جنبلاط لـ«الشرق الأوسط»: التسوية غير واردة بيني وبين النظام السوري

رئيس اللقاء الديمقراطي: نحن متهمون بأننا ممسكون بالسلطة والقواعد السورية في لبنان تفعل * سهل جدا أن يتهجم نصر الله على مصر

TT

أكد رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط أن لا حل في لبنان الا بقيام كتلة وسطية تقف الى جانب رئيس الجهورية العماد ميشال سليمان، معتبرا أن هذه الكتلة هي الحل الافضل «لأن الحكم المنفرد لـ«14 آذار» أوصلنا الى الثلث المعطل الذي حصلت عليه المعارضة في الحكومة الحالية ويتيح لها تعطيل اقرار القرارات الاساسية، مشيرا الى أن الحكم «اصبح معطلا الان جراء هذا الثلث».

وأبدى جنبلاط، في حوار مع «الشرق الأوسط» في بيروت، استعداد قوى الاكثرية البرلمانية لـ«المساعدة والمساهمة والتسهيل» من أجل قيام الكتلة الوسطية، نافيا أن تكون «خدعة تقوم بها الاكثرية لسحب نواب اضافيين الى صفوفها» ومشيرا إلى أن الرئيس سليمان قد يدفع ثمنا للموقف «الشجاع» الذي اتخذه في الدوحة حول القمة العربية بما يؤدي الى منع قيام الكتلة.

وأعلن أنه يتفق مع «حزب الله» في العداء لإسرائيل «لكن في نهاية المطاف نحن ملتزمون مشروع بناء الدولة وعدم ترك المواجهة مستمرة من أجل مشاريع لا علاقة لها بدولة لبنان» كاشفا أنه ابلغ وفد الحزب الذي التقاه أخيراً أنه «ليس واردا من قبلي أي تسوية أو مقاربة مع النظام السوري». وأكد: «أنا هيك (هكذا) مبسوط وضميري مرتاح». ونفى المعلومات التي تحدثت عن امكانية لقائه الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله، لكنه أبدى استعداده للقاء «اذا ارادوا ذلك». وابدى جنبلاط خشيته من وصول زعيم تكتل «ليكود» بنيامين نتنياهو الى السلطة في اسرائيل «لأن ذلك قد يؤدي الى سقوط المبادرة الاميركية ومزيد من الطعن بالمبادرة العربية» معتبرا ان وصوله «قد يكون حاجة للمحور السوري ـ الإيراني لمزيد من الحروب على غزة.. وربما على لبنان».

وفي ما يأتي نص الحوار:

* في كل مرة تلوح في الافق مصالحات كتلك التي جرت على هامش القمة الاقتصادية، يخشى بعض اللبنانيين من أن تكون مصالحهم هي الثمن، فهل هناك من داع للخوف؟

ـ لم تحصل مصالحات. ما حصل هو أن (خادم الحرمين الشريفين) الملك عبدالله بن عبد العزيز حاول أن يعيد سورية الى الصف العربي تحت سقف المبادرة العربية التي حاول البعض في لقاء الدوحة أن يقول أنها ماتت وهي لم تمت. سنرى لاحقا اذا كانت سورية ستلبي هذا النداء وتتجاوب مع هذا الانفتاح. وهذا مرتبط بتسهيل سورية قيام حكومة وحدة وطنية بين «حماس» و«فتح» وان تساعد مصر في هذا المجال. هناك دفتر شروط على سورية أن تنفذه، والا سيكون الموضوع قد انتهى عند هذا الحد. فاذا ما قامت حكومة وحدة وطنية في فلسطين بالتعاون مع سورية شيء، واذا بقينا كما نحن الان فشيء آخر. فاليوم هناك من يقول أن خالد مشعل سوف يعلن قيام منظمة تحرير جديدة، عندها سيتأكد المزيد من الشرخ العربي والطعن بالمبادرة العربية.

* ماذا عن الانفتاح الاميركي على سورية وايران؟

ـ لا يوجد شيء حتى الآن. كل ما هنالك أن جورج ميتشل اتى الى المنطقة. لكن الموضوع كله يتوقف على الانتخابات الاسرائيلية بعد اسبوعين. والمؤشرات تقول إن (بنيامين) نتنياهو سيعود الى السلطة. وعندها سيحصل تلاقي مصالح موضوعي في تعطيل كل تسوية، لأن نتنياهو يرفض أن يسمع بما يسمى المسار الفلسطيني أو اللبناني. وفي أي حال، ان لبنان لم يكن يوما موجودا في القاموس الاسرائيلي منذ العام 1975 عندما حصلت التسوية الاميركية ـ الاسرائيلية ـ السورية على حسابه. نتنياهو يسمع بشيء واحد هو المسار السوري وعلى حساب المسار الفلسطيني. لا اريد أن يفهم أن حزب «كاديما» هو حزب ليبرالي فهو كما الليكود، على انقاض غزة والقرار الوطني الفلسطيني. لكن نتنياهو أوضح. وقد يكون نتنياهو حاجة للمحور السوري ـ الإيراني لمزيد من الحروب على المنطقة، على غزة، وربما على لبنان كما جرى عام 1996.

