كابل: مقتل 21 شرطيا في هجوم انتحاري لطالبان

«قضية بلال» تثير مشاعر معادية لأميركا في أفغانستان

TT

صرح مسؤولون أفغان بأن انتحاريا فجر نفسه أمس في مبنى حكومي جنوبي أفغانستان، ما أدى إلى مقتل 21 شرطيا وجرح 20 آخرين، فيما اعتقل الجيش ثلاثة أشخاص كانوا يعتزمون تنفيذ هجمات انتحارية في المنطقة ذاتها. ووقع الهجوم في مدينة تارين كوت عاصمة إقليم أوروزجان، عندما دخل انتحاري مركز تدريب تابعا للشرطة، وفجر سترته المليئة بالمتفجرات. وصرح زيماري بشاري المتحدث باسم الداخلية الأفغانية، بأن الانفجار أودى بحياة 21 من ضباط الاحتياط، بينما أعلن قائد شرطة المنطقة جمعة غول همات أنه أسفر أيضا عن جرح 20، بينهم سبعة في حالة خطيرة.

وأوضح همات أن الانتحاري كان يرتدي زي الشرطة، وفجر نفسه بعد أن ارتاب أفراد الشرطة فيه وحاولوا وقفه. ولم يتضح بعد ما إذا كان الانتحاري شرطيا منشقا انضم إلى طالبان، أو أنه ارتدى الزي الرسمي ليتمكن من دخول المركز. واتهم همات «أعداء أفغانستان» بأنهم وراء الهجوم، وهو الوصف الذي يستخدمه مسؤولو الحكومة الأفغانية للإشارة إلى متمردي طالبان. ولم تعلن على الفور أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم الذي يعد الأسوأ منذ أشهر. وفي الوقت نفسه أعلنت وزارة الدفاع الأفغانية القبض على ثلاثة أشخاص كانوا يعتزمون تنفيذ هجمات انتحارية، حيث كانوا يرتدون سترات مليئة بالمتفجرات بمنطقة ديه راوهود بالإقليم، وذلك بعد دقائق من الهجوم الذي نفذه زميلهم في تارين كوت. وقد نجحت طالبان في زيادة أعدادها، ووسعت نطاق نشاطها على مدار الأعوام الثلاثة الماضية، وجعلت مناطق جنوب وشرق أفغانستان على الحدود مع باكستان مركزا رئيسيا لأنشطتها.

إلى ذلك، في منتصف ديسمبر (كانون الأول)، قتلت القوات الأميركية الخاصة ثلاثة من أفراد عائلة واحدة في غارة ليلية على منزل طبيب بالقرب من خوست، بعد أن اعتقدت أنهم على علاقة بتنظيم القاعدة. وزاد من الغضب الذي أثارته هذه الغارة على جنوب شرق أفغانستان زيارة مواساة قام بها الرئيس حميد كرزاي، قال البعض إنها تهدف إلى كسب التأييد في الانتخابات المقبلة.

وقال بلال حسن الذي يعمل في قسم الصحة في المنطقة: «دخل الأميركيون دون إنذار. في البداية قتلوا واحدا من أبناء أخي يدعى أمين، يبلغ من العمر 14 عاما، بينما كان ينام بالقرب من بندقيته». واستيقظت العائلة على الصدمة عند الساعة 11 ليلا عندما هاجمت القوات الخاصة منزلهم الواقع عند سفح الجبال التي تغطيها الثلوج». وقال بلال: «خرج أخي ومعه بندقية فأطلقوا عليه النار وقتلوه، كما قتلوا زوجته التي خرجت وراءه». وأصيبت شقيقة زوجة أخيه في عمودها الفقري، ما تسبب في إصابتها بالشلل». وتابع بلال: «وبعد ذلك أطلقوا كلابهم» فهاجمت الجثث ومزقتها إربا وأكلت بعض أصابعها، ثم انقضت الكلاب على المرأة الجريحة وطفل في الخامسة من عمره». وأضاف بلال: «لقد كان الجميع يصرخون ويبكون». واستمرت عملية البحث التي قامت بها القوات الأميركية خمس ساعات. ويوضح بلال: «قام الأميركيون بتفتيش النساء بأنفسهم». وحسب تقاليد الباشتون فإن لمس الرجال لامرأة ليست فردا من أفراد أسرتهم يعد جريمة. وأضاف: «لقد أخذوا مدخراتنا، وأسلحتنا كافة، التي نستخدمها للدفاع عن النفس، وحتى وثائق بعض ممتلكاتنا. لماذا فعلوا كل ذلك؟!». وبعد أيام أصدر الجيش الأميركي بيانا قال فيه إن العملية كانت تهدف إلى «عرقلة شبكة القاعدة الإرهابية»، وإن ثلاثة «مسلحين» قتلوا عندما حاولوا إطلاق النار على الجنود.

واعتقل خمسة مشتبه بهم، من بينهم الشخص المستهدف من الغارة، والذي كان يعتقد أنه «على اتصال مباشر مع زعماء القاعدة خارج أفغانستان». لكن في خوست يدعم الكثيرون، وبينهم أجانب درسوا الحادث الذي أصبح يعرف باسم «قضية بلال»، رواية بلال الطبيب. وبعد شهر ونصف تم الإفراج عن «جميع المشتبه بأنهم من تنظيم القاعدة»، باستثناء واحد. وقال الدكتور بلال: «إن الجيش الأميركي، وربما في اعتراف جزئي منه بالخطأ الذي ارتكبه، قدم مبلغ 225 ألف أفغاني (4500 دولار) تعويضا على الغارة. إلا أنهم لم يعيدوا الأشياء التي صادروها، وما زالوا يحتجزون ابن اخي بلال، ويدعى أحمد نور، الذي كان يزور العائلة قادما من دبي حيث يعمل سائقا». وقال بلال إن نور (25 عاما) «مثلنا تماما، لم يكن من طالبان». وقدم بلال ورقة من الشركة التي يعمل فيها نور، وهي شركة لتعبئة المياه في الإمارات العربية المتحدة، جاء فيها أن نور في إجازة. وأكد مسؤول في مكتب في دبي أن نور يعمل في تلك الشركة. ويريد بلال أن يعترف الجيش الأميركي على الأقل بخطئه».

وقال مراقب غربي في ولاية خوست إنه يعتقد أن كرزاي لم يكن ليزور تلك العائلة لولا رغبته في الحصول على تأييد لإعادة انتخابه في 20 أغسطس (آب)، حيث يتوقع أن يواجه تحديات سياسية قوية بعد أن أضعفته أعمال العنف التي تهيمن على البلاد. وقد أزعجت زيارة كرزاي الأميركيين. وقال باتريك سيبر، أحد المتحدثين باسم الجيش الأميركي في خوست: «لماذا لا يفعل كرزاي الشيء نفسه عندما تقتل طالبان أبرياء؟». وكان يشير إلى هجوم انتحاري في ديسمبر (كانون الأول) أودى بحياة 14 طفلا في نفس المنطقة، ولم يزر كرزاي تلك المنطقة على أثره. وقال: «نحن ناسف لوقوع ضحايا، ولكن من وجهة نظرنا فإن العملية مبررة».