خلافات داخل الناتو بسبب تعليمات أميركية تدعو لقتل تجار المخدرات في أفغانستان

المبعوث الأميركي لأفغانستان وباكستان يزور المنطقة

أفغانية تمر تحت ملصق ضخم للرئيس حميد كرزاي وسط العاصمة كابل في الوقت الذي أعلنت فيه اللجنة الانتخابية تأجيل الانتخابات الرئاسية حتى يوم 20 أغسطس (آب) المقبل (أ.ب)
TT

ذكرت مجلة «دير شبيغل» الألمانية الواسعة الانتشار أن الجنرال الألماني في حلف الأطلسي إيغون رامس، وكذلك الجنرال الأميركي ديفيد ماكيرنان قائد قوة إيساف العاملة في أفغانستان التابعة للناتو، رفضا الاستجابة لتوجيهات أصدرها القائد الأعلى لقوات حلف الأطلسي الجنرال الأميركي بانتز كرادوك بتقبل فكرة الاضطرار إلى قتل تجار المخدرات في أفغانستان، حتى لو لم يثبت أنهم يقومون بدعم حركة طالبان التي تنفذ أعمال عنف ضد الحكومة الأفغانية وضد قوة المساعدة الأمنية الدولية (إيساف) التي يقودها الحلف. وأضافت المجلة أن رامس وماكيرنان ينظران إلى هذه الأوامر باعتبارها خرقا للقانون الدولي والقواعد المنصوص عليها بالنسبة لمهمة القتال في أفغانستان.

وكان وزراء دفاع حلف الأطلسي قرروا في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي في بودابست أن بإمكان عناصر قوة إيساف في المستقبل مهاجمة «المؤسسات والأشخاص الذين يعتمدون على تجارة المخدرات، إذ ثبت أن لديهم صلة بالمتمردين». ويرى حلف الأطلسي أن المتمردين الذين يقومون بعمليات ضد الحكومة وضد قوة إيساف يعتمدون بشكل أساسي في دخلهم على تجارة المخدرات، وترى ألمانيا، من جهتها، أن هذا الاتفاق ممكن ولكنه يجب ألا يكون ملزما لجميع الشركاء في حلف الأطلسي. وحسب مصادر «دير شبيغل» سيبحث وزراء دفاع دول حلف الأطلسي في مدينة كراكوف ببولندا في 19 و20 من الشهر المقبل مسألة تنفيذ هذا القرار. وكان الموقع الالكتروني لصحيفة دير شبيغل الألمانية «شبيغل اونلاين» نشر رسالة عممها القائد الأعلى لحلف شمال الاطلسي الجنرال الأميركي جون كرادوك دعا فيها الى القضاء على تجار الأفيون في أفغانستان دون الحاجة الى إثبات مشاركتهم في حركة التمرد.

وجاء في الخبر أن كرادوك أعطى أوامره للحلف الأطلسي بمطاردة «تجار المخدرات ومنشآتهم»، معطيا قوات الحلف صلاحية استعمال العنف الشديد حتى القتل. وكتب كرادوك في رسالته «لم يعد ضروريا توفير معلومات عسكرية أو إثبات أن كل مروج أو منشأة مخدرات في أفغانستان ينطبق عليهم مواصفات الهدف العسكري». وبحسب «شبيغل اونلاين» فإن الرسالة موجهة إلى الجنرال الألماني ايغون رامس ومقره مركز قيادة حلف شمال الاطلسي في برونسوم في هولندا وقائد القوات الدولية في افغانستان الجنرال دافيد ماكيرنان. من ناحيته قال توماس رابيه، المتحدث باسم وزارة الدفاع الألمانية، إن القوات الألمانية العاملة ضمن قوة المساعدة الأمنية الدولية (إيساف) في أفغانستان لن تشارك في عمليات التصدي لتجار المخدرات في أفغانستان. وذكر رابيه أمس أن دور القوات الألمانية سيقتصر على تقديم الدعم اللوجيستي ووسائل الرصد لقوات الأمن الأفغانية دون المشاركة في عمليات قد تسفر عن قتل تجار المخدرات. وأضاف المتحدث أن الموقف الألماني لا يتعارض مع الاتفاق الموقع داخل حلف شمال الأطلسي (ناتو) الذي ينص على عدم التزام جميع الدول الأعضاء بتوسيع المشاركة في مكافحة تجار المخدرات في أفغانستان. من جهته أعلن وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير امس في دافوس ان فرنسا لا تنوي زيادة عديد قواتها في افغانستان رغم الضغوط المتوقعة لواشنطن في هذا المجال. وأعلن كوشنير الذي يشارك في المنتدى الاقتصادي العالمي في سويسرا «رفعنا للتو عديد جنودنا وليس هناك نية بإرسال جنود إضافيين في الوقت الراهن، كما أن ذلك لم يطلب منا». وكان وزير الخارجية الفرنسي يرد على سؤال عن رغبة الادارة الأميركية الجديدة في تعزيز الجهود العسكرية في مواجهة المتمردين الافغان، المترافقة مع ضغوط على حلفائها لإرسال جنود إضافيين إلى البلاد. وينتشر نحو 2800 جندي فرنسي في افغانستان في اطار القوة الدولية المساهمة في إرساء الامن في افغانستان (إيساف) التابعة لحلف شمال الاطلسي وعملية «الحرية الدائمة» بقيادة الولايات المتحدة. وكان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي قرر العام الماضي ارسال تعزيزات من 700 جندي إلى افغانستان.

