الصادق المهدي رئيس حزب الأمة المعارض مقترحاً بتشكيل محاكم «هجين» يشترك فيها قضاة موثوقون وذوو كفاءة محليون أفارقة وعرب لمحاكمة المتهمين في قضايا جرائم الحرب في دارفور، وذلك كمخرج للأزمة بين السودان والمحكمة الجنائية الدولية، التي تتوقع الخرطوم أن تصدر قراراً في حق الرئيس عمر البشير بادعاء ارتكابه تلك الجرائم. قبل أن يقول إنه يرى أن هناك جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب ارتكبت في دارفور. وقال المهدي إن من شأن هذه المحاكم رفع الحرج عن المحكمة التي تطالب بمحاكمة رأس دولة في الخارج، وفي الوقت ذاته يتم عبر هذه المحاكم تحقيق مبدأ الإفلات من العقوبة. وقال المهدي في منتدى الصحافة والسياسة الشهري في داره بأم درمان، أمس، إن البلاد في وضع خطير بسبب تداعيات الأزمة بين السودان والمحكمة الجنائية الدولية، وأضاف «عام 2009 هو عام امتحان السودان يُكرَم فيه أو يهان»، في هذا العام يحدد فيه مصير السودان من حيث الوحدة أو الانفصال، رغم أن الاستفتاء حول هذا المطلب في العام 2011م، وقضية دارفور إما أن تحل هذا العام أو تتحول إلى بوابة تفكيك للسودان، كما سيتم حسم قضية التحول الديمقراطي في العام ذاته. وحسب المهدي فإن التخبط في التعامل مع الأزمة بين المحكمة والبلاد، وما حول ذلك من قرار من مجلس الأمن هو «الذي أوصلنا إلى هذه المرحلة الخطيرة من الأزمة، التي بات فيها يطلب رأس الدولة للمحاكمة خارج البلاد». ودعا المهدي إلى عدم التعامل بـ «عنتريات» حال صدور قرار من المحكمة الجنائية الدولية بتوقيف الرئيس البشير بادعاء ارتكابه جرائم حرب في دارفور، وطالب بتجنب ردود الأفعال الانفعالية تأكيداً لنضج الشعب السوداني وقواه السياسية والمدنية، ولتفويت الفرصة على المراهنين على سيناريوهات الفوضى والعنف، كما دعا إلى إعمال «ذلك النضج الذي يشهد به تاريخ شعبنا العبقري في كل المحن والملمات والظروف الحرجة التي مر بها وتجاوزها بصورة سلمية وبإجماع قومي أدهش الجميع». كما رهن المهدي الخروج من هذه الأزمة بالتوصل لاتفاق سياسي قومي جامع يضم كل القوى السياسية يُفضي لحل مشكلة دارفور وتوفير الحريات العامة وإجراء انتخابات حرة نزيهة ومراقبة وقيام إدارة قومية. وشهد المنتدى مناقشات تباينت فيها الآراء بشأن الأزمة.