وزراء إعلام الدول الإسلامية يوصون بتفعيل قرار إحداث لجنة لمخاطبة العالم الخارجي

أوغلي: تصريحات أوباما إيجابية.. وخطاب إدارته مختلف عن سابقتها

خالد الناصري، وزير الإعلام المغربي، رئيس الدورة الثامنة للمؤتمر الإسلامي لوزراء الإعلام، يلقي كلمة الاختتام، وبدا إلى جانبه إياد بن أمين مدني، وزير الثقافة والإعلام السعودي (تصوير: مصطفى حبيس)
TT

صادق المؤتمر الإسلامي لوزراء الإعلام في دورته الثامنة الذي أنهى أمس أعماله بالرباط، على مجموعة من القرارات، وصفتها رئاسة المؤتمر، بـ «الهامة»، وضمنها التنسيق مع لجنة القدس من أجل حث وسائل الإعلام على استثمار تظاهرة (القدس عاصمة للثقافة العربية) للعام الجاري لتسليط الضوء على المدينة، ورمزيتها في نفوس المسلمين، وذلك بعد تبني المؤتمر لقرار قدمه مندوب فلسطين. واقترح مندوب إيران، استبدال كلمة الثقافة العربية بـ «الثقافة الإسلامية»، فكان رد خالد الناصري، وزير الإعلام المغربي، هو أن التسمية جاءت منسجمة مع القرار الذي اتخذته سابقاً منظمة عربية، لمواصلة التعريف بالقدس في الوطن العربي، وبجميع اللغات، مؤكداً أنه لا وجود لخلاف على تسميتها «إسلامية»، إذ تضم القدس، المسجد الأقصى، أولى القبلتين، وثالث الحرمين الشريفين، وتعيش في قلوب المسلمين كافة مهما كانت لغتهم، فصفقت قاعة الجلسات لهذا التوضيح الرمزي، وتفهم مندوب إيران الأمر بكل أريحية.

وطرح أكمل الدين إحسان أوغلي، أمين عام منظمة المؤتمر الإسلامي، في الجلسة المغلقة، أمس، سؤالا يتعلق بدور المنظمة، وما تريده المجموعات المنتمية إليها، من أفريقيا وآسيا والدول العربية، مشيراً إلى أن العمل الرسمي يوصف «بأنه معطل»، ويحتاج إلى دينامية قوية، كونه لم يفرض نفسه كقوة وازنة في المنتديات والمحافل الدولية، وذلك بعد مرور أربعة عقود على إنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي بالرباط، مقترحاً تسريع وتيرة التضامن الاقتصادي بين الدول الأعضاء، للإعلاء من شأنها دولياً.

وأوصى المؤتمر بتفعيل قرار صدر عن الدورة السابقة التي انعقدت في السعودية، والرامي إلى إحداث لجنة وزارية لمخاطبة العالم الخارجي، والذي اقترح أن تتشكل من وزراء إعلام: السعودية، وتركيا، وإيران، ومصر، وماليزيا، والسنغال، وسورية، والمغرب، على أساس أن تعقد اجتماعاً لها في أقرب الآجال، لإعداد خطة عمل متكاملة، وذلك بالاستعانة بفريق من الخبراء المتخصصين للتوجه إلى العالم الخارجي، ومخاطبته باللغات التي يفهمها، وبالأساليب التي تتماشى مع منطقه، وتركيبته الذهنية، بهدف تصحيح صورة الإسلام المشوهة، وإيضاح رسالته النبيلة وقيمه السامية، مشيراً إلى أهمية تعبئة الإمكانيات المالية لتمويل المشاريع المتعلقة بالتفاعل مع الإعلام الخارجي، بما في ذلك إمكانية إنشاء صندوق تسهم فيه الدول الأعضاء، والمؤسسات والأفراد على قاعدة طوعية، إذ اقترح إياد بن أمين مدني، وزير الثقافة والإعلام السعودي، تخصيص 25 مليون دولار كمساهمة لجميع الأعضاء.

ودعا المؤتمر سفراء منظمة المؤتمر الإسلامي إلى الاهتمام بالنشاط الإعلامي، وتنسيق تحركاتهم في هذا المجال، والعمل على ربط الصلة بمؤسسات المجتمع المدني في الدول الأعضاء بالمنطقة، والتنسيق معها لخدمة قضايا الأمة في المجال الإعلامي، والاستعانة بشباب العالم الإسلامي الذي يواصل دراسته في الخارج، وكذا الجاليات الإسلامية المقيمة في الدول غير الأعضاء بالمنطقة.