من جهة اخرى في كابل قال رئيس اللجنة الانتخابية في أفغانستان امس إن الانتخابات الرئاسية ستجرى في 20 اغسطس (آب) في ثاني مرة تشهد فيها أفغانستان انتخابات ديمقراطية لاختيار رئيس لها في تاريخها.

ولمح الرئيس الافغاني حميد كرزاي بقوة الى عزمه السعي لإعادة انتخابه، لكن شعبيته تراجعت كثيرا بسبب الفساد المستشري في الدوائر الرسمية وانعدام الأمن مع الهجمات والاشتباكات شبه اليومية بين حركة طالبان من جانب والحكومة الافغانية والقوات الدولية من جانب آخر.

ومن جانبه انتقد كرزاي القوات الأميركية وقوات حلف شمال الاطلسي بقوة لقتلها عشرات المدنيين في هجمات جوية. وأثار سقوط القتلى المدنيين غضبا كبيرا بين الافغان وزاد من مشاعر الاستياء من وجود القوات الاجنبية. وكان من المفترض وفقا للدستور الافغاني أن تجرى الانتخابات في مايو (أيار) لكن المسؤولين أعلنوا العام الماضي أن ذلك سيتعذر لأن إجراء الانتخابات في الربيع يعني تنظيمها أثناء الشتاء القارس الذي يصعب خلاله الوصول الى أجزاء كبيرة من البلاد.

من ناحية اخرى قالت وزارة الخارجية الأميركية أمس إن ريتشارد هولبروك، المبعوث الأمريكي الخاص لأفغانستان وباكستان، سيقوم بأول زيارة له إلى المنطقة الأسبوع القادم، بعد توقفه في ألمانيا لحضور مؤتمر أمني. وشارك هولبروك الخبير المخضرم في السياسة الخارجية في مفاوضات اتفاقية السلام التي أبرمت عام 1995، والتي أنهت حرب البوسنة. وقد عينه الرئيس الأميركي باراك أوباما مبعوثا خاصا إلى المنطقة الأسبوع الماضي. وقال روبرت وود المتحدث باسم الوزارة إن هولبروك سيسافر إلى ألمانيا يوم الثلاثاء القادم؛ لحضور مؤتمر ميونيخ الخامس والأربعين الذي يتناول السياسة الأمنية في ألمانيا، قبل توجهه إلى باكستان وأفغانستان. ولم يذكر وود ما إذا كان هولبروك سيزور دولا أخرى في المنطقة مثل الهند، وقال إنه يريد الذهاب ويريد أن يقيم اتصالات مع مختلف الزعماء في المنطقة. ويواجه هولبروك، الذي كان سفيرا سابقا لدى الأمم المتحدة، تحديا كبيرا في التعامل مع مسألة الحرب في أفغانستان وحدودها المتوترة مع باكستان.

وكان أوباما قد طالب بإعادة النظر في الاستراتيجية الأميركية في أفغانستان، بعدما تعهد خلال حملته الانتخابية بزيادة حجم القوات الأميركية هناك، للتعامل مع العنف المتزايد وحركة طالبان وتنظيم القاعدة، اللذين نشطا مجددا.

وقالت هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية الجديدة، في تأكيد لتصريحات أوباما، إن من الضروري انتهاج استراتيجية أوسع نطاقا في أفغانستان، تشمل الدبلوماسية والدفاع والتنمية.