حاكم إيلينوي يغادر مكتبه بعد عزله.. وتحضير تهم بحقه قد تدخله السجن

أعضاء مجلس الولاية الأميركية يصفون بلاغوفيتش بـ«الماكر والكاذب والوقح»

أوباما، ويبدو إلى جانبه نائبه جو بايدن، يستعد للتوقيع على 4 قرارات تنفيذية تعزز نظم العمل وتحسن أحوال الطبقة الوسطى (أ.ب.أ)
TT

بعد أسابيع من الشد والجذب، عزل مجلس ولاية إيلينوي الحاكم رود بلاغوفيتش المتهم بعرض مقعد باراك أوباما في مجلس الشيوخ للبيع. وفور صدور القرار، أدى بات كوين، نائب الحاكم، القسم كحاكم جديد للولاية، وتعهد بالعمل بأسرع ما يمكن لتصحيح الأوضاع في إيلينوي. أما الحاكم المعزول، فقال إنه ضحية انتقام سياسي، ووعد بأنه «سيناضل من أجل تبييض سمعته التي تلطخت»، في حين وصف الرئيس أوباما قرار العزل بأنه «نهاية لفصل مؤلم». وكال أعضاء مجلس الولاية الاتهامات ضد الحاكم المعزول ووصفوه بأوصاف مقذعة، وقالوا إنه «ماكر ومنافق وكاذب ووقح وفاسد، وهو شخص يجب حماية سكان الولاية منه». وصوت مجلس الولاية بالإجماع (59 عضوا) على قرار عزل بلاغوفيتش. ودافع الحاكم المعزول عن نفسه أمام مجلس الولاية قائلا: «إنني بريء من التهم الموجهة ضدي، وقواعد المحاكمة ليست نزيهة وظل هدفي دائما خدمة الناس». بيد أن هذه المناشدة اليائسة لم تجد آذانا صاغية، إذ وقف أعضاء المجلس واحدا تلو الآخر، كما تقتضي قواعد التصويت، للتعبير عن تأييدهم لقرار عزل بلاغوفيتش. وقال العضو الجمهوري مات ميرفي بعد التصويت: «فشل (الحاكم المعزول) في أن يكون في المستوى المطلوب، وهو لا يعبر عن كرامة ولاية إيلينوي، ولا يستحق أن يكون حاكما لنا». وكان بلاغوفيتش قد حاول بيع مقعد أوباما في مجلس الشيوخ بعد انتخابه رئيسا، لأي طامح يدفع أكثر، إما نقدا وإما عن طريق تبرعات أو عبر منح وظيفة رفيعة لزوجته.

وكان مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي)، وبعد أن نما إلى علمه أن الحاكم متورط في قضية فساد، قد سجل مكالمات هاتفية يقول فيها بلاغوفيتش: «لدي هذا الشيء (مقعد أوباما) وهو من ذهب ولن أقدمه مجانا، لن أفعل ذلك». وقال الديمقراطي جيمس مييكس عضو مجلس الولاية أثناء المحاكمة ساخرا: «لدينا هذا الشيء الذي يسمى محاكمة، وهو أيضا من ذهب، ولقد سلكنا الطريق الصحيح». بيد أن ملف قضية بلاغوفيتش لم يطو بعد، إذ إن محققين فيدراليين يعكفون الآن على تقديمه للمحاكمة في وقت لاحق بتهمة الفساد، وإذا ثبتت عليه التهمة سيمضي بلاغوفيتش جزءا كبيرا من عمره في السجن. وقال بلاغوفيتش إنه سيستدعي شهودا لإثبات براءته، مشيرا إلى أنه سيطلب شهادة رام إيمانويل رئيس موظفي البيت الأبيض والذي كان نائبا عن ولاية إيلينوي في الكونغرس قبل أن يختاره أوباما ليشغل أعلى وظيفة داخل البيت الأبيض. وقال بلاغوفيتش بعد انتقاله إلى منزله مطرودا من منصبه: «اعتقالي (التاسع من ديسمبر الماضي) كان مفاجأة كبيرة لي»، وأضاف مخاطبا المراسلين الليلة قبل الماضية: «امنحوني فرصة وسأبين لكم أنني لم أخذلكم». ويقول المحققون إن بلاغوفيتش، إضافة إلى تورطه في فضيحة بيع مقعد أوباما، ضغط على بعض الناس للتبرع لحملته الانتخابية، كما ضغط لفصل محررين من صحيفة «شيكاغو تربيون» بسبب الانتقادات التي كان يوجهها له هؤلاء الصحافيون. وكان أوباما قد اضطر للحديث عن القضية، مؤكدا أن لا أحد من مساعديه له علاقة بالموضوع، ولا يوجد أي أحد تصرف تصرفا خاطئا.

وكان بلاغوفيتش قد قاطع حضور الجلسات في الأيام الثلاثة الأولى لمحاكمته أمام مجلس الولاية، إلا أنه قرر الذهاب أول أمس والمثول أمام مجلس الولاية للدفاع عن نفسه. وألقى كلمة استغرقت 47 دقيقة اتسمت بالتواضع والنزعة العاطفية، وقال مخاطبا أعضاء المجلس: «لم تستطيعوا إثبات جريمة، ولا يمكنكم ذلك لأنها لم تحدث أصلا». وتساءل قائلا: «كيف يمكنكم طرد حاكم من منصبه بدون أدلة؟».

ولم يحضر عملية التصويت بل عاد بطائرة خاصة إلى شيكاغو. وأمضى الساعات الأخيرة من مهمته كحاكم في مكتبه، وذلك بالتوقيع على قرار بالرأفة عن رجل أعمال يعمل في مجال العقارات، سبق له أن عمل في تجارة المخدرات، وذلك قبل ساعات من صدور قرار العزل. ولم يشمل قرار العزل على قضية المقعد فقط، بل اتهم بلاغوفيتش بخرق القانون عند تعيين عمال في إطار برنامج للرعاية الصحية وبدون موافقة مجلس الولاية أنفق 2.6 مليون دولار على مصل للتطعيم ضد نزلات البرد اتضح أنه غير صالح.

وخلال الأسابيع الماضية وجد رود بلاغوفيتش نفسه معزولا وسط الطبقة السياسية في سبرينغفيلد (عاصمة الولاية) وفي شيكاغو أكبر مدن إيلينوي. وفي محاولة يائسة لتحسين صورته انتقل نهاية الأسبوع الماضي إلى نيويورك، حيث ظل يقفز من محطة تلفزيونية إلى أخرى وأجرى مقابلات مع أكبر الشبكات دافع فيها عن نفسه، وقال إنه بريء تماما. كما استضافته أوبرا وينفري أشهر نجمة تلفزيونية في برنامجها الحواري، لكن ذلك لم يزحزح أعضاء مجلس الولاية عن مواقفهم على اعتبار أن بلاغوفيتش رجل فاسد وكاذب. وعقب قرار العزل أصدر أوباما بيانا قال فيه: «اليوم انتهى فصل مؤلم بالنسبة لولاية إيلينوي... منذ أشهر والولاية تعاني شللا بسبب أزمة قيادة، الآن انتهى هذا الأمر». وكان أوباما طالب منذ البداية باستقالة بلاغوفيتش، لكن الأخير لم يبد أي تجاوب مع الدعوة، وقال إنه «سيناضل لإثبات براءته».