واعتمد المؤتمر الإسلامي الدراسة الشاملة الخاصة بإعادة هيكلة وكالة الأنباء الإسلامية الدولية (إينا)، وكذا اتحاد الإذاعات الإسلامية، والأنظمة المالية المرتبطة بها، وتلك المرتبطة بالموظفين، مؤكدا تبنيه في توصياته الخطة الاستراتيجية الجديدة من خلال إعادة تشكيل المجلس التنفيذي لاتحاد الإذاعات الإسلامية، بأقل عدد من الأعضاء يتم اختيارهم من بين الأكثر فعالية ومساهمة، وتعيين كوادر كفؤة في إدارة الإعلام بالأمانة العامة للمنظمة، ودعمها بالإمكانيات المالية والتجهيزات الفنية، بما يمكنها من أداء وظيفتها خدمة للعمل الإعلامي الإسلامي المشترك. وحث الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي التي لم تنضم بعد إلى صندوق للتضامن الرقمي العالمي على الانضمام في أقرب الآجال والمساهمة في تمويله، وتطبيق مبدأ 1 في المائة من أجل التضامن الرقمي، والعمل على تشجيع المؤسسات العمومية والخاصة على المستوى الوطني لتنفيذ هذا المبدأ.

ودعا المؤتمر إلى تقديم مساهمات مالية استثنائية طوعية لصندوق التضامن الرقمي العالمي الذي يخصص لتمويل مشاريع مجتمعية للتضامن الرقمي في الدول الأعضاء.

واعتبر المؤتمر مشروع إطلاق فضائية باسم العالم الإسلامي فكرة طموحة وهدفها نبيل، لكنها تحتاج إلى دراسة معمقة ودقيقة، لتوفير مواد إعلامية تتسم بالجودة والحرفية لتنال اهتمام المشاهدين. ودعا المؤتمر الدول الأعضاء ووسائل الإعلام فيها، إلى مواصلة توفير تغطية إعلامية قصوى للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وإبراز الآثار التدميرية التي خلفها، وتسليط الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان، وجرائم الحرب التي اقترفتها إسرائيل، وإطلاع العالم أجمع على حقيقة وحجم الانتهاكات والكارثة الإنسانية التي سببها العدوان.

فيما لم يتم التوافق حول مدونة السلوك في أجهزة الإعلام في منظمة المؤتمر الإسلامي، حيث قرر المؤتمر إحالة المشروع المعد على الأمانة العامة لمنظمة المؤتمر الإسلامي ويشرف عليه فريق عمل مفتوح العضوية يستعين بمجموعة من الإعلاميين والحقوقيين لمراجعة المشروع، معتبراً أن الأمر ليس فيه مس بحرية الإعلاميين، بقدر ما هو مرتبط بمراجعة فنية محضة، وتم التأكيد على استضافة برازافيل، عاصمة الغابون، للدورة التاسعة.

وقرر المؤتمر اعتماد رسالة العاهل المغربي الملك محمد السادس، التي تليت في الجلسة الافتتاحية، أول من أمس، وثيقة أساسية في المؤتمر، باعتبارها تتضمن أفكاراً عملية قابلة للتنفيذ، وعلى هذا الأساس ثمّن مندوبو الدول، من دول آسيا وأفريقيا، والدول العربية، دور العاهل المغربي في إنجاح المؤتمر. وقال محسن بلال، وزير الإعلام السوري «إننا حققنا نجاحاً باهراً بفضل عمل الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي، وكذا وزارة الإعلام المغربية، وكذا دور العاهل المغربي الملك محمد السادس، الذي يدير شأن بلاده بجدارة واستحقاق، ويعلب دوراً رائداً في الدول المغاربية والعربية والإسلامية». وصادق المؤتمر أيضاً على إعلان الرباط، باعتباره وثيقة تقنية، وليست قانونية، على حد تعبير خالد الناصري، وزير الإعلام المغربي. وأكد إعلان الرباط على ضرورة مساءلة الذات بالصراحة والصرامة اللازمتين من أجل الارتقاء بالخطاب الإعلامي الإسلامي إلى المستوى المطلوب، وتفادي السقوط في فخاخ الطروحات التي تحاول استدراج العالم الإسلامي إلى منطق صراع الحضارات واصطدام الثقافات، ومخاطر التصنيفات العقائدية الضيقة، مع التشديد على أن الصراع مع إسرائيل يعد صراعاً سياسياً من اجل إنهاء الاحتلال وليس صراعاً دينياً وعرقياً.

وفي سياق متصل، قال أكمل الدين إحسان أوغلي، أمين عام منظمة المؤتمر الإسلامي، إن تصريحات باراك أوباما، الرئيس الأميركي، لفضائية عربية، تعد إيجابية، من أجل فتح صفحة جديدة مع العالم الإسلامي، وزرع الثقة، وسيادة الاحترام المتبادل، وإنهاء الأخطاء المرتكبة من قبل الإدارة السابقة. وأوضح أوغلي، في مؤتمر صحافي مشترك، مع خالد الناصري، وزير الإعلام المغربي، عقد أمس، أن خطاب الإدارة الأميركية الجديدة مختلف مع سابقتها، إذ يجب أن يكون هناك اهتمام عادل بالقضايا الإسلامية خاصة القضية الفلسطينية. وقال أوغلي «إن الإدارة الأميركية الجديدة فهمت أن سياسة ليّ الذراع لن تجدي نفعاً لحل المشاكل»، مثمناً تسمية السناتور، جورج ميتشل، مبعوثاً إلى الشرق الأوسط.