أولمرت: توصلنا إلى تفاهمات حول تسوية دائمة.. لكن عباس رفض التوقيع بسبب الانتخابات

التفاهمات شملت انسحابا كاملا وإزالة مستوطنات وإعادة القدس وإنهاء قضية اللاجئين في فلسطين وليس إسرائيل

فلسطيني من الذين دمرت منازلهم في العدوان الاسرائيلي الاخير على غزة أمام خيمة نصبت على أنقاض منزله في جباليا أمس (رويترز)
TT

أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي، ايهود أولمرت، مبعوث الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط، جورج ميتشل، أنه خلال المفاوضات الرسمية مع السلطة الفلسطينية جرى التوصل الى تفاهمات كاملة حول بنود التسوية الدائمة للصراع على أساس مبدأ دولتين للشعبين، ولكن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن)، ورئيس الوفد المفاوض، أحمد قريع (أبو العلاء)، امتنعا في آخر لحظة عن التوقيع على هذه التفاهمات في ورقة رسمية وذلك بسبب خوفهما من قراره بالاستقالة وتبكير موعد الانتخابات العامة في إسرائيل.

وقال المراسل السياسي لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، شمعون شيفر، في تقرير عن هذه التصريحات، أمس، ان أولمرت تكلم عن هذه التفاهمات بالتفصيل خلال لقائه مع ميتشل، أول من أمس، وأكد ان وزيرة الخارجية، تسيبي ليفني، المرشحة لرئاسة الحكومة الإسرائيلية عن حزب «كاديما» التي قادت المفاوضات مع أبو العلاء، كانت شريكة في هذه التفاهمات بالكامل. وحسب الصحيفة، فإن التفاهمات شملت كل القضايا على النحو التالي: تنسحب إسرائيل من الضفة الغربية بالكامل باستثناء الكتل الاستيطانية، على ان تقدم للفلسطينيين تعويضات عن أراضي المستوطنات بنسبة 1/1، أي تقدم لها أراضي من إسرائيل بنفس مساحة الأراضي التي تبقيها في حوزتها للمستوطنات. ويتم ضمان وجود تواصل جغرافي من أجل التنقل الحر للفلسطينيين في جميع أنحاء الضفة الغربية وكذلك بينها وبين قطاع غزة، على أن تقام جسور وأنفاق في المناطق التي لا يوجد فيها تواصل.

تزيل إسرائيل المستوطنات التي تبقى في تخوم الدولة الفلسطينية وعمق الضفة الغربية، ويقدر عدد المستوطنين فيها بستين ألفا، وبينهم المستوطنون في قلب الخليل أيضا. تنسحب إسرائيل من الأحياء العربية في القدس الشرقية لتصبح عاصمة للفلسطينيين وتحتفظ لنفسها بالأحياء اليهودية في القدس. وأما الأماكن المقدسة فتوضع تحت إدارة دولية تتيح لكل المؤمنين من جميع الديانات حرية العبادة فيها. وتبقى المدينة مفتوحة لمصلحة الطرفين. تتم تسوية قضية اللاجئين بحيث تتاح لهم العودة الى تخوم الدولة الفلسطينية وليس إسرائيل، أو قبول التعويضات.

وقال أولمرت لميتشل، حسب هذه الصحيفة، إن أبو مازن وأبو العلاء قطعا الاتصال به عندما اضطر الى الاستقالة. واختارا انتظار نتائج الانتخابات الإسرائيلية. ولذلك لم يتم التوقيع على هذه التفاهمات، ولم تصبح وثيقة رسمية. ولكن قرار أولمرت تبليغ المبعوث الأميركي بها أصبح بمثابة التزام إسرائيلي لا يستطيع رئيس الحكومة الإسرائيلية القادم أن يتجاهله.

وتصرف أولمرت على النحو نفسه في موضوع الملف السوري وقال إنه كان قاب قوسين أو أدنى للتوصل الى اتفاق على الانتقال للمفاوضات المباشرة مع سورية حول عملية السلام، حيث ان دمشق تصر على الانسحاب من هضبة الجولان بالكامل. وانه كان ينوي التفاوض المخلص في سبيل ذلك. لكن سورية مثل الفلسطينيين تراجعت بسبب الانتخابات الإسرائيلية.

ويرى مراقبون أن أولمرت لجأ إلى هذه الطريقة لحسابات استراتيجية. فهو يريد ان تجرى الانتخابات الآن على أساس معرفة اتجاه التسوية. فإذا فازت ليفني برئاسة الحكومة، وهذا مستبعد، يتم التوقيع وتكون قد حظيت بثقة الجمهور وتأييده في هذه التسوية. وإذا انتخب رئيس الليكود المعارض، بنيامين نتنياهو، فإنه بالتأكيد سيعمل على شطب هذه التفاهمات. وسيدخل في صدام مع الإدارة الأميركية الجديدة ومع أوروبا. وسيفشل في إدارة شؤون الدولة وسيضطر الى الاستقالة والدعوة لانتخابات جديدة. وفي هذه الأثناء يكون أولمرت قد انتهى من علاج ملفات الفساد المفتوحة ضده، وهي ستة ملفات تم إغلاق إحداها ويعتقد أولمرت بأنه سيكون قادرا على إغلاق البقية، فيعود الى سدة الحكم بقوة، ولديه أجندة سلام واضحة ودعم كامل من الإدارة الأميركية. إلى ذلك أعلنت الشرطة الإسرائيلية أمس أنها ستستجوب من جديد اليوم رئيس الوزراء الإسرائيلي المستقيل ايهود اولمرت الذي يشتبه بتورطه في قضايا فساد واحتيال. وقال المتحدث باسم الشرطة ميكي روزنفيلد «غدا (الجمعة) في الساعة العاشرة صباحا سيجرى التحقيق مجددا مع رئيس الوزراء ايهود اولمرت من قبل رجال الشرطة في إطار التحقيق المستمر». وأجرت الشرطة 11 تحقيقا مع اولمرت بشأن عدد من قضايا الفساد. وأدى الاشتباه به في تلك القضايا الى استقالته في سبتمبر (أيلول). وتعود هذه الاتهامات الى ما قبل 13 عاما من توليه مهامه عندما كان رئيسا لبلدية القدس ووزيرا للتجارة والصناعة. واستقال اولمرت في 21 سبتمبر إلا انه لا يزال على رأس الحكومة إلى حين إجراء الانتخابات العامة المقررة في العاشر من فبراير (شباط). ويصر اولمرت على براءته.