* هل تلقيتم أي تطمينات أميركية؟

ـ كلا، لم نسمع بشيء.

* أمامنا تجربة غزة التي يقال إن إسرائيل تريد أن تنقلها الى لبنان...

ـ لن ادخل في التفاصيل، وكيف تم انهاء التهدئة، ومن قبل من. أكتفي بما قاله صديق لـ«حماس والعرب وقضاياهم، رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان، في مكان ما، انه ربما أن البعض في «حماس» قد أخطأ. لكنه اشار الى أنه لا بد من حوار سياسي مع اسرائيل للوصول الى تهدئة. وهذا يعيدنا ـ شئنا أم أبينا ـ الى المبادرة العربية القائمة على مبدأ الارض مقابل السلام. الا اذا كان جدول الاعمال هو تدمير المبادرة العربية تحت شعار «لا أرض ولا سلام... حروب دائمة». وهذا في مصلحة حركات التطرف اينما كانت. لذلك أقول إن وصول نتنياهو معناه أن الامل بمبادرة أميركية يكون قد مات. فمع الاسف، معسكر السلام الذي حرك في اسرائيل أكبر تظاهرة في العالم العربي بعد مجزرة صبرا وشاتيلا عام 1982 قد مات.

* ما رأيك بالموقف الذي اتخذه رئيس الوزراء التركي في دافوس؟

ـ كبير هذا الرجل، وصريح وعفوي. ليس مزايدا كغيره وأرضه محتلة، أو من وراء القارات ويفتي بمنع المجاهدين من التوجه الى فلسطين، الى غزة، ويكتفي بالتشهير بمصر والملك عبدالله.

* خلال حرب غزة، بدا الوضع اللبناني متماسكا، فهل اصبحنا بمنأى؟

ـ كلا، تماسك الوضع سياسي فقط. أما أمنيا فقد كانت هناك الصواريخ النقالة كالحمام الزاجل. وأعتقد أنها كانت رسالة ضغط على لبنان وعلى رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان للذهاب الى اجتماع الدوحة. ذهب الرئيس سليمان، وبكل جرأة قال: لا نستطيع أن ندمر المبادرة العربية والتضامن العربي.

* هل من ثمن سيدفعه الرئيس سليمان لقاء هذا الموقف؟

ـ سنرى اذا كان سيسمح البعض بقيام كتلة وسطية. فالرئيس سليمان لا يستطيع أن يحكم من الا من خلال كتلة وسطية، ومن خلال ضبط السلاح الفلسطيني خارج المخيمات ومن خلال ضبط الحدود (مع سورية). وهذه شروط الحد الادنى.

* نسمع الكثير عن الكتلة الوسطية، فما الذي يمكن أن تقدمه «14 آذار» من مساهمة فيها؟

ـ نحن مستعدون للمساهمة والمساعدة والتسهيل. اننا نريد قيام الدولة. نحن متهمون بأننا ممسكون بالسلطة لكننا لا نمسك بأي شيء.

* من يمسك بالسلطة اذاً؟

ـ الارض، القواعد السورية (الفلسطينية) في الناعمة وقوسايا أقوى، والحدود الفالتة أقوى، والامن بالتراضي أقوى. لقد ارتضينا الامن بالتراضي على قاعدة استيعاب الآلة العسكرية لـ«حزب الله» يوما ما في الجيش اللبناني، لا العكس. أما في الامور الاخرى، فلا يمكن أن يحصل الامن بالتراضي، لا أمن بالتراضي مع قوسايا والناعمة.

* كيف سيكون التسهيل من قبلكم بالنسبة الى الكتلة الوسطية؟

ـ أي ان النواب الذين لا يريدون الانخراط مع بعض أقطاب «14 آذار» و«8 آذار» يكونون في الكتلة الوسطية.

* «8 آذار» تقول إن هذه الكتلة الوسطية هي مجرد خدعة من قبلكم لاستيعاب هؤلاء النواب لاحقا في صفوفكم؟

ـ لا يوجد اي خدعة. علينا كـ«14 آذار» في مناطق معينة أن نترك مجالا لغير الحزبيين ولغير «14 آذار».

* هل حسمت «14 آذار» خياراتها الانتخابية؟

ـ كلا، ليس بعد. فهناك موضوع الكتلة الوسطية. ويجب علينا أن نترك مجالا أو فسحة للكتلة الوسطية لكي لا يكون هناك صراع أقطاب. وهذا افضل سياسيا ومذهبيا.

* الكتلة الوسطية هي الحل في ظل غياب القدرة لدى الطرفين (8 و14 اذار) على الحكم منفردين؟

ـ أفضل، لأن الحكم المنفرد أوصلنا الى الثلث المعطل. والآن أصبح الحكم معطلا حكما من خلال الثلث المعطل. الكتلة الوسطية تخلصنا من الثلث المعطل الذي استخدم ـ للتذكير ـ من أجل المحكمة الدولية التي أخذت مجالها الآن.

