كتابات وأوراق تلقي الضوء على تفكير فريق أوباما في إيران

محادثات سرية وحذر من خطوات تعزز موقف نجاد

رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام هاشمي رفسنجاني أثناء إلقائه خطبة الجمعة في جامعة طهران بالعاصمة الإيرانية أمس (أ.ف.ب)
TT

بعث الرئيس الأميركي باراك أوباما ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون، خلال الأسبوع الماضي، بإشارات إلى إيران مفادها الباب مفتوح الآن أمام بدء محادثات مباشرة بين الدولتين بعد ثلاثة عقود من الثورة الإيرانية، لكن المسؤولين أشاروا إلى أن أسلوب ووتيرة وفحوى تلك الخطوة لم يتقرر بعد.

لكن في الوقت الذي قال فيه المسؤولون بأن تلك الخطة لن تكون جاهزة قبل عدة أشهر، نجد أن اللاعبين الرئيسيين في المحادثات قد أوضحوا وجهات نظرهم في أوراق كتبوها قبل الانضمام إلى الإدارة، الأمر الذي يقدم إطلالة فريدة على تفكير ومناقشات الإدارة الجديدة. ومن بين عوامل التعقيد الأخرى طلب الولايات المتحدة والقوى الخمس الكبرى، قيام إيران بتعليق برنامجها لتخصيب اليورانيوم قبل الدخول في محادثات شاملة بشأن برنامجها النووي، وأن أي تغيير في هذا المنحى يمكن أن يثير الحلفاء.

وأخيرًا فإن الحكم في إيران يتسم بالغموض ويريد المسؤولون التأكد من أنهم يتحاورون مع مراكز القوى الصحيحة. وقال روبرت غيبس، المتحدث باسم البيت الأبيض: «لا يزال من غير الواضح تحديدا الجهة التي سيعقد الحوار معها».

وقد أوصى دنيس روس، مبعوث الشرق الأوسط السابق والمتوقع أنه سيشغل منصب مستشار هيلاري كلينتون حول إيران، بأن تجري المحادثات التمهيدية مع إيران عبر «قنوات خلفية سرية ومباشرة»، لأن ذلك سيفيد في تجنب تقوية أحمدي نجاد أو تقويض المفاوضات النووية المستمرة.

وكتب روس في بحث مطول بعنوان «الاستراتيجيات الدبلوماسية للتعامل مع إيران» الذي نشره مركز الأمن الأميركي الجديد في سبتمبر (أيلول) «سوف يحمي الإبقاء على المفاوضات سرية بشكل كامل كلا الجانبين من إعلان قبل الأوان، ولن تتطلب من كلا الجانبين تفسير تلك الخطوة قبل أن تكتمل، كما أنه سيقدم ميزة للإيرانيين بالتعامل المباشر عوضًا عن العمل عبر الأوروبيين أو غير المسؤولين، وهو أمر معتاد إلى حد ما».

وقال روس إن الولايات المتحدة يجب أن تطلب من المندوب الإيراني خلال المفاوضات السرية تفسير كيفية نظر حكومته لأهداف الولايات المتحدة تجاه إيران وكيف تعتقد إيران فهم الولايات المتحدة للأهداف الإيرانية. وأشار في بحثه إلى أن الحوار يجب أن يسعى «لإيجاد وسيلة للإظهار للإيرانيين أننا مستعدون للإصغاء، وأن نحاول فهم المخاوف الإيرانية والاستجابة إليها، لكن التقدم في النهاية لن يتم إذا لم تفهم مخاوفنا أيضًا ويتم التفاعل معها». وخلص روس إلى أنه ربما يكون من الصعوبة بمكان «قيام مثل تلك القنوات المباشرة التي ستكون رسمية أيضًا لأن النظام الإيراني يمنح المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي سلطات أقوى من الرئيس.

