رغبة أوباما في تعيين جمهوري ثالث وزيراً للتجارة تثير استياء الديمقراطيين

وزير الصحة يعتذر عن عدم تسديده ضرائب مستحقة

TT

يثير عزم الرئيس الأميركي باراك أوباما تعيين السيناتور الجمهوري جود غريغ، وهو من ولاية نيوهامشير، وزيراً للتجارة بدلا من حاكم نيو مكسيكو بيل ريتشاردسون، استياء وسط الديمقراطيين، بعد أن وعد حاكم ولاية نيوهامشير باختيار جمهوري آخر ليملأ مقعد غريغ في مجلس الشيوخ. وفي غضون ذلك اعتذر أمس توم داشال المرشح لمنصب وزير الصحة والخدمات الإنسانية رسمياً إلى اللجنة المختصة في مجلس الشيوخ حول عدم تسديده ضرائب مستحقة، وقال إنه «محرج جداً ويشعر بالإحباط» لأنه لم يسدد مبلغاً يقدر بحوالي 120 ألف دولار كضرائب، في حين أكد أوباما تمسكه بمرشحه للمنصب، قائلا، رداً على سؤال حول ما إذا كان لا يزال يدعم مرشحه «بالتأكيد».

وفي التفاصيل قال السيناتور الجمهوري ميتش ماكونيل (ولاية كنتاكي) إن غريغ أبلغه بأن حاكم نيوهامشير الديمقراطي جون لينش سيعين جمهورياً في حالة تعيين غريغ وتثبيته من طرف الكونغرس في منصب وزير التجارة. وقال ماكونيل في حوار مع شبكة «سي بي إس» «أياً كان الشخص الذي سيعين بديلا له فسيكون جمهورياً ولن يكون للأمر تأثير على توازن القوى في مجلس الشيوخ» وإذا ما حدث هذا فسيعني إحباط مساعي الديمقراطيين لأن تتكون أغلبيتهم من 60 عضواً في المجلس الذي يضم 100 عضو. وأغلبية 60 عضواً هي العدد المطلوب لعرقلة أي مشروع يتقدم به الجمهوريون، كما أنه النصاب المطلوب لتمرير أي مشروع قانون يريدها الديمقراطيون. ويتوفر الديمقراطيون الآن على 56 مقعداً، في حين يصوت اثنان من المستقلين معهم باستمرار، وهو ما يعني أن العدد هو 58 صوتاً، في حين أن نتيجة انتخابات مقعد متنازع عليه في ولاية مينسوتا يتوقع أن ترفع عددهم إلى 59 مقعداً. ويستطيع الجمهوريون بتوفرهم على 41 مقعداً عرقلة أي مشروع يعرض على مجلس الشيوخ وتأخير إقراره، وهو الأمر الذي يريد الديمقراطيون تفاديه.

وقال مصدر رسمي في البيت الأبيض، تعليقاً على هذه التكهنات، إن ما يشغل الرئيس أوباما هو أن يكون الشخص مؤهلاً للعمل الحكومي بغض النظر عن الاعتبارات السياسية، وأضاف المصدر قائلاً «الرئيس سيختار أفضل شخص للمنصب (وزير التجارة) وبعد ذلك يتحمل الحاكم جون لينش المسؤولية كاملة ليختار من يخلفه». وأبلغ غريغ زملاءه في الحزب الجمهوري أن الحاكم لينش لن يعين ديمقراطياً لشغل مقعده. ورفض متحدث باسم الحاكم لينش الخوض في التفاصيل، وقال كولين مانينغ «هذا الأمر بين البيت الأبيض والسيناتور غريغ». ويتوقع أن تشغل مقعد غريغ، بوني نيومان، التي كانت مديرة مكتب غريغ عندما كان نائباً في مجلس النواب، وسبق لها أن عملت في البيت الأبيض خلال فترة حكم رونالد ريغان، وطبقاً للمساومات الجارية حالياً يفترض أن تشغل نيومان المقعد لمدة سنتين ثم بعد ذلك لا تخوض الانتخابات المقررة في عام 2010. وإذا عين غريغ في منصب وزير التجارة سيكون الوزير الجمهوري الثالث في إدارة باراك أوباما، إضافة إلى روبرت غيتس وزير الدفاع وراي لحود وزير النقل. وكان أوباما اختار في البداية ريتشاردسون لمنصب وزير التجارة، بيد أن تحقيقاً فيدرالياً يتعلق بقضية أثيرت حول احتمال أن يكون قد منح شركة من كاليفورنيا امتيازاً للعمل في نيومكسيكو، وهي من الشركات التي سبقت أن تبرعت له، اضطرته للاعتذار عن عدم قبول المنصب.