* لماذا التأخر في اتخاذ الخيارات الانتخابية في «14اذار». هل هناك من خلافات؟

ـ كلا، لكن لا تنسى أننا لسنا كغيرنا. فنحن لدينا التنوع ولا نتلقى التعليمات المركزية من مكان ما، أو من شخص واحد. نحن لدينا التنوع، والتنوع يحتاج الى وقت.

* هل حسمت التباينات داخل «14 آذار» في ما يتعلق بالانتخابات؟

ـ على الاقل في مناطق نفوذ الحزب التقدمي الاشتراكي، تبقى أمامنا تسوية بعض الامور العالقة في ما يتعلق بموضوع التمثيل المسيحي في الجبل والشوف. هناك 3 مقاعد مارونية في الشوف والمطلوب اثنان. أما في منطقة عالية فليس هناك من تغيير. في بعبدا حسم الموضوع لجهة ترشيح المستقل صلاح حنين والمستقل ادمون غاريوس والاستاذ عبدالله فرحات وهو تاريخيا مع «اللقاء الديمقراطي» والمقعد الدرزي لأيمن شقير.

*ماذا عن التمثيل الدرزي في الجبل؟

ـ لا مشكلة.

* كيف ترى وضع «14اذار» انتخابيا؟

ـ هناك الكثير من الوقت للانتخابات.

* انتخابات مفصلية؟

ـ بالتأكيد مفصلية. فاذا نجحنا نكون فعلاً استطعنا أن نؤكد على أهمية قيام المحكمة الدولية وضبط الحدود وقيام علاقة بين دولتين بين لبنان وسورية، وتثبيت الهدنة مع اسرائيل، واستقلال لبنان.

* يبدو ان هناك تسليما من قبلكم بترحيل الحوار حول الاستراتيجية الدفاعية الى ما بعد الانتخابات النيابية؟

ـ كلا، سلاح «حزب الله» لبناني، لكن له وضعيته الاقليمية التي لا نستطيع أن نقفز فوقها.

* اللقاء الاخير مع «حزب الله» كان تقنيا فقط؟

ـ كلا، بالعكس. كان هناك كلام سياسي واضح. قلنا للحزب أن خلافنا معهم كان حول المحكمة الدولية. والمحكمة اليوم أصبحت واقعا رغم كل ما كلفتنا من عناء ودم وعذاب وخطاب سياسي كاد أن يفجر البلد. وقد اكدت للحزب أمام الامير (الوزير) طلال ارسلان أنه ليس وارادا من قبلي اي تسوية أو مقاربة مع النظام السوري. أنا هيك (هكذا) مرتاح ومبسوط... وضميري مرتاح.

* ضميرك مرتاح للطلاق النهائي مع النظام السوري؟

ـ مرتاح، والحمد لله.

* لا يوجد أي مجال لمراجعة هذه العلاقة؟

ـ أبدا، متفقون مع الحزب على موضوع العدو المشترك اسرائيل، فالعداء لاسرائيل هو من أدبياتنا، وقد مات كمال جنبلاط من أجل القضية الفلسطينية. لكن موضوع سورية غير وارد. وتحدثنا مطولاً واستفضنا حول أهمية أن يكون لحركات التحرر قرارا مستقلا.

* مستقل عن من؟

ـ عن الوصايات الاقليمية أو الدولية...

* هل هناك لقاء قريب مع السيد حسن نصرالله؟

ـ لم اسمع بأي شيء.

* الوزير طلال ارسلان تحدث عن امكانية حصول مثل هذا اللقاء؟

ـ صراحة لم اسمع بشيء، ولم يفاتحني أحد بشيء مماثل.

* لكنك مستعد للقاء؟

ـ نعم، اذا ارادوه، فلمَ لا. وفي هذا الاطار ايضا قرأت كلاما جميلا للسيد محمد حسين فضل الله. واذا سمحت لي ظروفي الامنية، وقبل هو أن يستقبلني، فأنا اود زيارته.

* هل العداء المشترك يعني الاتفاق على المقاومة والاختلاف على الآلية مع الحزب؟

ـ الحزب التقدمي الاشتراكي من الطليعيين في مواجهة اسرائيل وعملاء اسرائيل. لكن في نهاية المطاف نحن ملتزمون مشروع بناء الدولة وعدم ترك المواجهة مستمرة من أجل مشاريع لا علاقة لها بدولة لبنان.

* ما رأيك بالكلام الاخير للسيد نصرالله؟

ـ سهل جدا التهجم على مصر، على معبر رفح. لكن الانفاق تمر تحت رفح الى مصر. اذاً مصر تساهم وتساعد في الجهد العسكري لـ«حماس» شرط ان يكون قرار «حماس» عربيا، وبوابة فلسطين ستبقى عربية.