بينما طالب جاري سامور، أحد كبار مستشاري أوباما وعضو مجلس العلاقات الخارجية، بسياسة أكثر علنية من دون سؤال إيران وقف أنشطة التخصيب: كالدخول في محادثات ثنائية مباشرة والتي يفضل أن تجري مع ممثل المرشد الأعلى حيث يتم التباحث بشأن عدد من القضايا تشمل البرنامج النووي والعلاقات الأميركية الإيرانية والعراق وعملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية. وقد نشر سامور، الذي سيشغل منصب المسؤول عن منع الانتشار النووي في مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض الشهر الماضي بحثًا بالمشاركة مع بروس ريدل من معهد بروكنجز يؤكد هذه الفكرة.

وكانت إدارة بوش قد أجرت محادثات سرية مع مسؤولين إيرانيين قبل حرب العراق وعقدت مباحثات بين السفيرين الأميركي والإيراني في كل من العراق وأفغانستان، لكنها لم تسع لعقد مباحثات موسعة، وعلى الرغم من الجهد الواضح الذي بذله بعض المسؤولين الإيرانيين للتواصل في أعقاب إسقاط نظام صدام حسين في عام 2003. وأوصي سامور أن تقوم الإدارة بالتقدم «بحذر» وتطوير استراتيجية التفاوض عبر «مشاورات متعددة الأطراف وثنائية عالية المستوى مع الحكومات التي تسعى للتفاوض مع إيران ـ بريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين ومع حلفاء الشرق الأوسط.

وقال سامور: «من المهم ألا ينظر للولايات المتحدة كمتجنبة لإطار العمل العام الأكبر بشأن المحادثات النووية» وأن «فتح قناة ثنائية مع إيران قد يساعد في إنعاش المحادثات متعددة الأطراف».

ومن المتوقع أن يبدأ ويليام بيرنز، أحد كبار مسؤولي وزارة الخارجية، تلك المشاورات عندما يلتقي مع الممثلين لمجموعة التفاوض الإيرانية في أوروبا الأسبوع المقبل، فيما أوضح أحد كبار الدبلوماسيين الأوروبيين أن قادة أوروبا سيرحبون بالحوار الأميركي الإيراني، غير أنه لا بد من التعامل الحذر بشأن ذلك، فقال: «إمكانية الحوار مع الولايات المتحدة ورقة مهمة جدًا في لعبتنا مع إيران، فنحن لن يتبق لنا المزيد من الأوراق». لكن جون أو بيرنان، مدير مكافحة الإرهاب بالبيت الأبيض، دافع عن طريقة أكثر استفزازية في بحث نشر في يوليو (تموز)، عندما شدد على ضرورة خفض المناوشات الكلامية وتجاهل التعليقات المعادية للولايات المتحدة من المسؤولين الإيرانيين، والحاجة إلى إرسال مبعوث رئاسي للإشراف على المفاوضات مع إيران. ولتمهيد الطريق للحوار طالب أو بيرنان بضرورة التحلي «بالشجاعة السياسية» للاعتراف بأن إيران خففت من استخدامها للإرهاب خلال العقد الأخير، وقال لن يكون من الحماقة أن نشجع الاستيعاب لحزب الله ـ الحركة السياسية المدعومة من قبل إيران وسورية في النظام السياسي اللبناني بالرغم من اعتبار واشنطن حزب الله رسميًا منظمة إرهابية.

بينما طالب روبرت غيتس، وزير الدفاع الأميركي، بحوار حذر أكثر تركيزًا عندما شارك في إدارة فريق عمل مجلس العلاقات الخارجية بشأن إيران في عام 2004 وقال: «إن الصفقة الكبرى التي يمكن أن تسوي النزاع القائم بين إيران والولايات المتحدة بصورة نهائية غير حقيقية» وانتهى فريق العمل إلى أن الولايات المتحدة يجب أن تتفاوض مع إيران في القضايا التي تتشابك فيها مصالحهما وإحداث تقدم فيها». وأوضح غيتس، الذي لا يزال يحتفظ بمنصبه منذ عهد إدارة بوش، ضرورة أن تبدأ المحادثات قبل حل المشكلات النووية وهو موقف يضعه في موقف موحد مع أسلوب إدارة أوباما.

* خدمة «واشنطن بوست»