خبراء: عقبات قضائية تعترض استضافة فرنسا لمعتقلين من غوانتانامو

جدل حول منح المفرج عنهم حق اللجوء السياسي إلى أوروبا

TT

وافقت فرنسا، ومعها قلة من الدول الأوروبية، على استضافة معتقلين في غوانتانامو تنوي السلطات الأميركية الإفراج عنهم، ولكن هذه الموافقة دونها عقبات قضائية ومخاطر سياسية، بحسب ما يؤكد محللون.

وأعلن وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير، أن بلاده على استعداد لأن تستضيف بعض المفرج عنهم من المعتقل الأميركي، الذي أمر الرئيس الأميركي الجديد باراك أوباما بإغلاقه في غضون عام، بعد درس ملفات كل منهم «كل على حدة». ومن أصل 245 معتقلا لا يزالون في غوانتانامو (هم من اليمن وأفغانستان والسعودية والجزائر وتونس والصين) هناك حوالي 60 من بينهم ستفرج السلطات الأميركية عنهم ولكنهم، بحسب منظمات غير حكومية، لن يتمكنوا من العودة إلى بلدانهم بسبب خطر الاضطهاد الذي يتهددهم هناك. وهنا يطرح السؤال حول الوضع القانوني الذي سينطبق على المعتقلين المفرج عنهم. يقول المحامي باتريك بودوين رئيس الفيدرالية الدولية لحقوق الانسان، إن مجيء معتقلين مفرج عنهم من غوانتانامو إلى فرنسا يندرج بالدرجة الأولى في إطار «قرار سياسي». ويضيف «نحن أمام وضع مشابه جدا لما حصل مع العضو السابق في ميليشيا القوات الثورية المسلحة في كولومبيا (فارك)»، الكولومبي ويلسون بوينو المعروف باسم «ايسازا» والذي فر من الميليشيا محررا رهينة كان مسؤولا عن حراستها. وحصل ايسازا، الذي استقبلته فرنسا في ديسمبر (كانون الأول) في إطار اتفاق مع بوغوتا، على «تأشيرة إقامة طويلة» واستفاد من قرار رئاسي استثنائي، لقبوله في فرنسا. ولكن، هناك حل آخر لهذه المعضلة القضائية يتمثل في منح المعتقلين المفرج عنهم من غوانتانامو حق اللجوء السياسي في فرنسا. وهذا الحل تنادي به المحامية آن لو تاليك المتخصصة في حق اللجوء والتي تعمل مع منظمات غير حكومية على معالجة أوضاع معتقلي غوانتانامو. ومن بين هؤلاء الجزائري نبيل حاج عرب (27 عاما) المعتقل في غوانتانامو منذ 2002 والذي أعلنت السلطات نيتها الإفراج عنه. ومن جانبه أشار المفوض الأوروبي للشؤون القضائية جاك بارو، المقرر أن يتوجه قريبا إلى واشنطن، إلى أن منح حق اللجوء السياسي في إحدى الدول الأوروبية إلى أحد المعتقلين المفرج عنهم من غوانتانامو «يعني بطريقة غير مباشرة جميع دول الاتحاد الأوروبي كونه سيستفيد مستقبلا من حرية التنقل في سائر أرجاء الاتحاد». وأضاف لوكالة الصحافة الفرنسية أن «مسألة استضافة معتقلين لا يمكن أن تفرض فرضا. إن حسن نيتنا لا يمكن أن يفسر تفسيرا أعمى». مؤكدا أن «الرأي العام الأوروبي الذي تحرك ضد الاعتقالات غير المبررة، سيتحرك أيضا ضد الإفراج عن معتقلين خطرين على الأمن العام». وفي هذا الإطار أكد كوشنير أن استضافة معتقلين سابقين ستتم بعد تقييم المخاطر الأمنية والمضاعفات القضائية. ويعتبر بودوين أن «الأمر كناية عن من لا يشكلون خطرا وبين أولئك الذين تخيم حولهم شكوك جدية». ولكن غالبية المحللين يجمعون على أمر واحد، وهو أنه حتى وإن لم تكن هناك أي شكوك تخيم على معتقلين سابقين في غوانتانامو، فإن تهمة «الإرهاب» ستلاحق هؤلاء طويلا على الأرجح. وقال ديك مارتي المقرر السابق لمجلس أوروبا حول الرحلات السرية في أوروبا التي قامت بها وكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي إيه)، لوكالة الصحافة الفرنسية «أنا أرفض بشدة هذا المنطق الذي يقول: إنهم في غوانتانامو، إذا هم مذنبون. إن قرينة البراءة ليست مجرد كلام معسول». وباستثناء البرتغال وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا التي أعلنت موافقتها على مشروع استضافة معتقلين سابقين في غوانتانامو، لم يثر هذا المشروع حماسة أي دولة أوروبية أخرى، في حين أعربت دول أوروبية عدة عن معارضتها الصريحة لهذا المشروع.