أوباما يحذر من «قرارات صعبة» بشأن العراق.. ويسعى لاتفاق مع الجنرالات بشأن الانسحاب

القائد الأميركي الجنرال أوديرنو: الفترة بين الانتخابات المحلية والتشريعية ستكون حاسمة

TT

في الوقت الذي يسعى فيه الرئيس باراك أوباما إلى إعادة تحديد ملامح مهمة الولايات المتحدة في العراق، بات واضحا أنه يواجه خيارا صعبا يتمثل في: هل سيكون مستعدا للتخلي عن تعهده خلال حملته الانتخابية، أم سيخاطر بعلاقته مع الجيش؟ أم هل يمكنه التحايل على الاختلاف الناشئ؟ ومنذ توليه مهام منصبه الأسبوع الماضي، كرر أوباما التزامه بإنهاء حرب العراق، ولكن لم يؤكد على أن ذلك سوف يحدث عن طريق ما تعهد به سابقا خلال حملته الانتخابية من سحب قرابة لواء مقاتل كل شهر على مدار الـ16 شهرا الأولى من توليه للمنصب. وقد اقترح كبير قادته في العراق البدء بانسحاب بطيء، وحذر من مخاطر تخفيض عدد القوات بسرعة مبالغ فيها.

وأول من أمس زار أوباما البنتاغون للمرة الأولى منذ توليه الرئاسة، وبدا وكأنه يبحث عن خيار يساعده على الوفاء بوعوده التي أطلقها خلال حملته الانتخابية، حتى ولو من الناحية النظرية، ودون إثارة نفور جنرالات الجيش. وأشار البيت الأبيض إلى أن أوباما منفتح على البدائل التي تقع داخل إطار الـ16 شهرا التي حددها، كما شدد على أن الأمن يعد عاملا هاما في قراره. وكان الجنرال راي أوديرنو، القائد الأعلى للقوات الأميركية بالعراق، من بين من استشارهم الرئيس، حيث وضع الجنرال خطة تقضي بالانسحاب، لكن بصورة أبطأ من الجدول الزمني الذي حدده أوباما خلال حملته الانتخابية، إذ اقترح ضمن خطته سحب لواءين مقاتلين على مدار الستة شهور المقبلة. وفي مقابلة أُجريت معه بالعراق أول من أمس، أوضح الجنرال أوديرنو أن تحديد متى يمكن تخفيض أعداد القوات الأميركية بمقدار كبير بالضبط قد يستغرق بقية العام. وقال أوديرنو وهو يتفقد مركزا للاقتراع بجنوب بغداد تمهيدا للانتخابات المحلية التي ستجرى غدا «أعتقد أنه إذا ما استطعنا الانتقال إلى العام المقبل بسلام، بنفس المعدل الحالي للحوادث أو أفضل منه، فإننا سنكون على مقربة من فرض الاستقرار المستمر، الذي سيمكننا فعليا من تقليل أعداد القوات». وأردف الجنرال أوديرنو أن الفترة بين هذه الانتخابات والانتخابات البرلمانية المزمع إجراؤها أواخر العام الحالي ستكون حاسمة بشأن تقرير مستقبل العراق. وأوضح أنه فيما يمكن سحب بعض القوات الأميركية قبل ذلك، إلا أن أي عملية سحب كبيرة الحجم للقوات من الممكن لها أن تحدث بعد ذلك. وتابع الجنرال «إننا ماضون نحو تقليل عدد القوات هذا العام، فالوقت مواتٍ الآن لتقليل قواتنا هناك. أعتقد أن العراقيين يحدثون تقدما. كما أن الوقت قد حان بالنسبة لنا لكي نتراجع في بعض الأماكن لنمنحهم المزيد من السيطرة». وأضاف «ما نريد القيام به هو تحول بطيء لمهمتنا من تلك التي كانت تركز على مكافحة التمرد لكي نولي المزيد من التركيز على عمليات الاستقرار».

وبعد عقد جلسة بالبيت الأبيض الأسبوع الماضي، شارك فيها الجنرال أوديرنو عبر شبكة فيديو آمنة، توجه أوباما إلى البنتاغون للقاء القادة العسكريين. ولدى حديثه مع الصحافيين بعد ذلك، أشار أوباما إلى أنه لم يقرر بعد الخطة التي سينتهجها في العراق. وقال أوباما «ستكون أمامنا قرارات صعبة ينبغي علينا أن نتخذها بشأن العراق وأفغانستان على وجه السرعة». وفي جسر ديالى، جنوب بغداد، سافر أوديرنو أول من أمس في عربة مدرعة ليتفقد بنفسه الاستعدادات لانتخابات السبت. وقال إن تركيزه حاليا ينصب على «بواعث عدم الاستقرار»، التي من الممكن أن تؤدي إلى إعاقة المكاسب الأمنية التي تحققت بالعراق، ومنها النزاع العربي الكردي شمال العراق، والتوتر بين الأحزاب السياسية الشيعية بشأن تقسيم السلطة في النواحي الأخرى من البلاد. وأفاد بأنه يتصور حدوث تحول في المهمة الأميركية في غضون 5 أو 6 أشهر، حيث سيكون لدى كل من العراقيين والأميركيين قوات تعمل في فرق إعادة الإعمار المحلية، وأفراد آخرون من السفارة الأميركية، والمنظمات غير الحكومية لمساعدة العراقيين على النضوج كقوة محاربة، وتحصيل المهارات في المشروعات المدنية. وأضاف أنه حال حدوث ذلك، ستكون هناك حاجة لثلث القوات الموجودة الآن بالعراق وقوامها 140,000 جندي، ولكن لم يتحدد الوقت الذي يمكن أن يحدث فيه ذلك، حيث قال «القرار الذي يتعين علينا اتخاذه هو متى سيحدث هذا، ومتى سنذهب إلى هذا المستوى». وبموجب الاتفاقية الأمنية المتفق عليها بين بغداد وواشنطن قبل أن يتولى أوباما مهام منصبه، من المفترض أن تغادر جميع القوات الأميركية العراق بنهاية عام 2011، ما لم يطلب العراقيون بقاءها، وأكد أوديرنو على هذا التاريخ قائلا «بحلول عام 2011، سيكون عدد القوات صفرا. فنحن نحرز تقدما كل يوم، إلا أنني أرى بعض القضايا التي من شأنها أن تسبب المشكلات التي أقلق منها. مثل القضايا السياسية التي من الممكن أن تتحول إلى قضايا أمنية. ولكن كلما مر علينا الوقت، وإذا اجتزنا مرحلة الانتخابات، فسنقترب أكثر فأكثر من قدرتنا على عدم الارتداد».

* خدمة: «نيويورك تايمز»