وفي تطورات قضية توم داشيل وزير الصحة الذي تبين أنه تملص من أداء ضرائب ليصبح الوزير الثاني بعد وزير الخزانة تومثي غيثنر الذي سبق له أن واجه هذه المعضلة في الكونغرس قبل قرار تثبيته، أرسل داشيل خطاباً إلى الكونغرس يبين فيه كيف أغفل أداء الضرائب على عمل استشاري إضافي قام به. وملأ داشيل أخيراً إقراراً معدلا لتسديد 128203 دولارات مع فوائد تبلغ 11964 دولاراً. وقال داشيل الذي شغل من قبل منصب زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ «أعتذر عن الخطأ وأعبر عن أسفي لتبديد وقتكم حول هذا الموضوع». وأمطر أعضاء اللجنة داشيل بوابل من الأسئلة أمس حول الموضوع. وقال أعضاء في لجنة الصحة والعمل إنهم سينتظرون توجيهات من لجنة المالية قبل أن يحددوا ما إذا كانت مشكلة أداء الضرائب ستؤثر أو ربما تعطل تثبيت داشيل في منصبه.

وكان الرئيس باراك أوباما قال إنه لن يعين في إدارته كل من عمل مع مجموعات ضغط (لوبي) خلال السنتين الأخيرتين، ويمكن أن يتعامل مع الملفات نفسها عبر منصبه في الإدارة، بيد أن أوباما سمح ببعض الاستثناءات في وزارات الدفاع والصحة والخزانة، ولم يكن داشيل مسجلاً كأحد أعضاء اللوبي لكنه كان يعمل مع شركة لوبي. وكان الإقرار الضرائبي الذي يعود تاريخه إلى أسبوع مضى يبين أن داشيل حصل على مبلغ 200 ألف دولار من بينها تعويضات حصل عليها من شركات تعمل في مجال الصحة. ويعد هذا المبلغ جزءًا من مبلغ ضخم حصل عليه داشيل وبلغ 5.2 مليون دولار خلال السنتين الأخيرتين، حينما عمل مستشاراً لشركات تأمين طبية ومستشفيات ومع شركات صناعية أخرى للطاقة والاتصالات. ومن بين الشركات التي تعمل في المجال الصحي والتي دفعت تعويضات إلى داشيل لقاء محاضرات ومداخلات شارك فيها، شركة «أميركا هيلث إنشورانس بلان»، التي دفعت له 40 ألف دولار لمحاضرتين، وشركة «سي إس إل» التي سددت له 30 ألف دولار، وشركة «ناشونال بورد أوف فارمسي» التي سددت له 16 ألف دولار. وقال داشيل في خطاب إلى مكتب مراقبة الأخلاقيات في وزارة الصحة إنه سيستقيل من منصبه كمستشار من عدة شركات تعمل في مجال الصحة في حالة تثبيته، ويستغنى عن تعويضات كانت تصل إلى مليوني دولار جمعها خلال السنتين الأخيرتين.

وعلى الرغم من السمعة الجيدة التي يحظى بها داشيل في مجال الصحة ومعلوماته في هذا الجانب وأفكاره لتحسين الخدمات، فإن أعضاء في مجلس الشيوخ أبدوا استغراباً أن يسهو في موضوع الضرائب وأن فريق باراك أوباما لا يكتشف موضوع الضرائب عندما كان بصدد تعيين داشيل لمنصب وزير الصحة. وأعلن الديمقراطيون تمسكهم بتعيين داشيل للمنصب، لكن الجمهوريين وجهوا انتقادات لاذعة للإدارة الجديدة التي رشحت وزيرين تبين أن لهما سجلاً سلبياً مع الضرائب. من جانب آخر، قال مانحون كبار إنهم يتساءلون حول ما إذا كانت الحماية الخاصة لأوباما كافية نظراً إلى إمكانية الوصول السهلة إليه خلال احتفالات التنصيب إلا أن الرئيس الجديد أكد أن لديه الثقة الكاملة بجهاز حمايته قائلا لواشنطن بوست «أنا أقوم بما يطلبون مني أن أقوم به».