الجيش الإسرائيلي يدمر 350 منشأة اقتصادية عمر بعضها يزيد على 60 عاما

خبير اقتصادي لـ«الشرق الأوسط»: تخوف من هجرة رؤوس أموال غزة

TT

كل من يتحرك في شارع صلاح الدين الذي يربط شمال قطاع غزة بجنوبه، لا بد أن يلفت نظره مشهد الشاحنات المخصصة لضخ الإسمنت المسلح الجاهز المقلوبة على جنبها على مقربة من معمل الاسمنت المسلح المدمر الواقع في ضواحي حي الزيتون، جنوب مدينة غزة. هذا المعمل الذي يعتبر أكبر معامل اسمنت مسلح في القطاع تم تدميره تماماً خلال الحرب التي استمرت 22 يوماً.

ليس هذا المعمل هو الوحيد المدمر، فالدمار في كل اتجاه، فعلى امتداد هذا الشارع المفضي الى حي الزيتون، يشاهد الزائر بشكل واضح المؤسسات التجارية والمصانع والورش المدمرة على جانبي الطريق، كما يمكن رؤية بعض الكتابات باللغة العبرية التي خلفها جنود الجيش الإسرائيلي على الجدران المدمرة قبل انسحابهم، وبعضها يقول «الموت للعرب» و«سنقتلكم جميعاً». ومن هذه المؤسسات المدمرة تدميرا كاملا، معرض غزة الدولي للسيارات، الذي يعتبر أحد المعالم الرئيسية في القطاع ويستقبل صباح كل سبت وكل ثلاثاء آلاف الفلسطينيين. واستخدم الجيش الإسرائيلي هذا المعرض كقاعدة مؤقتة لدباباته. لكن يبقى ان أحد أهم المصانع التي تعرضت للتدمير هي مجموعة مصانع «الوادية» المتخصصة في صناعة المواد الغذائية التي تنتج 127 صنفاً من المواد الغذائية القائمة منذ 61 عاماً. هذه المجموعة التي تضم مصانع لصناعة الآيس كريم والشوكولاته، فضلاً عن احتوائها لفرع لاستيراد جميع أنواع الأجبان والألبان. وأكد ياسر الداية، مدير المجموعة، أن خسائر مجموعته تبلغ 22.3 مليون دولار. إذ دمر الجيش الإسرائيلي 26 سيارة تبريد صغيرة وكبيرة لجلب البضائع الغذائية، فضلاً عن تدمير 17 دونما من القاعات المسقوفة لإنتاج المواد الغذائية، ناهيك من تدمير المحركات الضخمة والمولدات الكهربائية. وقال حامد جاد الخبير الاقتصادي الفلسطيني أن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة أسفر عن تدمير 350 منشأة اقتصادية منها إنتاجية تابعة للقطاع الخاص بشكل كلي أو جزئي. وأكد جاد لـ«الشرق الأوسط» أن المنشآت التي تعرضت للتدمير تضم منشآت صناعية وإنتاجية وخدماتية، مشيرا الى أن التدمير الذي لحق بهذه المنشآت يمثل ضربة قاصمة لاقتصاد قطاع غزة. وأوضح جاد أن 2900 منشأة اقتصادية تابعة للقطاع الخاص في غزة، تعطلت قبل العدوان على القطاع وذلك بفعل الحصار المفروض على غزة. وحذر من أن أية مشاريع لإعادة الإعمار في المستقبل قد لا تؤدي الى إعادة المنشآت الاقتصادية للعمل من جديد. وقال إن «معظم أصحاب المنشآت الاقتصادية التي دمرت قد لا يوافق على إعادة بناء مصانعهم وورشهم التي دمرت لأنهم يعتقدون أن إسرائيل ستعود مرة ثانية لتدميرها، وبالتالي فإن هؤلاء سيطالبون الدول المانحة بمنحهم القيمة المالية للمنشآت التي دمرت، ولن يوافقوا على إعادة تشييدها».

وأشار جاد الى حقيقة أن معظم المنشآت الاقتصادية مقامة في المناطق الحدودية أو بالقرب منها، الأمر الذي يعرضها للتدمير مجدداً في حال قام الجيش الإسرائيلي باقتحام غزة من جديد. وأوضح أن مساحة قطاع غزة محدودة وبالتالي فإنه في حال تم نقل المنشآت الاقتصادية من مكانها فإنها ستكون في قلب التجمعات السكانية الفلسطينية، وهذا ما لا يقبله أصحاب هذه المنشآت والجمهور. وتوقع جاد أن يحاول معظم أصحاب المنشآت الاقتصادية الحصول على قيمة منشآتهم من الدول المانحة ثم يغادروا قطاع غزة للبحث عن بيئات استثمارية مناسبة في الخارج. وأشار الى أنه سبق للكثيرين من أصحاب رؤوس الأموال الفلسطينيين أن غادروا قطاع غزة لإقامة مشاريع صناعية في مصر والجزائر والأردن ودول المغرب العربي.