رئيس الوزراء يهاجم دعاة مقاطعة انتخابات الرئاسة في الجزائر

نزع 6 آلاف قطعة سلاح منذ انطلاق «المصالحة» * منع قياديين إسلاميين من مغادرة البلاد

TT

انتقد الوزير الأول الجزائري أحمد أويحيى دعاة عدم المشاركة في انتخابات الرئاسة التي ستجري بعد شهرين، ونفى من ناحية أخرى وجود تدابير إضافية في إطار سياسة «المصالحة الوطنية».

وشن أويحيى، الذي يعد من أكبر مؤيدي الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، أمس، هجوما على شخصيات سياسية أعلنت عزوفها عن الانتخابات الرئاسية، وضرب مثالا متداولا في الأوساط الشعبية، مفاده أن الذي يدرك بأنه خاسر في منافسة يزعم أن خصومه تعمدوا عرقلته حتى لا يفوز، وهي إشارة موجهة إلى رئيس حزب «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية»، العلماني سعيد سعدي، الذي أعلن عدم المشاركة في الانتخابات والتوقف عن أي نشاط سياسي في الفترة المقبلة.

وكان أويحيى يتحدث في أحد فنادق العاصمة بمناسبة تجمع عقده أنصار الرئيس، تناول «فضائل المصالحة» التي أصدر بوتفليقة تدابيرها في 2006. وأوضح الوزير الأول مبديا استغرابه من عزوف غالبية الشخصيات ذات الوزن الثقيل عن الانتخابات: «لا أحد منع هؤلاء من المشاركة في الاقتراع، ومن له مشاكل داخلية (في حزبه) لا يحق له اتخاذ الانتخابات الرئاسية ذريعة». وفهم تصريحه على أنه موجه إلى سعيد سعدي، الذي يعيش حزبه انشقاقا، وبرر التغيب عن الاستحقاق الرئاسي المقبل بكونه «مزورا ومحسوما مسبقا لمصلحة الرئيس بوتفليقة». وقال الوزير الأول (رئيس الوزراء) الذي يرأس حزب «التجمع الوطني الديمقراطي» (ثاني قوة في البرلمان)، إن الجزائر «ليست صالونات سياسية ولا مصالح مالية قذرة»، في إشارة إلى أطراف تعارض ترشح الرئيس لولاية ثالثة، والأرجح أن كلام أويحيى كان موجها إلى أشخاص راهنوا على دخول الرئيس السابق اليامين زروال المنافسة، إلا أن الأخير رد عليهم بأنه تخلى عن السياسة نهائيا. وأحال أويحيى معارضي الرئيس إلى تجربة انتخابات 2004، عندما اصطفوا وراء المرشح علي بن فليس، الذي خسر المعركة في النهاية أمام بوتفليقة، وقال: «إذا كانت هذه الجماعة نسيت دروس 2004 نقول لها إننا نضرب لكم موعدا في 2009».

ودافع أويحيى عن سياسة «المصالحة»، ونفى وجود تدابير إضافية على خلفية احتجاج فئات من «المأساة الوطنية»، على إقصائها من المشروع الذي يتضمن عفوا لفائدة المسلحين، وتعويضات مادية لضحايا الأزمة الأمنية.

وقال متوجها إلى من يطالبون بعرض حصيلة بالأرقام عن المشروع: «المصالحة ليست حصيلة ملفات، فالدولة تعهدت بحل الأزمة الأمنية، ولا يمكن أن يتحول ذلك إلى سجل سياسي ولا إلى مضاربة، لأن المصالحة خيار استراتيجي، وهي مسار يقود إلى مصالحة الجزائريين مع أنفسهم ومع وطنهم».

ودعا أويحيى أيضا أفراد الجماعات المسلحة الرافضين للمصالحة إلى التخلي عن الإرهاب، وقال: «لا بد من إقناع هؤلاء الضالين بضرورة العودة إلى جادة الصواب». إلى ذلك، أعلن عبد العزيز بلخادم، الأمين العام لجبهة التحرير الوطني، (حزب الغالبية في البرلمان) أمس، نزع ما لا يقل عن ستة آلاف قطعة سلاح منذ دخول «ميثاق السلام والمصالحة الوطنية» حيز التنفيذ في 28 فبراير (شباط) 2006. وأكد بلخادم، الذي كان يتحدث خلال يوم برلماني نظمته أحزاب التحالف الرئاسي حول المصالحة الوطنية، أن حصيلة ميثاق السلم والمصالحة «ايجابية» لأنها «سمحت بعودة العناصر (المسلحة سابقا) إلى المجتمع». وأضاف أن المصالحة الوطنية «عملية سياسية وليست إجرائية محددة زمنيا».

وفي سياق متصل, حجز القضاء الجزائري جوازي سفر عضوين بارزين في التيار الإسلامي، ومنعهما من مغادرة البلاد؛ تحسبا لخضوعهما للمحاكمة على خلفية ما تعتبره السلطات «تحريضا ضدها» في المسيرات التضامنية مع سكان غزة، خلال الحرب التي شنتها إسرائيل نهاية العام الماضي وبداية العام الجاري.

وقال مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط» إن قيادي «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» المحظورة، عبد القادر بوخمخم، ورئيس الحزب الإسلامي المحل «الجزائر المسلمة المعاصرة» أحمد بن محمد، توجها إلى قاضيي التحقيق أمس بمحكمتي سيدي امحمد وحسين داي بالعاصمة، بناء على استدعاء من الشرطة. وانتهى التحقيق معهما بوضعهما تحت الرقابة القضائية، وهو إجراء احترازي يجرد الشخص بموجبه من جواز السفر ويمنع من مغادرة البلاد، في انتظار خضوعه للمحاكمة. ووجه قاضيا التحقيق إلى بوخمخم وبن محمد تهمة «تكوين جمعية أشرار». وللقضية علاقة مباشرة بأعمال التخريب والاعتداء على قوات الأمن، خلال مسيرة حاشدة جرت بالجزائر، كان بوخمخم وبن محمد في صفوفها الأمامية إلى جانب قيادي «الإنقاذ» كمال قمازي، الذي رجح المصدر القضائي أنه سيقع تحت طائلة نفس التهمة في أثناء مثوله بين يدي قاضي التحقيق السبت القادم.

وتم استجواب الشخصيات الثلاث الأسبوع الماضي في محافظة الشرطة المركزية، بشأن ما وصف بـ«تصريحات تقدح في موقف الجزائر المساند للقضية الفلسطينية منذ زمن طويل»، في إشارة إلى شعارات رفعت في المسيرات وخطب ألقيت في تجمعات، اعتبرت معادية للسلطات.